فجأة وبدون اي سابق إنذار، بدأ التداول بإسم النائب اللبناني، وزعيم تيار المردة، سليمان فرنجية، كمرشح جدي لرئاسة الجمهورية اللبنانية، مدعوما من قبل رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري.

الخبر المفاجأة، الذي نزل كالصاعقة على رؤوس خصوم وحلفاء فرنجية، جاء بعد الكشف عن حصول لقاء عقد بين الرجلين، (الحريري وفرنجية)، في منزل رجل الأعمال اللبناني جيلبير شاغوري، في العاصمة الفرنسية، باريس، وتم خلاله الإتفاق مبدئيا على وصول زعيم المردة إلى قصر بعبدا مقابل عودة الحريري الى السراي الحكومي.

تساؤلات كثيرة طُرحت بعد هذا الإنقلاب، لماذا فرنجية الذي يعتبر الحليف الأوثق للرئيس السوري بشار الأسد، وكيف سيقنع الحريري حليفه الرئيسي سمير جعجع بهذا الموضوع وباقي قوى 14 اذار،؟، وطالما أن نهاية الموضوع ستؤدي إلى انتخاب مرشح ينضوي في صفوف فريق الثامن من آذار، فلماذا لم يتم قطع الطريق على الشغور الرئاسي منذ إنتهاء عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، ويبقى السؤال الأهم، هل تسمح هذه المعادلة المطروحة (الحريري-فرنجية)، بإنهاء حقبة الشتائم بين الرجلين؟.

العلاقة بين الثنائي المنتظر وصوله إلى الرئاستين الأولى والثالثة في لبنان، لم تكن جيدة في يوم من الأيام، ففرنجية كان قد أطلق سهام انتقادات عنيفة الى الحريري، عشية الانتخابات النيابية عام 2005، حيث قال يومها " اللي خلف ما مات، لكن بعد ما سمعت كلام سعد الحريري اتأكدت فعلاً إنو رفيق الحريري مات"، بالمقابل لم يوفر الحريري ايضا زعيم المردة، غامزا من قناة تحالف الأخير مع الرئيس السوري بشار الأسد، وتوالت هذه الشتائم والشتائم المضادة طيلة السنوات الماضية وصولا إلى الأشهر الأخيرة حيث دخلت هدنة غير مباشر بين الرجلين موضع التنفيذ.

يبرر السياسيون اللبنانيون، خلافاتهم بالمقولة الشهيرة للرئيس البريطاني تشرشل، " في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك مصالح دائمة"، ولكن الرئيس الذي حكم بريطانيا في مرحلة الحرب العالمية الثانية، لم يبيح تناول الأموات والرموز في مرحلة العداوة، فهذه ميزة لبنانية خالصة، ويتعاطي السياسيون معها على أساس،" كلام الليل يمحوه النهار".

الكلام عن امكانية اقدام الحريري على ترشيح فرنجية، لم يكن وحده حديث الساعة، فالمفاجأة الثانية تمثلت في تسريب اسماء شخصيات تعمل على خط إتمام التسوية المنتظرة، وهنا يبرز

إسمي رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، والمدير العام السابق للأمن العام، اللواء جميل السيد.

إذا كانت العلاقة بين فرنجية والحريري يمكن وصفها بالكحل، فالعلاقة بين جنبلاط والسيد هي العمى، لم يوفر الرجلان بعضهم في يوم من الأيام، رئيس اللقاء الديمقراطي توعد عائلة السيد وعوائل الضابط الثلاثة الآخرين، اثناء توقيفهم على خلفية قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق، رفيق الحريري، بالبكاء "دماً عندما تعلّق مشانق تلك العصابة (في اشارته إلى الضباط الاربعة).

كذلك لم يوفر السيد، جنبلاط، فقد وجه للأخير رسالة تعزية يوم وفاة والدته، جاء فيها،" ارجو في هذه المناسبة الحزينة، وفي الدمعة الصادقة التي لاحظها اللبنانيون في عينيك حزنًا على المرحومة والدتك، أن تكون قد تذكرت ولو للحظة آلاف الامهات والارامل والايتام الذين أبكيتهم قتلًا في حروبك أو أذىً في كلامك ومواقفك"، واضاف،" أسأل الله أن يتغمد الفقيدة الغالية بواسع رحمته، وأن يغفر لها كل ذنب مقصود وغير مقصود، وليس ذنبها أنها أنجبتك على النحو الذي أنت فيه، والوقت لم يفت بعد على جنبلاط للاعتذار وتغيير ما فيه".

جنبلاط نفسه كان قد وصف فرنجية أثناء إدلائه بشهادته في المحكمة الدولية الخاصة بإغتيال الحريري، بأنه كان يتصرف كزعيم عصابة اثناء توليه وزارة الداخلية في عهد رئيس الحكومة الراحل عمر كرامي، وكالعادة لم يدع زعيم المردة ان يمر تصريح جنبلاط مرور الكرام، فرد بلسان أبو الطيب المتنبي قائلا، "اذا اتتني المذمة من ناقص....فهي الشهادة بانني كامل"، أما عن حفلات الردح بين الحريري والسيد فحدث ولا حرج.

العلاقات بين الرباعي الذي يسرق الأضواء حاليا، تجمع بقية السياسيين العاملين في حقل البازار اللبناني، مد وجزر وغرام وانتقام، المتسلطون يعبئون الشارع وينفخون في نار الفتن، ويعدون الأنصار بالمغانم بعد الحسم، ثم يطلقون تصريحهم الشهير (لبنان لا يحكم الا بالتوافق)، هذا طبعا بعد سيلان الدماء وانهمار دموع البسطاء والفقراء، صدقا، كذب السياسيون اللبنانيون ولو صدقوا.

&