يؤشر حادث قرية زاوية أبو مسلم من محافظة الجيزة المصرية، اين قامت جموع من quot;الهمجquot; من الرعاع و الدهماء، ممن عمل شيوخ المسخ و التطرف الديني بغسل أدمغتهم و إطلاق غرائزهم quot;الحيوانيةquot;، بضرب و سحل أربعة أبرياء من إخوانهم في الوطن و الإنسانية حتى الموت، إلى ولوجنا quot; قرونquot; انحطاطنا بامتياز.

فقبل خمسة قرون تقريبا عاشت فرنسا و دول أوربية مجاورة حالة مشابهة، انحدرت فيها حياة الغرب إلى أوضع درجاتها، حتى بلغت المأساة أوجها عندما قام الكاثوليك الذين يشكلون الأغلبية المطلقة من سكان فرنسا بذبح و سحل مالا يقل عن ثلاثة آلاف بروتستانتي خلال الليلة الفاصلة بين ٢٤ و ٢٥ أغسطس ١٥٧٢، ليس لذنب اقترفوه سوى كونهم أقلية تخالف الأكثرية عقيدتها الدينية و الطائفية، و تشكل هذه الليلة علامة عار إلى اليوم، يخجل من مجرد ذكرها كل فرنسي و أوربي و غربي حر.
و لا شك ان الحضارة الغربية اليوم، لا تفخر إلا بما أدركته شعوبها من أنظمة تقدس حقوق الإنسان و حرية الضمير و المعتقد و الإبداع، إذ ترى آلاف الناس يوميا تبدل معتقداتها الدينية و تراجع قناعاتها الفكرية و تنتقل من خانة روحانية و عرفانية إلى أخرى، دون ان يحاسبها احد، ناهيك ان يمنعها، أو حتى يعلم بها، فالناس متساوون في حقوق و واجبات المواطنة كأسنان المشط، أحرار تماماً في ما يعتقدون و يشعرون، ان شاء آمنوا و ان شاء كفروا.
و لم اجد أهل حضارة أو دين في الدنيا افتخروا أو يمكن ان يفتخروا بجرائم القتل و السحل و التعذيب و الاعتداء على الآمنين في منازلهم و التفتيش في سرائر هم و ما تراهم في قلب بيوتهم يفعلون، فضلا عن ان ينسبوا جرائمهم ضد الإنسانية للرسول (ص) أو لزوجه أم المؤمنين أو لصحابته (رض).
لقد وفرت هذه الجماعات الإسلامية التي وصلت إلى الحكم بفضل أكبر عملية quot;نصب و احتيالquot; تعرضت لها شعوب المنطقة العربية، مناخا موبوءا متأزما، دينيا و ثقافيا و اجتماعيا و اقتصاديا، و بعد ان كان متوقعا ان تبرز الثورات العربية أجمل ما في شعوبنا، خلقت هذا المناخ الذي اظهر إلى السطح أسوأ و أبشع و أحط ما في داخلنا، و بعد ان كانت أيام ثوراتنا نماذج في الوحدة الوطنية، أضحت أيام الإسلاميين نماذج للانقسام الداخلي و الفتنة الطائفية السوداء.
قالت الجموع الهائجة المائجة المنفلتة من عقال الرحمة و الإنسانية، ان الشيخ حسن شحاتة و إخوانه كانوا يسبون في أعماق بيتهم السيدة عائشة (رض) و الصحابة الكرام، و على افتراض ان الأمر صحيح، و ما هو بصحيح، فهل بمقدورنا ان نضع جهاز تصنت في مخدع كل إنسان حتى نتبين ما ان كان يجل أم المؤمنين أو يوقر أصحاب رسول الله، أم نعمل بصريح الآية القرانية quot; ولا تجسسواquot;، أم ترى الشيخ شحاته رحمه الله، و هو الذي عانى القمع الطائفي عقودا طويلة، قد جهل فجأة طبيعة المجتمع المصري السني في غالبيته، فقرر استفزاز الغالبية فيه في جمع من أبناء طائفته غير المعترف بها و بحقوقها في ممارسة شعائرها، و هو أكثر العارفين والمتابعين لحملات التحريض ضدها، من مشايخ جعلوا الدعوة إلى القتل و العنف و التعصب دينا؟
لقد سئلت أم المؤمنين عائشة عن الرسول (ص) فقالت quot; كان خلقه القرانquot; و في رواية أخرى quot;كان قرءانا يمشيquot;، و لست اشك لحظة من منطلق إيماني بان محمدا قد بعث رحمة للعالمين، ان السيدة عائشة، و كذا كل من تربى في المدرسة المحمدية، خجلون و أبرياء مما فعل المجرمون، و ان من يوصي في حالة الحرب بالشجر خيرا، لا يمكن ان يوصي في حالة الأمن و سلم بالقتل الظالم و السحل.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه موصيا واليه في مصر مالك بن الأشتر، الناس صنفان أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.. فلننظر كيف كان تلميذ النبي يفهم دين الله و ينزله، و كيف يفعل مشايخ السوء و جهلة هذا الزمان بدين الله؟