عندما تصدر التحليلات من جامعة هارفرد الامريكية في كتاب يدرس بالجامعة و يوزع عالميا، ينخ الحاكم و يذوب مستمعا و لا يعتبرها رجاله quot;سب الذات الملكية quot; و لا تعتبرها دوائر الامن تهمة quot;قلب نظام الحكم quot; او الدعوة الى تغيير الحاكم، و لا يطالب وزير الداخلية بقانون quot;منع التعرض لرأس الدولة quot; او منع نشر الكتاب، و لا يطلب رئيس تحرير للمحاكمة بتمهة تنزيله للقراءة الالكترونية من على متصفح quot;كندل quot; من موقع امازون بخمسة عشر دولارا.

اما عندما يأتي النصح من ابناء الوطن الغيورين على ترابه و امنه و مستقبله فهم يرتعون و يضربون ب quot;حذاء الدولة quot;، و يتم تقسيمهم و تصنيف ارائهم ارتهانا بنهر الاردن و اماكن تواجدهم في تلك اللحظة شمالا و جنوبا، شرقا و غرباـ و توضع اسمائهم على لوحة المغادرين والقادمين في المطار.

الوضع لا يختلف في العديد من الدول العربية برأي مؤلف كتاب quot;صعود و سقوط الرؤساء العرب quot; استاذ دراسات الشرق الاوسط في جامعة هارفرد الذي تناول الدول العربية قاطبة من المحيط (المغرب ) الى الخليج (البحرين ) في توثيق اكاديمي لسياسات يرى انها كفيلة بالتغيير بلا استثناء في انحاء المعمورة العربية، و في تأكييد على الحريات الغائبة و الدميقراطية الصورية.

د.عبد الفتاح طوقان

و التسائل هنا هل من حق كاتب و مختص في دراسات الشرق الاوسط في هارفرد ان يكتب بمفرده مؤلفا تدريسيا شاملا جامعا ويتحمل كل المسؤولية التاريخية و التدريسية، و يقول فيه على سبيل المثال : ان الملك فشل و ان الملك نجح و ان للملك اخطاء و ان الملك غير موفق، في الوقت ان الداخل يشهد بأن هنالك تيار منافقين و متسلقي كراسي الحكم ممن يرفعون برقيات و رسائل تستخدم عبارات quot; القائد الملهم، , القائد الفذ، و الزعيم البطل quot; الى اخر تلك الترهات التى تقلل من قيمة الملك عوضا عن رفعة شأنه الحاكمية و لهم اراء اخرىفيما ذهب اليه المؤلف الامريكي !!! و في نفس الوقت في الساحة المشتعلة بالمظاهرات quot;الجمعوية quot; الشعب له رأي اخر مخالف و رجال الفكر و السياسة يطالبون بملكية دستورية وليس لهم حق النقاش او الادلاء بالراي عبر الصحف المحلية؟

طاعون مبارك و زين العابدين ينتشر من خلف سور الصين العظيم
اقصد ان جمالية الحرية والابداع تكمن في تناول الافكار و مناقشتها و التواصل حولها و معها لاجل التاريخ و التوظيف للاحداث المستقبلية و ايجاد مخارج للازمات، و فتح الصحف المحلية لكل الاراء تخدم الملكية و النظام لان كما اسلفت في مقالات سابقة كارثية وخطورة تغيير النظام الملكي رغم ما فيه من بعض اخطاء و شوائب و هو ما يحتاج الى مراجعة عقلانية و تصحيح هاديء غير غوغائي.

أن تعدد الاراء مطلوب و كفالة حرية التعبير يجب ان تصان و الا يٌهان احد او يعتقل مهما صرح او فكر او كتب لان بعكس ذلك المصير الطبيعي لرؤساء عده هو الي مواجهه ما حدث لكل من مبارك و زين العابدين و القذافي، و هو ما ينتشر طاعونا في انظمة تعتقد انها نجحت في اكاديمية quot; سوبر ستار quot; و تخطت حاجز التصويت.

لم يعد منع ادخال الكتب، او مراقبة الفاكس، او منع الصحف و المجلات ذو قيمة، الافكار و الكتب والاراء تعبر في ثوان من جوال باستخدام quot;الفايبر quot; و quot;الوتس اب quot; و البلاك بيري quot; وquot;تانغو quot; و quot;كالو توك quot; و ملفات اليو تيوب والايميل و البلو تووث و غيرها.

لم يعد اغلاق المواقع او تكميم الصحف او اصدار قانون مطبوعات موشح بارادة ملكية قادر على منع انتقال الحقيقة و الحدث من خارج البلاد الى داخلها و العكس، هو فقط قانون يؤدي الى السجن و لكن لا يمنع انتشار الحقيقة او الخبر او الوثيقة.

و بالتالي فان من يطالب بالاصلاح و تغيير السياسات و الحفاظ على اموال الدولة و حرية التعبير و ان كان ينام في مهاجع انفرادية مقيدا الى جدران صامتة مانعة لحرية الراي لكن ارائه تخطت جدران سمتية اسمنتية بارتفاع سور الصين العظيم.
الحياة الانفرادية و التفرد بالسلطة و الانتهازيون سبب السقوط.
كتاب روجر اوين يقود الى اسباب سقوط الرؤساء العرب لانهم اختاروا الحياة بدون شعوبهم، تراقفهم مجموعات انتهازية تخلدهم و ابنائهم و تدافع عن فسادهم و تسجن كل من يعارضهم، مؤسسات كاملة لخدمة الحاكم الفرد بعيدا عن الديمقراطية و حرية الشعب في اختيار الحكام و قرارت الدولة المصيرية، روؤساء جمهوريات تعاملوا مع مؤسسة الحكم مثل الملكيات التوريثية المفسدة للابناء.

حكام ركزوا على تغيير دساتير بلادهم سلبا، و ذكر هنا في كتابة أن المرحوم الملك الحسين، ملك الاردن، و الذي ساعده مجموعة من النواب اللذين انتخبوا بالتزوير احيانا ساهموا في اضافة و تعيدل مواد في دستور 1952 تمنح صلاحيات واسعة للملك و تقلل من دور البرلمان و تهمشه و تدعم حكومة مفتاح بقاؤها و رأيها في يد الملك، فاصبحت الحكومات ضعيفة مستنسخة باهتة اللون و الطعم، ترضية لسكوت و شراء الاذمام و الازلام و الاخلاقيات.

حكم الملك الحسين الاردن سنوات بدون برلمان بحجج مختلفة غير مقنعة و سنوات اخرى مع برلمان منتخب.انتهى الاقتباس.
من يحارب التغييرو الاصلاح في الاردن؟

لا بد من منع التيارات الفلسطينية المتطرفة و القومية المتطرفة من الاستيلاء على الحكم في الاردن و ذلك بمساعدة تيارات اسلامية معتدلة مثل الاخوان المسلميين حتى تبقى السلطة الاردنية في يد الملك بما يخدم مصالح المنطقة.انتهى الاقتباس
و التسائل هنا اي مصالح و اي اصلاح و اي منطقة مقصودة؟.اننا امام ملفات شائكة تبحث عن رد و حل و ساسة متعلمة قارئة و مؤتمنة على التاريخ و الاحداث، لا ان نكون فقط مجرد رد فعل لافعال، رد مؤقت بنظرية quot;الفزعة quot; التى تنتهي بزوال الفجر مثل قصص شهريار لا قيمة لها مع العلم و العلماء و مؤرخي الاحداث و معاهد البحث العلمي و الفكر الدولي.

و في فصل اخر يتعرض الكاتب الى مشاركة التيارات الاسلامية و السلفيين و الاخوان المسلميين في الانتخابات النيابية حيث يؤكد انها ترفع سقف المشاركة الشعبية من 25 بالمئة الى 37 بالمئة كما حدث في المغرب، و تزيد من حماس العامة للانتخاب و تقلل من فرص المعارضة في الشارع، وتخفف من مشاركة الاسلاميين في الحكومة، و ترفع قيد قادة التيار الاسلامي عن رقبة الحاكم مؤقتا و تسمح بتمرير القوانيين.

و يشير الكتاب ان الملك الحسن الخامس ملك المغرب افضل من الملك عبد الله الثاني ملك الاردن في التعامل مع الاسلاميين، حيث انه من خلال قانون انتخاب عصري اغلبه منقول من القانون المصري نجح في إدماج مختلف الجماعات الإسلامية المنظمة سياسيا في النظام السياسي المغربي في انتخابات 2007 و هو ما لم ينجح به ملك الاردن الذي يعول عليه انتخابات عام 2012. أنتهي الاقتباس.

و لعل ما صرح به quot;عبود الزمر quot; القيادي الاسلامي الذي اتهم بترتيب حادثة المنصة التى ادت الى مقتل السادات، في حديث نشر له في الاهرام مؤخرا، حيث قال :quot;ان النظام المصري استفاد من الاخوان و الجماعة الاسلامية في عهد السادات لضرب الشيوعية و التنظيم الناصري و الاشتراكية، انتهى الاقتباس عن حديثه لجريدة الاهرام المصرية.
ويضيف لي احد السياسيون الاردنيون ان هذا نفس ما قامت به الاردن حيث اسٌتخدم الاخوان لضرب تيارات شيوعية و فلسطينية و عشائرية و قومية و غيرها و لا يزال الى يومنا هذا حركة تغازل بين مؤسسة الحكم والاخوان المسلميين لاجل رغبة في مشاركتهم الانتخابات النيابية المقبلة!

شلل الحكام و امتيازات العسكر سببا مضافا لسقوط الرؤساء

ويشير الكتاب الى انه ليس بجديد كما هو الحال في الأردن هو في المغرب وأماكن أخرى،من العالم العربي، هنالك هذه النخبة نفسها التى تتحكم في مقررارات البلاد و العباد و ترفض التطوير و التغيير، مجموعة من كبار رجال الأعمال مع علاقات وثيقة مع كبار ضباط الجيش السابقين وضباط في مواقع حساسة ( الامن و الاستخبارات ) والذين لم ينظر بعد بشكل جيد لما يقومون به من اعمال خارج القانون، و تدفع لهم معاشات سخية وتوفير المنح وتوظيف الاقرباء و العطايا الشخصية لهم، هم انفسهم و من داخل الدولة يشكلون قيودا على الاصلاح يمنع من تواجد اقتصاد أكثر تنوعا ذو مقدرة على جذب مبالغ كبيرة من رأس المال الأجنبي.

يقول روجر اوين في كتابه ان : مملكة المغرب كانت اكثر شفافية من مملكة الاردن و حقق ملكها جذب لرؤوس اموال في الوقت الذي فشل فيه الاردن. انتهى الاقتباس.
قيام اسرائيل و عرقلة قيام دولة فلسطينية.

هذا الحدث، المغتصب للارض الفلسطينية و قيام دولة اسرائيل مع صدور القرار 242، دولة حصلت فقط لليهود من طرف واحد ادى قيام دولة (إسرائيل)، في حين ان مزيج من القوي و من الجهات الفاعلة السياسية والعسكرية، والبريطانية، والصهينوية العالمية، وبمشاركة حاكم إمارة شرق الأردن الملك عبد الله الاول، مجتمعة عملت يدا واحدة معا لمنع ظهور دولة فلسطينية، حيث ان في عيونهم الدولة الفلسطينية تشكل الالم السياسي و تقف امام الحلم بدولة اردنية هاشمية مقامة على quot;ترانس جوردان quot; او عبر النهر بمقاسات تدعم سياسات تخدم المنظقة من جهة، وايجاد اسرائيل من جهة اخرى، كلاهما يدعم بقائهم (القوى الاستعمارية ) و قد تصرف كقوة استقرار في المنطقةـ عوضا عن و بدلا من قيام دولة فلسطينية. و يضيف استاذ الدراسات الشرق اوسطية و الذي يكتب في جريدة الحياة و تنشر له المقالات في جرائد عربية و شرق اوسطية قائلا :فأن المساحة المخصصة للفلسطينيين بموجب قرار الامم المتحدة الذي صدر جعل في أيدي الأردنيين (الضفة الغربية) والمصريين (قطاع غزة).

اتسائل هنا اين الاردن و كتابها و مؤرخيها من ذلك، و هل يعقل او يتوقع ان يأتي الرد من رئيس تحرير او رئيس مجلس ادارة صحيفة لا يحمل شهادة الثانوية العامة و لا يجيد اللغةrsquo; الانجليزية!! او من ناطق رسمي او اعلامي بالديوان الملكي لا يمتلك قوة التحليل او براعة اللغة الانجليزية، بل انه غير قاريء اصلا و منهمكا في النفي و نفي النفي عبر عقود من الزمن!

يخلص الكاتب و المؤلف الموثق للتاريخ في الشرق الاوسط، الى ان المغرب والأردن، أصبحتا بشكل ملحوظ اشبة في حكمهما أكثر قربا من الجمهوريات الرئاسية المتسلطة في ممارستهما للسلطة الاستبدادية الحاكمة.

ذكرنا الكاتب الامريكي بحديث للرئيس المرحوم حافظ الاسد عام 2005 حيث قال، لن يخلفني أحد من ابنائي و من ثم أتى الرئيس بشار الاسد ابنه ممثلا للطائفة العلوية، الاقلية، و هو بتلك الاشارة يضيف quot;لا تصدقوا كل ما يقال على لسان الرؤساء و الحكام quot;.

انها الحياة، رأس و قدم، قدم الى الامام و عشرة الى الخلف مع الاستبداد و التسلط.
عزيزي quot;غوار الطوشة quot; كاسك يا وطن!!

[email protected]