بعد نقاش و جدال محتدم داخل اروقة البرلمان الايراني طوال الايام الاربعة الماضية على التشکيلة الوزارية المقترحة من جانب الرئيس الجديد حسن روحاني، تلك التشکيلة التي حاول روحاني جهد إمکانه أن ينتقي وجوه خاصة بإمکانها أن تحظى بموافقة الاجنحة المتشددة في البرلمان، لکن المسألة لم تمر بتلك السهولة و وجهت الاجنحة المتشددة ضربة موجعة لروحاني و هو في بداية صعوده على السلم الرئاسي برفضها لثلاثة مرشحين لثلاثة حقائب وزارية.

عملية الرفض هذه جاءت في الوقت الذي يحاول فيه النظام السياسي القائم في إيران إسباغ هالة غير عادية على روحاني و تصويره على أنه شخصية معتدلة ذات طابع إصلاحي و ينوي إجراء ثمة تغييرات مهمة، خصوصا وان روحاني و طوال 16 عاما قد کان الامين العام للمجلس القومي الاعلى الذي هو أعلى هيئة مسؤولة عن جميع المسائل ذات الصلة بالسياسة الخارجية و المسائل الامنية و الوطنية الحساسة، ناهيك عن أنه کان ممثلا للولي الفقيه في المجلس نفسه عشية إنتخابه، ويمکن أخذ هذا الرفض على محامل متباينة هي:
ـ قد تکون مناورة متفق عليها ضمن الحلقة الضيقة للنظام کي يکتسب روحاني ثقة دولية أکبر بنواياه و إتجاهه الاصلاحي، والذي يدفع لهکذا تصور هو أن المرفوضين الثلاثة لهم تأريخ طويل في خدمة نظام ولاية الفقيه وانهم و حتى عشية النقاش عليهم في البرلمان کانوا يؤکدون على إلتزامهم بثوابت النظام.
ـ إنه بمثابة ضوء أحمر لروحاني کي يلتزم بقواعد اللعبة الاساسية و لايتجاوزها بأي شکل من الاشکال، وليس بإمکانه أبدا أن يخطو ولو خطوة واحدة من دون الاجنحة المتشددة في النظام.
ـ إنه يجسد أزمة خانقة تعتري النظام الايراني حاليا على الاصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المختلفة من جانب، وان الاوضاع الداخلية الوخيمة قد أدخلت النظام فهzwnj; مرحلة جديدة بالغة الصعوبة و التعقيد من جانب آخر.
المرشحين الثلاثة المرفوضين، والذين کان من المزمع أن يصبحوا وزراء للتعليم و التربية و العلوم و الرياضة و الشباب، تؤکد اوساط من المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، بأن هؤلاء الثلاثة quot;قد لعبوا أخطر الادوار في الحرب و أعمال القمع و التنکيل و تصدير الارهاب و التطرفquot;، لکن الامر الذي يجب الانتباه إليه جيدا و التدقيق في مليا هو: لماذا يتم رفض هکذا عناصر أثبتت عمليا طوال الاعوام الماضية إخلاصها للنظام، وأکدت خلال الايام الاربعة الماضية و بصراحة إلتزامها بثوابت النظام؟ مالذي يجري؟ أي إصلاح و تغيير هذا الذي يجري في إيران و ماحقيقة و واقع کل هذا التناقض و التضارب؟ الاسئلة کثيرة جدا لکن الاجوبة المتاحة عليها لاتقود في خطها العام الى مفترق التغيير الايجابي في النظام وانما الى مفترق طرق تقود کلها الى المجهول، وهذا الذي يدفع للتشکيك بنوايا روحاني و مصداقيته منذ بداية مشواره و الاعتقاد بأن کل الذي يجري حاليا ان هو إلا مجرد زوبعة أخرى في فنجان النظام!.