&ساعات قليلة فصلت، بين هجمات باريس الانتحارية، والاخبار التي تحدثت عن العثور على جواز سفر سوري بالقرب من جثة أحد الانتحاريين، الامر الذي خلف بلبلة كبيرة خصوصا ان موضوع هجرة السوريين الى القارة العجوز يلقي بظلاله على الدول الاوروبية.

منذ حوالي الشهرين، تعاطف كثيرون مع قضية السوريين الهاربين من جحيم الحرب في بلادهم وذلك نتيجة عدة حوادث حصلت، كصورة الطفل ايلان، وركل الصحفية المجرية للسوري اسامة الغضب وطرحه ارضا مع نجله، وايضا صور عشرات السوريين الذين قتلوا في شاحنة استقلوها للوصول الى المانيا، ناهيك عن المئات الذين ابتلعهم البحر أثناء محاولتهم النجاة، لكن قضية جواز السفر سيساهم ومن دون ادنى شك في تأليب الرأي العام أقله الاوروبي على اللاجئين.

تساؤلات كثيرة، طرحت بعد الحديث عن جواز السفر، ومن جملة الاسئلة المطروحة، كيف لانتحاري ان يحمل جواز سفره وهو ذاهب الى تفجير نفسه؟، وما هي المواد المستخدمة في صناعة هذا الجواز، والتي تقيه الاحتراق بعد كل الذي حصل.

الاجابة المؤكدة عن اسباب وجود جواز السفر الخارق في حوزة الانتحاري، يمتلكها الاخير وحده، وبما ان من المستحيل الاستسفار منه عن اسباب حيازته للجواز، والاهم بقاءه سليما برغم التفجير، لا بد من استعراض بعض السيناريوهات التي دفعت بالانتحاري الى حمل بطاقة التعريف الخاصة به.

من الامور المطروحة، ان الانتحاري لا يهوى مخالفة القانون، وبالتالي في هذه الحالة عليه الاحتفاظ ببطاقة يتمكن من خلالها من التعريف عن نفسه اذا اوقفه حاجز امني تابع للشرطة الفرنسية، وهذه الميزة (حمل الجواز) توفر عليه الاخذ والرد، واضاعة الوقت، كما انه يقدم صورة جيدة عن اوضاع الهاربين من الحرب.

الفرضية الثانية تتمحور حول امكانية ان يعدل الانتحاري عن القيام بالعملية الموكلة اليه، ويضطر الى الذهاب الى المطار للانتقال على وجه السرعة الى مكان اخر، وبالتالي يحمل جوازه معه كي لا يتكبد مشقة العودة الى المنزل.

في المسلسل السوري "ضيعة ضايعة"، يقول سليم أو (سلينغو) الذي يقدم نفسه على أنه يتابع دراسته في القانون، ليس هناك جريمة كاملة، المجرم يحوم حول مكان الجريمة، وبكل تأكيد سيترك شيئا ما يدل عليه، فيسأله جودي (باسم ياخور)ما هو الشيء الذي قد يتركه ويتسبب في كشفه؟، فيرد سلينغو، فيلتر سيجارة، مسبحة، او اي شيء، فالعلم تطور، وبات بالامكان كشف المجرمين بسرعة، قبل ان يعود جودي ليسأله، هل يلقى القبض على المجرم بحال وقعت منه هويته، ووجدتها الشرطة،؟فيجيب رجل القانون،" ما هذا (....) الذي يأخذ بطاقته الشخصية الى موقع الجريمة ويضيعها".

خبر العثور على جواز سفر سوري، ونظرا لدقته، لا بد وان يقابل بالفرضيتين المذكورتين أعلاه، ولنعود إلى الشهر الماضي، ألم يعلن الصحافي الهولندي هارلد دورنبوس عن تمكنه من إصدار جواز سفر وبطاقة شخصية سوريين يحملان صورة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، باسم مالك رضوان من أم اسمها هبة وأب يدعى أحمد، ومن مواليد مدينة دمشق، كما قدم شرحا مسهبا عن كيفية الحصول على هذه البطاقات المزورة في غضون 40 ساعة فقط، مقابل 850 دولاراً، وذلك عبر اتصال هاتفي مع أحد مزوري الأوراق الرسمية السورية الذي طلب منه إرسال الاسم واللقب الذي يريد إرفاقهما مع صورة شخصية دون أي إثباتات أخرى.

قد يفهم من الكلام، ان المقصود نفي تورط شخص سوري في عملية التفجير، ولكن ليس هذا هو المراد، لأن تجارة جوازات سفر السوريين رائجة كثيرا، واذا كان الصحفي الهولندي دفع ثمانمئة دولار، فهناك من يعرض هذه الجوازات بخمسين دولار، في لبنان، وفي بلاد الأرز ايضا وقعت عدة عمليات تفجير بسيارات مفخخة، تبين انها مسروقة واصحابها الحقيقيين لا يزالون على قيد الحياة، فهل يمكن تحميلهم مسؤولية ما حدث؟.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل فكر من وجد جواز السفر السحري بجانب الهوية، في ردات الفعل التي من الممكن ان يتعرض لها السوريون في فرنسا ودول اوروبا بعد الإعلان عن هذه المعلومة غير المؤكدة، أم ان الأمر مقصود، كي توصد القارة العجوز ابوابها، وبالمناسبة أيضا، هناك من يسأل، هل عًثر على (المكدوس) بجانب جواز السفر؟

المكدوس: طعام مشهور مكون من البذنجان المحشي بالثوم والجوز، ينقله السوري معه في حله وترحاله.

&