٣٧)

&

حقا ان الاعلام هو السلطة الرابعة، بعد السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، بل ان نجوم الاعلام احيانا يتفوقون في الشهرة والمال على من هم في السلطات الثلاث، ويستطيعون ان يجعلوا من الفسيخ شربات ومن البحر عسل وطحينة!! ويستطيعون ايضا ان يخسفوا الارض بمن يقف أمامهم . وهم دائماً وأبدا يبالغون ودائماً وأبدا يجعلون من الحبة قبة، لأنهم مقتنعون بان الأخبار لا تصلح الا اذا أضيف لها فلفل وشطة ، وكما يقال في عالم الاعلام: "اذا عض كلب رجلا، فان هذا خبر لا يستحق الإشارة اليه، اما اذا عض رجل كلبا فان هذا هو الخبر المثير"
ورجال الاعلام كثيرا ما يخلطون بين الخبر والراي، فترى بعض المراسلين في قلب الحدث ومن المفروض فيهم ان يعرضوا لنا بامانة ما يحدث بدون تدخل منهم تجدهم يعرضون الحدث من وجهة نظرهم او من وجهة نظر من يدفع مرتباتهم، حتى اننا نادرا ما نعثر على مصدر إعلامي محايد.
والإعلام من الممكن ان يكون له دور إيجابي في مقاومة الاٍرهاب وذلك بمحاولة توعية وتحريض الناس ضد الفكر الإرهابي المتطرف، لان الحرب ضد الاٍرهاب هي حرب فكرية في المقام الاول، حرب فكر متخلف يتوهم بامكانية العودة للوراء أربعة عشر قرنا من الزمان، وبين فكر ليبرالي مازال يحبو يحاول ان ينظر للمستقبل، وبدون إعطاء جرعات تقوية للفكر الليبرالي المتطور فلن نكسب الحرب ضد الاٍرهاب، وعلى الاعلام ان يحاول تعريف الناس بماهي الليبرالية وما هو الفكر الليبرالي وذلك بعد ان نجح الفكر المتخلف والمتطرف بان يشوه صورة الليبرالي والعلماني وادخلوا في عقول معظم البسطاء بان الليبرالية والعلمانية تعني الكفر والالحاد والبعد عن ثوابت الدين. وللاسف ان الاعلام فشل في ان يعرض وجوها مشرقة لليبراليين حقيقيين ربما عن جهل او عن قصد لان الاعلام في مجمله متخلف حتى لو ارتدى ثوب التحضر، وعلى رأي الشاعر نزار& قباني عندما قال منذ ما يقرب من ٥٠ عاما :"لبسنا ثوب الحضارة والروح جاهلية"!!

...

والتطرف والارهاب أصبحت له منافذ عديدة في اجهزة الاعلام فأصبحت له قنوات فضائية عديدة تنشر الفكر المتخلف والمتطرف وتخلق اجيالا من صغار الإرهابيين،
وبدون تجريم التحريض على العنف تجاه الاخر وتجريم نشر ثقافة الكراهية في مختلف منافذ الاعلام وبدون وضع مشايخ وفقهاء الاٍرهاب في الفضائيات وراء القضبان فان الحديث عن محاربة الاٍرهاب يصبح دربا من حرث البحر، ان الحديث عن حرية الاعلام وحرية التعبير هو حديث فارغ ما لم يكن هناك ضوابط من المسئولية، الحرية بدون مسؤولية تعتبر فوضى ، وكما نؤيد معاقبة الطبيب والمهندس والمحامي وغيرها من المهن عند الخطا المهني حتى لو لم يكن مقصودا فما بالك لو اخطا الإعلامي خطا مقصودا، الا يصح ان نعاقبه، الا يصح ان نعاقب الإعلامي الذي ادعى كذبا ان حسني مبارك استولى على ٧٠ مليار دولار!! هذا الخبر الكاذب كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وأسرعت في إقصاء مبارك ونظامه، هل يصح ان يظل هذا الإعلامي طليقا؟؟ الإعلامي او الداعية الذي يدعو لمهاجمة المسيحيين واليهود الا يستحقون السجن، الاعلام الذي ينشر صورا كاذبة لاطفال جرحى وضحايا ومتكررة يوميا بشكل دعائي وبهدف تقويض اي محاولات للسلام الا يستحقون السجن، الاعلام الذي يحرض طائفة ضد طائفة اخرى من أبناء الوطن الواحد والذي ينفخ في نيران الحروب الأهلية الا يستحقون المحاكمة والسجن؟
الناس الان وبالذات الشعوب المتخلفة لا تقرا وان قرأت لا تفهم، لذلك فتجدهم يجلسون امام التليفزيون ليل نهار يتجرعون ما يَصْب في عقولهم وجوارحهم ويصدقون كل ما يتلى عليهم حتى لو كان محض اكاذيب. والمثل القائل :"من أمن العقاب اساء الأدب " ينطبق على كل الناس من اول طفل في الثانية من عمره الي شيخ ارهابي في الثمانين من عمره.

...

وجاء القرن الواحد والعشرون بأعجوبة الأعاجيب وهي انتشار الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية انتشارا فاق كل حد وفاق كل التوقعات، وأصبح في مقدور اي شخص يملك تليفون موبايل ان ينشر شائعة على الانترنت وفي ثواني معدودة تكون قد عبرت الكرة الارضيّة من مشرقها الى مغربها. والإنترنت هو اداة عظيمة ومن اعظم ما اخترع الانسان ونحن في تقديري ما زلنا في بدايات استخدام الانترنت، ومثله مثل اي اداه يمكن استخدامها في الخير كما يمكن استخدامها في الشر مثلها مثل السكين يمكنك ان تستخدمها لتقطيع البصل ويمكن استخدامها في القتل. والأشرار في العالم اليوم كثيرون ويجب ان يكون لدى العالم اداة على اعلى مستوى لمطاردة اشرار الانترنت، فمن ينشر على النت طريقة تصنيع قنابل وتصنيع أحزمة ناسفة في منزلك هو مجرم يجب محاكمته وإغلاق مثل تلك المواقع، وان يسمح موقع اليوتيوب بنشر جريمة داعش من ذبح او حرق رهينة هذا يجب ان يتوقف وان ينتشر على الفيس بوك وغيرها من مواقع لتجنيد الإرهابيين هذه جريمة يجب ان تتوقف، وان تنتشر على النت الشائعات والشتائم وجرائم الكراهية كل هذا يجب ان يتوقف ويعاقب مرتكبوه، وجرائم الانترنت هي جرائم حديثة يجب ان نبدأ في عمل تشريعات وقوانين جديدة على مستوى العالم وليكن لمنظمة الإنتربول والامم المتحدة الريادة في هذا ويتم عمل اتفاقيات دولية لمقاومة جرائم الانترنت ، وجريمة الانترنت هي جريمة عابرة للقارات لذلك فلا يوجد وسيلة فعالة لمقاومة تلك الجريمة سوى باتفاقيات دولية شديدة لكي يعرف مجرم الانترنت بانه لن يكون له مكان على هذا الكوكب.

...

الارهابيون يعملون وينتشرون لأنهم يعملون ويتحركون بسرعة القطاع الخاص بينما من يقاومون الاٍرهاب يعملون بعقلية موظفي الحكومة، وكل يوم يكسب الاٍرهاب أرضا جديدة، اما من يقاوم الاٍرهاب فسوف يقولون لك: "فوت علينا بكرة"!!

...

[email protected]
&