اكثر من مرّة تفاءل الايرانيون والغربيون بقرب حل لمشكلة الملف النووي الايراني، واسباب التفاؤل كثيرة، اقلها ان مشكلة الملف النووي هذه تُعتبر من اهم اسباب الصراع الامريكي / الايراني الذي تسبب بدوره بصراع بين اكثر من طرف داخل منظومة الشرق الاوسط، وطالما يعلّق محللون ستراتيجيون حل مشاكل الشرق الاوسط بما فيها المشكلة الفلسطينية على حل جذري لمشكلة الملف النووي الايراني!
هذه الايام وفي سياق اعادة المباحثات بين ايران ومجموعة (5 + 1) عادت نغمة التفاؤل هذه، صرح بذلك كبير المفوضين الايرانيين السيد جليلي، كذلك كان هناك تصريح مماثل من الطرف الآخر، خاصة وقد تخلت مجموعة (5 +1) عن بعض شروطها ومطالبها التي تُعتبر صعبةً انْ لم تكن مستحيلة من جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية، بما في ذلك اغلاق موقع تخصيب (فوردو) الاستراتيجي والاكتفاء بمطلب التخفيف من مستويات التخصيب، وزير الخارجية الايراني توقع بان تُرفع العقوباتُ الدولية ُعلى ايران تدريجيا في وقت قريب، وفيما تاكد الاتفاق بين ايران والمجموعة المفاوضة على استمرار المحادثات بين خبراء الطرفين في الشان نفسه، حيث سوف تعقد في تركيا قريبا، كان وزير الخارجية الامريكي كيري يطالب بمحادبين طهران وواشنطن.
محللون غربيون يرون ان كل هذه المقتربات تصب في صالح الراي الذي يقول بان مشكلة النووي الايراني مع الغرب دخلت مرحلة التفاؤل، ولكن محللون آخرون يرون ان التفاؤل يشككون بذلك، خاصة وقد سبق وأنْ كانت هناك نظائر مماثلة سابقا ولم تقد الى نتيجة مطمئنة، ويستند هؤلاء ليس على رصيد التجارب السابقة بل لاسباب يرونها مهمة وتدخل في صميم المشكلة،منها ان المشكلة النووية بين طهران والغرب ليست عسكرية بحتة، بل هي على علاقة متشابكة بحزمة مشاكل كثيرة،سياسية واقتصادية، فليس من المعقول ان تُطرح القضية النووية بين ايران والغرب بنكهة عسكرية بحتة، وان اي حل لهذه المشكلة مرتبط بقضايا استراتيجية عالقة بين الطرفين، أقلها موقف ايران الداعم لنظام بشار الاسد وقضية حزب الله اللبناني وعلاقتها السياسية التحريضية كما يرى الغرب مع بعض فصائل الحركة الفلسطينية وقضايا اخرى، وعليه، فإن تفاؤل الخبراء بين الطرفين لا يعكس تفاؤل السياسين بينهما بالضرورة، أضف الى ذلك، كما يقول هؤلاء المحللون ـ على الجهة الثانية من التفاؤل ـ ان الغرب لا يمكن ان يخطو خطوة نهائية في هذا الموضوع دون التفاهم مع اصدقائه من العرب، دول الخليج، الاردن،مصر، وحتى دول المغرب العربي، لاتصال ذلك بامنهم القومي،والامر هنا اكثر تعقيدا بالحليف الاستراتيجي للغرب وامريكا على وجه الخصوص، أي اسرائيل، فهل ستقبل بان تتخطى ايران الخط الاحمر، اي امتلاكها للنووي وهي التي ترى بان ذلك يكلفها وجودها بالمطلق؟
نتانياهو ورغم اخفاقه لحد هذه اللحظة بتشكيل حكومته ما فتا يؤكد بان اولوية حكومته الجديدة هي الملف النووي الايراني، واخبار تؤكد بان اهم قضية سوف يطرحها على الرئيس الامريكي اوبما في زيارته المرتقبة لتل ابيب هي المسالة النووية الايرانية، وهناك تكهنات على أنّ الطرفين قد لا يتفقان على التفاصيل، بالخصوص توجيه ضربة استباقية لايران سواء من قبل واشنطن وتل ابيب معا او من احد الطرفين بمشاركة أو عدم مشاركة الطرف الآخر، ومما يعزِّز هذا التوقع اصرار كيري على ان (حل) مشكلة النووي الايراني يجب ان يكون سلميا، ولكن يبقى القول بان التفاؤل الذي تتحدث عنه ايران والطرف الآخر يتمتع بكثير من عناصر القوة بما فيها ما تقدم، ان المشكل النووي الايراني / الغربي مُشكل مركب، ومن الصعب تذليله بالعزل عن منظومة المشاكل الاخرى بين طهران والعالم الغربي...
هنا يتساءل مراقبون، تُرى ماذا لو حصل تقدم كبير على خط المحادثات بين ايران والغرب؟
هل ستقدم اسرائيل على ضربة استباقية ومن دون علم الغرب كي تُفشل عملية برمتها؟
هذا ما لوّح به أكثر من مرّة نتانياهو، وربما كان من جملة شعاراته الجوهرية في حملته الاعلامية اثناء الانتخابات البرلمانية، وما زال يلمح به..
مراقبون وخبراء لا يستبعدون ذلك، فاسرائيل تجد في النووي الايراني هو التهديد الاكبر والاخطر منذ تاسيسها ولحد هذه اللحظة...
فهل ستقبل اسرائيل حقا على مثل هذه (الحماقة)؟
عندها يشتعل العالم!