انها عزلة قسرية هذه التي اعيشها منذ عام، بعد ان اصاب المرض العينين، وبانتظار عملية طبية لم يحددوا بعد موعدها.... الانسان في عزلته يعود الى الذكريات، حلوها ومرها، وتتلاطم فيه الخواطر والتداعيات.. اما كاتب مثلي، محروم من القراءة منذ عام ومحروم من استخدام الكومبيوتر، فأن اغراء الذكريات يكون اقوى واكثر تشعباً وتفرعات ... اكاشف من يتابعون مقالاتي، انني لم اعد استطيع متابعة الاحداث الهامة ، لأكتب عنها اولاً بأول، وذلك لقلة اطلاعي على ما ينشر من اراء ولعجزي عن الكتابة الالكترونية وبانتظار صديق عزيزي يأتي حسب وقته ومشاغله ليطبع ما ادون بالقلم، وقد ينشر بعد حين.....
في عزلتي المظلمة والانفرادية (إلا مع القط دودو الذي تبنيته منذ 4 اعوام) ، تندمج الخواطر العامة بالخاصة والدولية والاقليمية بإحداث العراق ومابين هذه وهذه وتلك وتلك، احاول استعادة محتويات كتب احببتها وأصبحت قراءة اي كتاب بل صحيفة، أمنية غالية جداً. اسمع اخبار سورية والمواقف المتضاربة والمتصارعة ولا اتفق مع من يريدون ان نختار بين طاغية سفاك والوحش الداعشي. فالاستبداد والظلم وفقدان العدالة وما يتصل بذلك يولد الارهاب الجهادي الدموي. ولمحاربة داعش لابد من ازاحة الظلم، والتعبئة الوطنية والإقليمية والدولية، للإجهاز بالقوة على داعش ومن يشبهه. وهو لا يحارب بمليشيات طائفية وحزب الله وفيلق القدس، ولا بتدخل عسكري روسي ذي اغراض أخرى ولا بمجرد القصف بالطائرات.. اما احداث العراق فقد كتبت في ذلك كثيراً، وانا غير متفائل وسأحاول في مقال خاص الكتابة عن العراق تخت عنوان( مقاربة عن عراق اليوم وآفاق تطوره).
في محنتي القصرية تداهمني ذكريات احباب من رفاق طريق ووالدين وأخوة وأخوات وأصدقاء ورموز عراقية وضاءة وكتاب وشعراء وساسة طليعيين... وأعود خاصة لأيام العهد ألملكي وأحن اليها برغم ما كان يشوبها من مآسي ومظالم وان ذلك العهد هو عهد ذهبي مقارنة بعراق اليوم... وأتذكر عبد الكريم قاسم، الذي كان افضل ما قدمته ثورة 14 تموز 1958، بخصاله المثالية وشعوره الوطني وحبه للشعب و نزاهته الفريدة. ان خزان الذكريات المتلاطمة بين ماضي وحاضر، عام وشخصي تجسده بكثافة هذه الصور المعلقة على جدران غرفتي . فأمامي صور العائلة، الباقين منهم والراحلين من ابوين وإخوة وأخوات وأحفاد وأحفاد الاولاد. والى اليسار صور اعضاء الهيئة التأسيسية للمدرسة والجمعية الفيليتين، وفيها المرحوم والدي وهذه الصور تذكرني بمأساة الاكراد الفيليه في عهد صدام وتشريد وتهجير مئات آلاف منهم مع الشيعة العرب من اهل الجنوب والوسط.
وكان المؤمل في العراق الجديد رد الاعتبار والممتلكات اليهم، ولكن شيء لم يتم سوى بعض الخطوات ألجزئية ولا تزال معاملات الفيليه في الادارة الحكومية تذهب الى دائرة الاجانب.
اما على يساري فصور لا تحتاج الى تعليق، بينها صورة الزعيم الشيوعي الشهيد سلام عادل والزعيم عبد الكريم قاسم والشاعر الجواهري والكاتب جعفر الخليلي والقصصي ذنون ايوب. وهنالك صورة الموسيقار الموهوب سلمان شكر الذي توفي بعد معاناة مرضية أليمة دون ان تبادر لمساعدته لا الاحزاب الكردستانية ولا الاحزاب الشيعية ولا اي مؤسسة أخرى برغم عدد من النداءات التي نشرتها طالباً إنقاذه وهكذا تكون رعاية الكفاءات والعرفان بالجميل في عراقنا الجديد .........
ولا اكتم انني وسط كل هذه الذكريات السياسية والعائلية اتذكر الاحد عشر عاما من صداقتي لقطي الراحل ريمي، الذي حرمت من زيارة قبره منذ حوالي العام بسبب حالتي الصحية.&
&