حسنا فعل عميد وزراء الخارجية العرب الأمير سعود الفيصل حين رفض أول أمس خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره المصري محمد كامل عمرو quot;وساطة السعوديةquot; بين مصر والإمارات، قائلا : quot;لا إخوان مسلمين ولا غير مسلمين.. نحن لا نتدخل في شؤون الدول الأخري quot; ما يعني (الرفض الحاسم للمرة الثانية) وعلي الهواء مباشرة أمام كاميرات العالم، مثلما رفضت مطالب الوفد الإخواني (الرئاسي) الذي ذهب إلي الإمارات للإفراج عن الخلية الإخوانية قبل أيام.

التقرير الصادر عن الإمارات ndash; حسب الوكالة الألمانية ndash; نقل عن مسئولين إماراتيين (دهشتهم) من الاهتمام المصرى على هذا المستوى الرفيع فى قضية 11 شخصا، وبهذه السرعة، فى حين يوجد فى الإمارات 350 موقوفا مصريا بتهم مختلفة لم يتطرق إليهم الوفد الزائر، مشيرا إلى أن الموقوفين أسسوا شركات لتحويل أموال بطرق غير مشروعة إلى تنظيم الإخوان فى مصر.
أما ردود الأفعال الشعبية (الوطنية) في داخل مصر فقد عبرت عن اعجابها بمواقف الإمارات والسعودية وأسفها واستنكارها في الوقت نفسه لما فعله الإخوان، وذلك عبر (التعليقات الساخرة) في وسائل التواصل الإجتماعي : quot;فيس بوك quot; وquot; تويتر quot; منها، أن الدكتور محمد مرسي يثبت المرة تلو المرة أنه (إخواني لا غش فيه) وليس رئيسا لكل المصريين، وأن علي 350 مصريا المقبوض عليهم أن ينضموا لجماعة الإخوان المسلمين أولا حتي يتعطف عليهم quot;المرشدquot; ويشملهم برعايته ويصدر أوامره لمندوب الجماعة في الرئاسة بالتوسط للإفراج عنهم!
المتابع لحركة الأحداث (من خارج الشرق الأوسط) يدرك بسهولة أن دول الخليج العربي (بإستثناء قطر) أصبحت منذ يناير 2011 واقعة بين فكي كماشة حادة : quot; إيران quot; النووية وطموحاته الاستعمارية، وquot; الإخوان المسلمين quot; وأطماعهم الخليجية وتوجهاتهم التخريبية لفكرة الأوطان، ومن يراهن علي حماية الولايات المتحدة لدول الخليج إما أنه quot; واهم وساذج quot; أو أنه (مضل ومضلل).. أمريكا تركت بالفعل quot; الشرق الخطأ quot; واتجهت إلي الشرق الأدني في مطلع الألفية الثالثة أو quot; قرن المحيط الهادئ quot;، وسوف تستغني قريبا جدا عن النفط والغاز الخليجي (بدءا من عام 2020) وبالتالي سوف تتخلي عن دعم النظم الخليجية وتتركها لمصيرها أو قل قدرها المرسوم.
التقارير الاستخباراتية الصادرة من داخل الولايات المتحدة وغيرها بالنسبة لدول الخليج (مفزعة)، وأخف السيناريوهات المطروحة quot; كارثية quot;، أولا : إظهار الهشاشة (السياسية ndash; الأمنية) التي تتسم بها دول الخليج العربي الرئيسية، باعتبارها تتألف من تراكيب مصطنعة افتعلها الاستعمار الغربي، الذي جمع بين مجموعة من القبائل (والإمارات) المتباينة في دول موحدة مركزية، حافظت علي تماسكها (فقط) من خلال قمع الحريات والاستبداد السياسي.
ثانيا : تصوير ما يجري من اضطرابات قادمة (في الإعلام) بإعتباره المرحلة الثانية (والحاسمة) من مراحل القضاء علي الاستعمار وأعوانه من النظم والعائلات الحاكمة، مع التأكيد علي حق الشعوب والقبائل المختلفة في تقرير مصيرها وتقاسم الثروة والسلطة، مع إمكانية إعادة تقسيم الأرض عن طريق ظهور دول عربية جديدة من تحت أنقاض الدول القديمة المصطنعة.
ثالثا : تصحيح الخريطة العرقية (والدينية) لمنطقة الشرق الأوسط والتي أسهمت في الإبقاء علي العديد من الجماعات والطوائف والأقليات تحت ضغط الحكومات الديكتاتورية المستبدة، وهو ما جعلها في حالة سخط دائم وشكوي مستمرة من انتقاص حقوقها واهدار هويتها وثقافتها وكرامتها، ويبدو أو أمريكا قد بدأت في تصحيح هذه الخريطة ndash; حسب التقارير ndash; منذ عام 2003 حين كسرت النواة الصلبة لسلطة حكومة العراق المركزية وعملت علي تمكين الأقليات العرقية والدينية هناك، وفي المقابل سوف تظهر تجمعات جديدة علي أسس عرقية في مقبل الأيام، إذ أصبح من حق quot; الأكراد quot; الذين تشتتوا - رغما عنهم - في دول عديدة : العراق وسوريا وتركيا وإيران ، أن يتجمعوا في دولة واحدة سيعلن عنها قريبا.
السؤال المطروح هو : ما هي الصيغة التي يمكن ان تكون عليها دول الخليج العربي حتي لا تفقد الأرض والشعب والثروة ؟ وهل يمكن أن تتجنب - من الآن - هذا quot; المصير المأساويquot; ؟ وما هو حقيقة الدور الذي تقوم به دولة quot; قطر quot; ndash; مع الإخوان المسلمين ndash; في المنطقة، وهي إحدي دول مجلس التعاون (أو الاتحاد) الخليجي المزعوم ؟!
أتصور أن حديث quot; ضاحي خلفان quot; القائد العام لشرطة دبي عن وجود quot;مؤامرة دوليةquot; تستهدف الإطاحة بحكومات دول الخليج والإستيلاء على ثروات العرب، يدخل في هذا الاطار، وهو ما يتطلب تحركا سريعا وعاجلا، والضرب بيد من حديد علي التجمعات والخلايا الإخوانية وترحيل الأجانب المتورطين والمتعاطفين معهم، وقطع العلاقات مع أي دولة تثبت صلتها بما سوف يحدث في الخليج من اضطرابات، مع المتابعة الدقيقة لأنشطة quot; الشركات الأوفشور quot; - Offshore companies التي يتعامل معها الإخوان المسلمون حيث تعتمد الجماعة استراتيجية تقوم علي السرية والخداع والخفاء والعنف والانتهازية (وهي معروفة بالإسم والعنوان).
ان تغيير نظم الحكم في البلدان الخليجية المنتجة للنفط (هدف استراتيجي) حسب السيناريو الذي تم وضعه من قبل أجهزة استخباراتية غربية بمشاركة بعض دول الجوار، وأن تصدير ما يعرف بالثورات العربية علي الطريقة (الإيرانية ndash; الإخوانية) إلي دول الخليج العربي، بدأ بالفعل!