(1)

هل أَصبحت مِصر دَولة دينية؟؟؟
نعم، مع شديد الأسف. رغم أن كل الظواهر مِن عشرات السنين تؤكد ذلك، وليس هذه الأيام.
حتى بناء وصياغة الدستور المرات الأخيرة، كان يتم "طبخه" وصناعته طبقًا لشرائع رجال الأديان "الذكور" ذوي اللحى والعمائم، السوداء منها أو البيضاء، أليس كذلك؟
طبعًا، صح الصح. فهذا حَدَثَ.
وبالتأكيد، فإن أصحاب اللحى والعمائم سيُدافعون عن حق بعضهم البعض في أن يُطبقوا شريعتهم الخاصة بهم.
وبِناء عليه:
أصحاب اللحى المسلمين، ولكي لا يُقال عليهم إرهابيين، ويُتَهموا بالتمييز بين المصريين بِناء على الدين، رغم أنهم صحيح لا يعترفون بأي بشر مِصريين آخرين غير مسلمين ومسيحيين، يبدوا أنه طبقا لتعاليمهم، فإن السماء التي يمتلكونها أمطرت فقط الإسلام المصري السُني والمسيحية المصرية بثلاث طوائف فقط.
مِن أجل ذلك، قرر أصحاب اللحى المسلمين أن يشركوا معهم أصحاب اللحى المسيحيين ويسألونهم عن تطبيق شريعتهم الخاصة بهم.
وطبعًا أصحاب اللحى المسيحيين، ها يخبوا جزء مِن الشريعة "بتاعتهم" ـ إن كانت موجودة أصلا ـ فهل هناك أحد يَدرس، أو حتى يَقرأ؟
إنها عودة لعصور ظلام الكنسية في أوربا، حين كان الشعب لا يَعرف غير ما يَسمعونه مِن أصحاب اللحى على المنابر، فهم الذين يَملكون أسرار ملكوت السماوات.
&
وتَبقى أسئلة التابعين لهم:
إنت ها تعرف أكتر مِن أسيادنا الرهبان والمَطارنة يا أيمن رمزي أفندي؟؟؟
"جاتك خيبة يا أيمن أفندي في نباهتك"!!! "هي نقصاك"!!
"إنت تيجي إيه جنب معرفش الراهب مين اللي قاعد ليل نهار في الصحراء وبيدرس الإنجيل ليل نهار"!!!!
(2)
ولنكتفي بهذا القدر مِن الشتائم والتقليل مِن شأن المعرفة، ودعنا ندخل في المقالة، ونخلص.
نقول مِن البداية، أصحاب اللحى المسيحيين سيَذهبون لكتبهم، ويختارون بمزاجهم بعض النصوص مِن زمٍن مضى، وبيئة لا تناسبنا، وثقافة غير التي نعيش فيها، ليس المهم!!!
ويقتبسوا بعض مِن بضع نصوص أخرى خاصة بآبائهم الأولين، ويقدسونها أيضًا. شريطة أنهم لا يغضبون شركائهم في اللحى المقدسة، خاصة أصحاب اللحى مِن الذكور مشرعي الدين الإسلامي.
&
ويا دار ما دخلك حرية، على وزن يا دار ما دخلك شر.
&
لكن لو نظرنا وتتبعنا أهم التعاليم التي بُنيت عليها شريعة أصحاب اللحى المسيحيين، سنجد أن أهم تعليم عندهم هو "لا مؤاخذة" ما يسمونه "التبني".
ما معنى هذا الكلام؟؟؟!!!!!
&
(3)
تعاليم أصحاب اللحى المسيحيين تقول: إن "الآب" السماوي "تبنى" البشر بعد ما أبوهم وأمهم ـ آدم وحواء ـ اخطأوا وسقطوا ووقعوا مِن السماء للأرض، فالله الآب تبناهم بفداه لهم وقبوله للتأئبين منهم.
هذه هي تعاليم المسيحية، والمفترض أن شريعة التبني الأصلية تكون أحد أساسيات أصحاب اللحى المسيحيين، عندما يضعون تشريعات لقوانين الأسرة، أليس كذلك؟؟؟؟
لكن، ماذا تقول يا عم عباس؟؟؟
وهل تستطيع الاعتراض يا عم مِحتاس؟؟؟؟؟؟
أبداً،
إياكم أي شخص يقدر أن يناقش أو يجادل!!!!
لا تجادل ولا تناقش يا أخ بطرس، ف مرقص أخذ "اللقمة" من يد ساكن الكرسي السماوي كما يقولون.
&
تحذير شديد اللهجة،
"التبني" هذا هو جزء جوهري مِن شريعة أصحاب اللحى المسيحيين، ولكننا سنتنازل عن هذا الجزء الحيوي والأصيل مِن هذه الشريعة وهذه التعاليم الجوهرية، والسبب كما يقولون: لكي لا نغضب أصحاب اللحى المسلمين، لأن تعاليمهم لا يوجد بها "تبني" الآب السماوي للبشر. حتى ولو وجد في بلد مثل مصر ملايين مِن أطفال الشوارع (وهذا موضوع جاري الكتابة فيه).
فهمتوا يا أصحابي؟
طبعاً، أنا عارف إنكم أذكياء وناصحين.
أصحاب اللحى المسيحيون، يخترعون ويصنعون "شريعة" على مزاجهم بما يتناسب مع الجو العام والتَسَيُد السُلطوي الكهنوتي المتعالي (لا تسألني ما معنى هذا الكلام الكبير!!!!!) لأصحاب اللحى المسلمين. يحذفون ويضيفون طبقاً لما يترأى لهم.
أصلها نصوص "مَطاطة"، أو كما جاءت هذه الجملة الشهيرة في المسرحية الكوميدية الساخرة: "أستك مِنه فيه".
لسان حال أصحاب اللحى في التشريع من "ذكور" الأديان هو:
نأخذ مَا يَحلو لنا ونترك مَا لا يُعجبنا.
وهكذا أصبحت القاعدة:
"نصوص مَطاطة، أستك مِنه فيه".
ما يتناسب مع تسيدنا كآلهة تمشي فوق رقاب الإنسانية، نؤيده، وما يتماشى مع حق الإنسان في أن يكون إنسان متفرد بعيداً عن قيود القطيع، نقف ضده.
&
(4)
الكتب التي قدسها أصحاب اللحى المسيحيين، سواء كتب الرسل، أو كتب الآباء الأولين، أو كتب العهد القديم، مليئة بالقصص والعِبر والعظات والسير التي تتعارض مع بعضها البعض.
فكم مِن قصص في "الكتاب المقدس للمسيحيين" لأنبياء أطهار كانوا حسب قلب "الله" تزوجوا مثنى وثلاث وحتى ثلاث مئة مِن الزوجات!!!!!
نعم، وحياة أغلى ما في حياتك عزيزي القارئ.
وكَم مِن تعاليم نادت بالزواج ورفض التبتل، وعكسها في نصوص أخرى في أوقات مختلفة نصوص شجعت على عدم الزواج إطلاقاً، وفي نفس الوقت، لم ترفض مَن يريد الزواج.
وهناك ما يمكن أن نستخرج منه نصوص تؤيد وجود أكثر مِن زوجة تحت ظل اختلاف الإيمان وقبول الطرف "المؤمن المسيحي" لهذا الوضع، وتقديسه في إطار قداسة البيت ككل.
&
وبِناء عليه، فإنه أمام التشريع لأصحاب اللحى المسيحيين، لا توجد نصوص صريحة ولا ضمنية ولا تلميحات للأحوال الجديدة ومستجدات العصر واختلاف البيئة سواء المصرية أو الشرق الأقصى، مثلاً، ومع ذلك يتمسكون بمقولة أنه "صالح لكل عصر ومكان"!!!
&
(5)
كيف يا سادة؟؟؟
التشريعات الأخيرة لأصحاب اللحى، تُذكرني ب "الحلاق" الذي أذهب له لكي يهذب لي شعري.
أقول له: "عايز أحلق زيروا".
يرد عليّ: "لأه، إنت في دكان الحلاقة بتاعي، وتحلق على مزاجي، ولو مش عاجبك شوفلك حلاق غيري".
طبعاً، لأنني حر، وأذهب إلى هذا "الحلاق" ومعي نقودي ـ لا مؤاخذة ـ والمفترض أنني اختار ما يعجبني ويريحني أنا، وليس السيد "الحلاق".
غيرت السيد "الحلاق" هذا، وذهبت إلى غيره، وجربت شخص آخر وثالث. ووجدت أن السيد "الحلاق" هو الذي يَتحكم في تهذيب شعر "الذبون"، مادام "الذبون" يقع تحت "يديه" وأدوات "الحلاقة". وحرية "الزبون" مرتبطة ب "الفوطة" الموجودة حول عنق "الزبون".
؟؟؟؟؟؟؟؟
طبعًا، الأمور لا تسير بمثل هذه البساطة والمواقف الضاحكة. والقصة تمثيل لعلاقات بين البشر في صورة بسيطة وحوار عابر.
ولكن!!!!!!!!!
&
(6)
للأسف الشديد، الدولة المصرية فرضت على مواطنيها، إما أن يكونوا تابعين لأصحاب اللحى والعمائم من "ذكور" الدين الإسلامي السني وشرائعهم التي قننوها فقط، وإما خاضعين لأصحاب اللحى والعمائم الأقباط الأرثوذكس من "ذكور" الدين المسيحي، وشرائعهم "المطاطة" الفضفاضة فقط والمصنوعة كما يشاء المتسيدين من "رهبانهم" وأحبارهم وباباواتهم.
ملحوظة عابرة، الطوائف والمذاهب والمجالس المسيحية المصرية الأخرى، لا قيمة ولا كيان، ولا تشريع ولا شريعة، ولا خصوصية شرق أوسطية لها، يسيرون في "القطيع" ك "خروف ضال" ـ وهذه مصطلحات من الإنجيل المقدس ـ يحتاج مَن يذبحه ليريحه مِن آلامه وتشققاته وصراعاته الداخلية، فيلجأون لشريعة أصحاب اللحى والعمائم المسيحيين الأرثوذكس المصريين، لكي يَشعروا بقيمتهم وسط القطيع الأكبر. يكفيهم حضور المجالس وعقد اللجان، وترديد أغاني النسبة الأكبر من القطيع. لا يختلفون في شيء إلا في أن لهم لحى تنموا إلى الداخل أو مُهذبة لا صوت لها، في لاهوت أو تعاليم حياتية.
يعلوا صوتهم في المحاكم حين يختلفون على المنح والمعونات الأجنبية، تماماً مثل المعوقين فكرياً وجسدياً حين ينتظرون الأكل ومَن يضع الأكل، أو الكلام والأفعال، في أفواههم.
&
(7)
وما بين الدولة المصرية، وأصحاب اللحى والعمائم في الكنيسة المصرية، ضاع الإنسان المصري المسيحي الذي يريد أن يمارس إنسانيته.