مرور أحد عشر عاما بلغة الزمن يعني، كما نعلم:

مرور أحد عشر ربيعا،وأحد عشر صيفا، وأحد عشر شتاءا، ويعني كذلك مرور أحد عشر موسما للهجرة في عالم بعض الطيور.. لكن الزمن الغادر الذي خيم على العراقيين، لا يزال ثابتا كساعة جدار معطوبة، لا يرجى منها فائدة، لوقوفها على زمن واحد بعناد واصرار، هو زمن القتل والتناحر والطائفية والمذهبية والأثنية،وصراع دموي لا حدود له.&

ضاعت من قواميس الكتل والأحزاب العراقية أولا مفهوم (الوطن) حيث لم يعد هنالك بالمعنى الانساني وطنا يسمى بـ ( العراق) بعد ان احتوى الحقد والظلم والاستقواء على مكامن النفوس.. لذلك لم يعد من يسكن العراق يحمل صفة ( المواطن ) كما في معظم دول العالم.. بعد ان بات صفته الحزبية والمذهبية والأثنية تسبق بفراسخ صفة المواطنة.

العراقي في أرضه أو وطنه (الافتراضي) لم يعد الا شيعيا أو سنيا أو كرديا أو تركمانيا أو كلدو أشوريا. أصبحت هذه الهوية الضيقة في مفهومها، هي الهوية الحقيقية للعراقيين، الذين يقتلون وينحرون، ويفجرون بعضهم البعض ضمن ضرورات انتماءاتهم التي تجذرت في نفوسهم بعد 2003 مع بدء هذا النظام المموه بالانتخابات، التي عجزت حتى الآن عن اعادة العراق الى مساره الطبيعي كدولة وكوطن.&

عودا الى الأحداث الخطيرة المتفجرة في محافظة الموصل، وسقوطها في أيدي ميليشيات (داعش)، والتي افرزت عن هجرة 500 ألف من سكانها صوب أربيل، فهي تبدو لغزا مثل بقية الألغاز التي تجد لها أرضية في العراق، في من يحارب من؟..&

قبل قليل مع أحد أشقائي، الذي اضطر الى ترك بيته في الموصل مع عائلته، حيث أخبرني أنه أمضى 16 ساعة، للوصول الى أربيل وسط زحام هائل لسيارات الفارين من الموصل، وأنه أمضى ساعات مضنية في الانتظار لحين انتهاء التحقيق معه من قبل رجال نقطة السيطرة، ولم يسمح له ولعائلته بدخول اربيل الا بواسطة كفيل، حيث جاءه الفرج على يد تلميذ سابق له يقطن أربيل، بعد عثوره على رقم تليفونه صدفة.. حيث منحت له ولعائلته إذنا بالإقامة لمدة 6 أيام.. إلا ان لم يبق فيها إلا لمدة يوم واحد، وعندما حدثته كان مع عائلته في طريقة الى كركوك حيث موطن أسرتنا.&

لقد تحول العراق الى ساحة دولية للتآمر، ولتجربة السيناريوهات الجديدة الساخنة، التي لا تهدف الا تدمير العراق والانسان العراق الذي فقد أدميته، وأصبح يبحث عن ظل وطن في بلد لا تزال تطحنه العذابات والظلم والارهاب، دون أن يستخرج من نكباته دروسا وعبر، تكون نقطة نور، و خروج من النفق الذي كله ظلام، والذي دفن فيه العراق منذ أحد عشر عاما.

ما حدث في الموصل يحتاج الى ألف تفسير، ولعل السؤال الأكبر في ذهن الجميع هو: أين تبخر الجيش المدجج بمختلف أنواع الأسلحة، ولماذا لم يطلق طلقة واحدة في وجه المعتدين؟..&

الأيام القادمة بالتأكيد ستحمل جوابا على التساؤلات العديدة التي تدور في أذهان المهتمين بالشأن العراقي، وأولها السقوط المريع لمدينة الموصل.&

&جنيف&