كيف يمكن للجنة التأسيسية لوضع وصياغة الدستور المصري أن توافق على وضع المادة الثانية والتي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع بدون إطلاع الشعب صراحة على بنود هذه المبادئ أو احكام الشريعة الإسلامية المقصودة بهذه المادة لأني أعتقد أن أحدا لا يعرف هذه البنود كوثيقة واحدة كاملة وإلا فليضعها فورا ويخرجها للنور حتى تتضح الأمور. أليس من الواجب أن ُنعرِف الشعب اولا بنود هذه الشريعة بندا بندا ومبدأ مبدأ حتى يتم التصويت على الدستور الذي يقر أنها مرجعيته في التشريع؟
سوف تندهش عزيزي القارئ متى علمت إني بحثت كثيرا في مواقع اسلامية عن وثيقة تحتوي على كل أو جزء من مبادئ الشريعة فلم اجد نسخة واحدة متفق عليها او كاملة البنود أو المواد وفي معظم حالات البحث كنت اجد الخلاصة أنك إذا اردت ان تتعرف على الشريعة الإسلامية فهي القرآن والسنة. وهنا ظهر اول سؤال صعب لم اعرف إجابته حتى الآن. من إذن المنوط به أن يقوم بصياغة مبادئ الشريعة في الدستور ليقدمها للشعب كله مسلمين ومسيحيين في شكل بنود ومواد دستورية؟ هل الشعب أم المؤسسات الدينية والفقهاء وعلماء الدين؟ وكيف يتم اختيارهم؟
وسؤال صعب آخر.. عندما نقول مبادئ الشريعة فهل تطبيق الحدود يدخل ضمن المبادئ ام ضمن الشريعة ذاتها فإذا كان ضمن المبادئ وسوف يؤجل تطبيقها لاحقا حتى يتهيأ الشعب لهذا فلماذا لا نقول ان بعض مبادئ الشريعة هي المصدر للتشريع وليس مبادئ الشريعة؟
د. إميل شكرالله |
و هل مصطلح الشريعة الإسلامية الذي تعتمده جمهورية إيران الإسلامية أو المملكة العربية السعودية او السودان أو أفغانستان هو هو ذاته بتفسيراته ومواده أم هناك اختلافات في المفاهيم وآليات التنفيذ؟ وما هي هذه الاختلافات إن وجدت؟ وأيتها شريعة او مبادئ سوف يعتمدها الدستور المصري إذن؟
سألت بعض الذين يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية عن سبب تمسكهم بهذا المطلب فأجاب البعض لأنها شريعة الله فكيف نترك الشريعة الإلهية الكاملة الحاكمة ونضع لأنفسنا شريعة أرضية؟ اليس الله سبحانه اعلم منا بدنيانا؟ وقال البعض الآخر لأنها الوحيدة القادرة أن تحل مشاكل الطلاق عند الأقباط المسيحيين الارثوذكس. فقلت للمجموعة الأولى وهل تعرفون هذه الشريعة معرفة جيدة نصا نصا وبندا بندا؟ فلم يجب احد. وسألت البعض الآخر وهل إذا تم وضع قانون مدني يفك الشفرة بين الزواج والطلاق مثل بقية دول العالم ويقدم حلولا لمشاكلكم ستتوقف المطالبات بتطبيق الشريعة قالوا نعم نحن فقط بحاجة إلى حل هذه المشكلة.
وإذا كان هناك ثمة من يقول ان الشريعة الإسلامية كرمت المرأة أفضل تكريم فكيف نفسر قيام بعض الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية بمنع تعليم الفتيات حتى أن جمهورية إيران الإسلامية منعت الفتيات من تعلم حوالي 80 تخصص علمي بالجامعات؟ وكيف تفسر منع المرأة من قيادة السيارة؟ وكيف تفسر عدم السماح لها بالسفر إلا مع محرم؟ وكيف تفسر زواج القاصرات؟ وكيف تفسر فقه ضرب النساء؟ وكان السؤال هل هذه المبادئ منصوص عليها في الشريعة؟ أم هي اجتهادات وتفسيرات؟ الشعب يريد أن يعرف.
وإذا كان ثمة من يطرح مبدأ أن الشريعة الإسلامية لا تسمح بتولي القبطي المناصب القيادية العليا بالبلاد؟ فكيف يستقيم هذا الطرح مع كون القبطي المسيحي مواطن أصيل له كافة الحقوق وعليه نفس الواجبات؟ وهل تتوقعون أن يصوت هذا المواطن لصالح دستور ينتقص من مواطنته؟ أم أن هذا الطرح لا يدخل ضمن الشريعة الإسلامية ولا مبادئها ايضا؟ الشعب يريد أن يعرف.
وهل عدم السماح ببناء كنائس في بلاد المسلمين كما يقولون او حتى ترميمها من الشريعة الإسلامية أو مبادئها؟ لأنه إن كان الأمر كذلك فلن يصوت الأقباط المسيحيين على دستور يحرمهم من حقهم الطبيعي والأصيل في بناء كنائسهم وأديرتهم في وطنهم وبلد اجدادهم.
المطلوب وضع وصياغة مبادئ الشريعة الإسلامية في الدستور بندا بندا ومادة مادة لكي يعرف كل الشعب مسلمين ومسيحيين وغيرهم وكل العالم على ماذا يصوت المصريون. وإلا فالنتيجة الحتمية ستكون التصويت بلا وألف لا لدستور مبهم ومواد غير معروفة. أما إذا جاءت نتيجة التصويت بنعم اكثر من لا فالخسارة ستكون فادحة إذ سوف يشعر الذين صوتوا بلا نتيجة عدم وضوح مواد الدستور بخيبة الأمل وبالغربة في بلادهم وسوف يشعرون بقسوة حكم الأغلبية وظلمها لهم وهذا لا يستقيم مع مبادئ الأديان السماويه جميعها ولا حتى الأديان الأرضية.
يقول المثل المصري quot;محدش بيشتري سمك في ميهquot;. فهل اللجنة التأسيسية للدستور غير قادرة على صياغة هذه المبادئ؟ إذا كان الأمر كذلك فإما أن يتم حذف هذه المادة الثانية من الدستور، وإما أن تشكل لجنة أخرى تكون قادرة على صياغة مواد الشريعة او مبادئها في بنود مرقمة في تسلسل وصريحة من ناحية اللغة ومن ناحية المعنى والمفهوم حتى تستقيم الأمور لصالح البلاد والعباد.
[email protected]
التعليقات