قد يتعجب أحدكم عند قراءة العنوان ويسأل عن أوجه التشابه بين التاريخين المذكورين فيه! وكي لا يكون حجم التوقعات أكبر من الأرقام المذكورة، سأسارع فوراً للتوضيح والقول بأنه ما من رابطٍ مباشر بين الإثنين، إنما هو مجرد تَلاقِ رَقمي مُلفت لتاريخ مُرعب يُلاحق حاضرنا ومستقبلنا. أحياناً أشعر بأننا بتنا نتصرف وكأننا مصابين بـ"الأريثموفوبيا Arithmophobia" أو ما يُعرف برهاب الأرقام، تماماً كما يخاف البعض من الرقم 13 أو 23 أو 11:11، أما نحن فبات لدينا 11\9 مع فارق أن خوفنا مبرر! وكيف لا يكون كذلك وقد جعلوه يبدو كتاريخ ميلاد موحَّد على هويتنا!

ولكن هل فعلاً هذا التاريخ هو الوحيد الذي صار يُشكل عُقدة لنا أم أن هناك تواريخاً أخرى فعلت فِعل الأول أيضاً!؟ إن الخوض في مَغبة الأرقام من شأنهِ أنه يُثير فيك الفضول، الأمر الذي دفعني للبحث في إطار زمني معين، تحديداً ما بين 11\9\2001 و9\11\2015 أي تاريخ البارحة، لأجد أنه لدينا العديد من العُقَد ولم نقتصر على واحدة فحسب:

فماذا عن 5\2\2003 وهو يوم تَفَوّه "كولن باول" في الأمم المتحدة بأقذر وأنتَن الأكاذيب، مُدعياً أن الروائح الكريهة التي تقلق راحة الجميع مصدرها بطون العراقيين التي تقوم بـ"الطرد المركزي" لغاز اليورانيوم! وليس مفاعل "ديمونا" الإسرائيلي المليئ بـ"الهوت دوغ" النووي الفاسد!

وماذا عن قدوم فصل "الخريف العربي" والإعلان عن افتتاحه في 17\12\2010 كموسم دائم لسياحة الفوضى والفساد تحت سُحُبٍ سوداء مُحمَّلة بنيران غزيرة أشعلت أوراق أيامنا اليابسة التي تساقطت من عمرنا.

بل مؤخَّراً، ماذا عن ادعاء نتنياهو في 20\10\2015 أن العرب هم من حرضوا هتلر على إبادة وحرق اليهود!.. أليس في هذا تمهيد لإبادة وحرق المزيد من الأخضر والأحمر عندنا. وخصوصا إذا ما علمنا –وفي ظل كل ما يتعرض له الأقصى اليوم- بأن من كان يقف وراء التحريض آنذاك هو مفتي القدس بالتحديد بحسب نتنياهو! لا أدري على من يضحك هذا "النتن" فلو كنا في تلك الحقبة بهذه القوة والرؤية السياسية المستقبلية ربما لكان لدينا اليوم وفي أقل الأحوال "فيتو" واحد في مجلس الأمن لنُسقط به جميع قرارات إبادتنا!

ثم ماذا عن "Sept/Décembre/Deux mille quinze!" وعن 31\10\2015 الذي طُبِع على رمال سيناء وعن غيرهم من التواريخ التي لا يسعني ذكرها كلها...

التاريخ إنْ حكى ما عنده في هذه الفترة الزمنية المحددة سيدهشنا بما لديه من الوقائع والأرقام! وكيف أن الترهات التي شهدناها ولا زلنا لم تقتصر على خرافة "مركز التجارة العالمي"، وكيف أنهم مستعدون لتحويل أي لحظة من أي شهر إلى أيلول ثاني!.. وتحويل أي شيئ أينما كان إلى بُرجَين آخرين نستقبل ركامهما على أراضينا ويَذهب زهاء ذلك مئات الآلاف من الضحايا بإستمرار وليس قرابة 2973 في يوم واحد فقط!

على الرغم من كل هذه الريبة، نبقى على يقين بأن الشيئ الوحيد الذي لن نأسف أبداً على هدمه ودماره سواء في 11 سبتمبر أو 9 نوفمبر أو أي تاريخ آخر، هو تلك الأبراج الوهمية التي بناها بعض أبناء جلدتنا في نفوسهم ووضعوا قلوبهم على سطوحها بعيدين جداً عن كل هذه الحقائق والضوضاء وعن كل هذا الغبار والصراخ وبعيدين عن تلطيخها بدماء العذارى وبكاء الأرامل وبَوْل اليتامى المرعوبين.
فقط إذا هدموا هذه الأبراج ونزلوا عنها ليصافحوا الملاحم... عندها ستعلو المنائر مجدداً لتعود وتنير كل أيامنا في كل الشهور.. على مر السنين.