مبادرتان وتغريدة يجب أن تقرأ بعناية في هذه الأوقات الحاسمة، المبادرة الأولي للشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس الذي طالب الرئيس مرسي بالاستقالة من منصبه وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة البلاد قبل فوات الأوان، والثانية للأستاذ فهمي هويدي الذي كتب في جريدة الشروق: quot; ستكون شجاعة من الرئيس إذا بادر بالإعلان عن إجراء انتخابات رئاسية مع الانتخابات النيابية بعد ثلاثة شهور، أما التغريدة فهي للدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح الذي كتب علي quot; تويتر quot;: quot; نقدر جيشنا الوطنى فى الحفاظ على أمن الوطن، ونربأ أن يزج به فى الصراع السياسىquot;.
أهمية المبادرتين أنهما صادرتان عن أبرز المنتمين للتيار الإسلامي وليس المعارضين له أو المعادين لجماعة الإخوان المسلمين، وهما تعكسان قلقا حقيقيا مشتعلا تحت رماد الأحداث الساخنة في مصر، ناهيك عن أنهما تطرحان حلولا عملية من أجل quot; الخروج الآمن quot; من الأزمة الراهنة والمرشحة للتفاقم في الأيام القادمة.
أما تغريدة الدكتور أبو الفتوح فهي الرد الإخواني quot; الحذر quot; وquot; الخجول quot; علي تصريحات وزير الدفاع المصري اللواء عبدالفتاح السيسي الأخيرة: الذي وبخ المدنيين ( في الحكومة والمعارضة ) محذرا من أن الفوضى في الشوارع والجمود السياسي سيؤدي إلي quot; انهيار الدولة quot;، وقبل ذلك بأيام أصدر أوامر واضحة وحاسمة للرئاسة ( وسط تعتيم إعلامي فج ) بعدم نزول الميليشيات الإسلامية المسلحة في الشارع ( حازمون والإخوان المسلمون ) وإلا سيكون الرد أعنف ! ... وهو ما تلقفته الصحف الأجنبية وأعلنت في صدر عناوينها: quot; حان وقت القلق، تحذير الجيش المصري ينذر بعودة الجنرالات مرة أخري إلي السياسة quot; ( نيويورك تايمز )، أما quot;الواشنطن بوست quot; وquot; الأندبندت quot; فقد أكدتا: أن الولايات المتحدة وأوروبا قررتا ( التخلي ) عن حكم الإخوان وهو ما ينذر بتدخل quot; الناتو quot; الوشيك لحماية quot; قناة السويس quot;، لاسيما في حال رفض الإخوان التخلي عن الحكم، وعودة الجماعات الإسلامية للعنف المسلح مثلما حدث في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي.
أبو الفتوح تناسي أن quot; الجيش quot; مخول بحماية مؤسسات الدولة في مصر، وأنه سينضم حتما إلي الشعب المصري الذي أصبح ( مهيئا ) أكثر من أي وقت مضي quot; للإنقلاب العسكري quot;، ناهيك عن أن ما يحدث في ميادين وشوارع وحواري مصر لا يدل بأي حال من الأحوال علي أن الاستقرار قادم، أو أن ما يتخذ من قرارات كارثية ضد الثوار quot; غائب quot; عن عيون quot; الغرب quot; وآذانه، فقد جاء في النيوزويك أن الأحداث الأخيرة في مصر، خاصة بعد quot; إعلان الطوارئ quot; علي مدن القناة الثلاث الكبري ذات ( الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية ): quot; السويس وبورسعيد والإسماعيلية quot;، تشير إلي أن الإخوان المسلمين لا يمثلون سوي 5% من عموم الشعب المصري، وبالتالي فإنهم لا يملكون القدرة علي حفظ السلام الإقليمي خاصة معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل، حتي ولو نجحوا مرة مع حماس!
التناقض أو quot; التقية quot; التي تتبعها جماعة الإخوان المسلمين انكشفت تماما في quot; الداخل quot; و quot; الخارج quot;، وهو أسلوب لا يصلح للتعامل مع مفردات السياسة في القرن الحادي والعشرين حيث أصبحت شرايين ما تحت الجلد ظاهرة للعيان، فما بالك بسطح الجلد نفسه حين يتلون ( كالحرباء )، وعلي سبيل المثال: لا يعقل أن تدعم الإرهابيين التابعين لتنظيم القاعدة في مالي وتطمع في زيارة فرنسا أو دعمها الاقتصادي لمصر أمام الاتحاد الأوروبي، أو أن تطلب من ألمانيا أن تساعدك علي قمع شعبك وتزوير إرادته وبث الكراهية للأديان ( اليهودية والمسيحية ) والعنصرية في تصريحاتك المسجلة وفي مناهج التعليم الرسمية، كما جاء في جريدة quot; دير شبيجل quot; الألمانية تعقيبا علي زيارة مرسي الأخيرة، بينما تمثل مسألة quot; حقوق الإنسان quot; والحريات الأساسية حجر الزاوية في السياسة الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي.
إن تزايد المعارضة الدولية لحكم الإخوان المسلمين معناه أن مصر فشلت في الاختبار السياسي للمستقبل، وهو: التحول الديمقراطي التعددي الذي خاطر المصريون من أجله قبل عامين، وأن الغرب لن يسمح أبدا بتكريس quot; نظام سلطوي quot; سني quot; في قلب الشرق الأوسط الجديد، وعلي مقربة من نظام الملالي الشيعي في إيران، أما السماح بتكرار التجربة الدامية بين الجيش والإسلاميين في الجزائر، فإن quot; للناتو quot; رأي آخر بالنسبة لمصر تحديدا ... أرجو ألا يعلنه سريعا!

[email protected]