كلما دخلت مصر في منعطف أو أزمة أو نفق جديد (لا سمح الله) لا يجد فرقاء الداخل في مصر سوى الفلسطيني مكسراً لعصاه، وتبريراً للتدخلات الخارجية بحسب زعمهم، في مكونات العملية السياسية في مصر، وتحميل الشعب الفلسطيني برمته، وقطاع غزة تحديداً مسؤولية ما يجري دوماً في مصر، ما ينعكس على أحوال الفلسطينيين في قطاع غزة، وكل فلسطين بوجه عام.
ldquo;شيطنة الفلسطينيrdquo; مصطلح تحاول بعض وسائل الإعلام الموتورة تسويقه والترويج له في مخيلة الشعب المصري الطيب، لتصوير الفلسطينيين وقضيتهم، التي كانت ولا تزال قضية المصريين والعرب الأولى، وحشاً أو شيطاناً يجب التنبه منه ومواجهته وحتى محاربته!
قطاع غزة دائما ما كان الشماعة التي يتم من خلالها تدفيع ثمن الخلافات المصرية، ما عرضه إلى تحريض إعلامي وتشديد الحصار، منذ أن عزل وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، أول رئيس منتخب في تاريخ الجمهورية د. محمد مرسي.
برامج ومقالات ودعوات وحملات تحريضية صدرت خلال الفترة التالية دعت صراحة إلى ملاحقة ومهاجمة وتصفية اللاجئين السوريين البالغ عددهم أكثر من مئة وخمسين ألف لاجئ، في إحصاءات غير رسمية، واللاجئين الفلسطينيين وبالذات القاطنين في قطاع غزة، بحجة دعم الطرفين لنظام الحكم في مصر قبل تاريخ 30 يونيو، وهو أمر لا يمكن تعقله او تفهمه في ظل حملات التشنيع والتضليل الذي يمارسه بعض رموز الإعلام المصري وقنواته التي تحولت الى قنوات موتورة بكل معنى الكلمة.
المشكلة الأساسية في سيناء تكمن في وجود عناصر تسعى إلى تقسيم المجتمع المصري وضرب قوات الجيش وهذا ما لا يؤيده أحد، وأي شخص يقوم بأعمال عنف هو عنصر خارج عن القانون والأولى به أن يضرب الاحتلال الإسرائيلي؛ والنظام القائم في مصر حالياً يفرض الحصار على غزة، ويضيّق الخروج والدخول منها وإليها، ويتعاون أمنياً مع الاحتلال الإسرائيلي، كما يعتبر القطاع ldquo;إرهابياًrdquo;.
الجيش المصري يعلم أن التحريض الذي تشنه بعض وسائل الإعلام ضد غزة ناتج عن الخلاف السياسي، ومحاولات تشويه جماعة الإخوان المسلمين، فعندما قُتل 16 جندياً مصرياً في رفح العام الماضي، اتهم البعض غزة وعناصر متشددة آتية منها!؟
بيد أن الجيش المصري يواصل هدم الأنفاق الواقعة في المنطقة الحدودية مع قطاع غزة بشكل كامل، ويعتبرها مصدراً للفوضى الأمنية، وسبباً في خلق حالة من الفوضى وتهريب السلاح ودخول بعض المتشددين بناء على ما يسوقه من اتهامات.
وإلى الآن، تعتبر مصر غزة جزءًا من أرض محتلة، مشكلتها مع الاحتلال وليس مع مصر، لذا فإنها تصمم على وجوب أن تقوم (إسرائيل) بتزويد القطاع بكل احتياجاته من الغذاء والوقود والمواد الطبية وغيرها، وفقاً للقانون الدولي، ولا يمكن أن نتوقع من نظام انتقالي أن يقوم تحويل معبر رفح إلى منطقة تجارة حرة أو مشتركة بينه وبين قطاع غزة المحاصر.
فلمصلحة من يتم تسويق ldquo;شيطنةrdquo; الفلسطيني وتحويل قضية كانت واحدة من أهم القضايا لدى الشعب المصري، ما لم نقل في مقدمتها، إلى قضية تثقل كاهل المصريين المتعبين والمرهقين أساساً بملاحقة تجاذباتهم السياسية وأمورهم المعيشية الصعبة؟ وهل يقبل الشعب المصري الأصيل والطيب بمحاولات تصوير قطاع غزة على أنه ldquo;ناهبrdquo; ثروات بلد عظيم مترامي الأطراف كمصر، من كهرباء ومياه وتجارة، وإيهامه ان كل مشاكله الاقتصادية سوف تحل بعصا حصار قطاع غزة السحرية، وتعليق الفشل في توحيد المصريين وخياراتهم السياسية على مؤامرة كونية تقوم بها قوى خارجية مجاورة من السهل اتهامها بأنها تقف وراء الأحداث بحكم القرب الجغرافي، وهو ما يحدث مع الفلسطينيين والسوريين على حد سواء.
كاتب وباحث