الانتقادات الحادة التي دونها نائب رئيس الوزراء التركي quot;بكير بوزداجquot; علي موقع التواصل الاجتماعي quot; تويتر quot; لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي quot;جون كيريquot; (للتليفزيون الباكستاني) التي أكد فيها quot; أن الجيش المصري استعاد الديمقراطية .. ومنع انزلاق البلاد إلي الفوضي .. وأن حكومة مدنية تدير شؤون البلاد quot; .. هي تقريبا مفتاح (فهم) ما يجري ndash; وما سوف يحدث في مصر والمنطقة ndash; في قادم الأيام.
تركيا هي أكثر الدول quot; تضررا quot; من عزل quot; مرسي quot; والإخوان المسلمين علي المستوي الدولي والإقليمي، حيث قدمت نفسها للغرب (من الناحية السياسية) باعتبارها النموذج الديمقراطي الإسلامي لدول ما يعرف بالربيع العربي التي تسعي للتحول الديمقراطي، ناهيك عن تبدد حلم quot; الخلافة الإسلامية quot; وانشاء نظام اقليمي شرق أوسطي (يجابه الاتحاد الأوروبي) بمشاركة الأنظمة الإسلامية (السنية) وتوسيع مصالح تركيا الاقتصادية في المنطقة.
تصريحات quot; كيري quot; هي الأقوي علي الاطلاق منذ الثالث من يوليو الماضي (مبايعة الشعب المصري للجيش والقضاء علي الإرهاب)، لأنها quot; حسمت quot; مواقف الإدارة الأمريكية بما لا يدع مجالا للشك أو التحليلات السياسية العقيمة، وهي تتناغم مع رفض الكونجرس تجميد المعونة العسكرية لمصر قبل أيام (ما يعني رفض أمريكا توصيف ما حدث quot; بالانقلاب العسكري)، وزيارة quot; وليم بارينز quot; نائب وزير الخارجية الأمريكى للمرة الثانية لمصر خلال أسبوعين، ومقابلة الرئيس عدلى منصور والدكتور محمد البرادعى نائب الرئيس للعلاقات الدولية والدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء والفريق أول عبد الفتاح السيسى نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربى!
عودة الجزء الصلب من نظام مبارك : quot; المؤسسة العسكرية إلي السلطة من جديد - وليس الجزء الهشquot; الحزب الوطني السابق quot; - هو مطلب دولي وإقليمي ملح ndash; بإستثناء تركيا طبعا ndash; وهو مؤشر قوي علي (نهاية) موجة الاضطرابات والفوضي في الشرق الأوسط، فقد تسبب صعود الإسلاميين إلي الحكم (في تونس ومصر وليبيا) في اشتعال الحرب الأهلية في سوريا وزعزعة الاستقرار في لبنان والأردن، وتصاعد وتيرة العنف الطائفي في العراق، ومخاطر لا حصر لها في السعودية والإمارات والبحرين.
أما (إسرائيل) فهي تفضل التعامل مع quot; شريك معروف quot; (المؤسسة العسكرية) ولا تأمن أبدا شرور الإخوان المسلمين وظلالهم السوداء العابرة للأوطان في غزة (حماس) وسيناء (القاعدة وأخوتها) وسوريا والأردن وخلافه! .. فقد كشفت الاستخبارات quot; الغربية quot; والإسرائيلية عن أن من يقف وراء قتل الجنود المصريين في عمق سيناء والعريش ورفح، هو نفسه الذي يقتل الجنود السوريين في حلب والجنود التونسيين في جبل الشعانبي، وهو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معه مثل quot;القاعدةquot; وquot; جبهة النصرة quot; والجهاد الإسلامي.
ونتيجة لذلك أوقف الكونجرس في العاشر من يوليو الماضي تقديم المساعدات العسكرية الي المقاتلين السوريين، خوفا من وقوعها في أيدي هذه التنظيمات الارهابية (تحديدا) التي ستواجه حتما أمريكا والدول الحليفة لها .. لكن الدلالة الأهم لقرار الكونجرس هي (التوافق الروسي - الأمريكي) علي مجموعة من الملفات في الشرق الأوسط خصوصا quot; الأزمة السورية quot;. وما زيارة رئيس الاستخبارات السعودية الأمير quot; بندر بن سلطان quot; إلي موسكو ولقاء الرئيس quot; بوتين quot; إلا خطوة علي الطريق الصحيح لحل الأزمة السورية (فعليا) بالطرق غير التقليدية، والمعروف عن الأمير بندر (أو بندر ndash; بوش) كما يسمي هنا في الولايات المتحدة، أنه من أقوي الشخصيات المؤثرة في العلاقات الدولية فضلا عن كونه رجل المهام الصعبة دون منازع.
السؤال المطروح اليوم : هل سيعي التنظيم الدولي للإخوان المسلمين هذه التطورات الإقليمية والعالمية الجديدة، ويكف عن اللعب (الخاطئ) في منطقة الشرق الأوسط خاصة في مصر وسوريا وتونس، ويصدر أوامره لفرعه الرئيسي في مصر بالشراكة في الحكم (وليس الاستئثار به) مقابل الخروج الآمن لقادة الجماعة وعدم إراقة الدماء المصريين؟ أم أنه ndash; كالعادة ndash; سيعادي الجميع و(يعزل نفسه) مثلما (عزل مرسي)؟

[email protected]