طريق الهاوية الذي يسير فيه لبنان فُتح امام شعبه عقب نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان قبل نهاية شهر مايو 2014.

طريق الهاوية هذا تحول إلي مسارات جبلية وعرة بمقدار الجلسات الثلاثون الفاشلة التى عقدها البرلمان اللبناني دون ان يكتمل نصابه القانوني ( 86 نائب ) لإختيار رئيس جديد للجمهورية.&

هذا الطريق زادت من وعورته ومنحدراته تهديدات البنك الدولي بوقف المساعدات الدولية لحكومة تمام سلام و برفع لبنان من قوائم مساعداته.

اليوم لبنان.. دولة وبرلمان وشعب&مطالب بأن يملأ فراغه السياسي ويوقف شلل مؤسسات الدولة، لكي ينهي المبررات غير المنطقية التى عطلت مشاريع وإتفاقات تتعلق بقروض دولية خسر الكثير منها علي إمتداد الأشهر القليلة الماضية وسيخسر الباقي منها – وهو شديد الأهمية - إذ لم تصدق السلطة الشريعية علي الإتفاقات المعلقة بين لبنان والدول المناحة وكذا المؤسسات المالية الدولية قبل يوم 31 ديسمبر القادم..&

ومطالب بقوة أن يوقف مسلسل الإختناق السياسي والشعبي الذي تتوالي مشاهده بعد فتح الستار علي لقطات النفايات وتأخر صرف مرتبات العاملين في القوات المسلحة، مروراً بتظاهرات المطالب السياسية، والتى من المتوقع ان لا تكون آخرها توقف حركة التصدير.

وكذا هو مطالب بان ترك كافة طوائفة االمتناحرة دواعي إختلافاتها شديدة الضيق لكي تنظر فقط إلي مصلحة الوطن وتحافظ علي وحدة الأرض والتاريخ.

وفوق ذلك، مطالب بان ينظر ساسته وقادة الرأي فيه حولهم في الرقعة الممتدة من سوريا إلي العراق ومنهما إلي ليبيا واليمن، ويختاروا واحد من سيناريوهين.. لا بد من حسم موقفهم منهما قبل الحادي عشر من الشهر الحالي.

الأول.. مواصلة السير ناحية الغروب في طريق الانهيار الذي تزداد انحدارته كل صباح دون تفكير او مراجعة!

الثاني.. التوقف لإلتقاط الأنفاس والإستدارة نحو المشرق والعمل معاً علي أعادة الحياة للمجلس النيابي الذي فشلت محاولات إخراجه من غرفة الانعاش.

لبنان:

لا يستحق من أبنائه ان يختاروا له السيناريو الأول.

ولا يستحق من القوي الاقليمية ذات التأثير النافذ علي مستوي ساحته الداخلية أن تتصارع علي حسابه من أجل الحفاظ علي مصالحها دون رعاية لوحدته وتاريخه.

و لا يستحق من الدول الأوربية وفي مقدمتها فرنسا أن تتخلي عنه لأسباب هو غير مسئول عنها، ولا لإنشغالات فرضتها عليها صراعات لا دخل له بها.

واذا كان أشقاؤه العرب مشغولون بأكثر مما تتحمل طاقاتهم السياسية، فعليهم أن يعوا أنهم أن لم يسارعوا إلي الأخذ بيد كافة القوي السياسية اللبنانية نحو غد واعد!! فلا خير فيهم.

لا بد ان تتفاهم هذه القوي جميعا حول كيفية إيجاد مخرج لأزمة الفراغ السياسي والشلل النيابي في لبنان.. لأن&إنعكاسات الأوضاع السورية المتردية علي لبنان بعد تكثيف روسيا الإتحادية لنفوذها السياسي والعسكري داخل دمشق، يُمثل ضاغطاً لا يمكن الإستهانة به.

وتراجع نفوذ المصالح الأمريكية في معظم المراكز المفصلية في الشرق الأوسط، يُمثل ضاغط ثان يجعل تأثير واشنطن علي مستوي الملف اللبناني في أدني مستوياته.

والتنافس السعودي / الإيراني فوق الساحة الشامية أصبح يمثل أحد أهم المخاطر التى لا بد من إستيعابها وترويضها بمعرفة قوة اقليمية كمصر، التي يمكن ان يكون لها تأثير إيجابي علي مستوي الملفين السوري واللبناني.

ولأن الكارثة العظمي التى ستقع علي لبنان ان لم تجد مساعي تقريب وجهات نظر بين كافة هذه الاطراف طريقها الصحيح والناجح لإنقاذ لبنان قبل أن تشتعل حرائقه، لن ترحم أحد منها ولن تتواني عن ضربهم جميعا بلا هوادة.

أقول ذلك:

لأن بقاء لبنان فترة أطول بلا رئيس جمهورية منتخب وتحت وطأة مؤسسات دولة في حالة عجز شبه تام.. لن يكون مقبولاً بعد الحادي والثلاثين من الشهر القادم.. لأن الأزمة الإقصادية التى ستؤثر سلباً وبقوة علي البنية التحتية والفوقية علي مستوي الدولة اللبنانية كما كشفت عنها الدول المانحة ومصادر التمويل الدولية، لن تتوقف عند إلغاء قروض كانت مدرجة لصالح الحكومة اللبنانية بلغت قيمتها مئات الملايين من الدولارات!! ولا عند إلغاء إتفاقات تتعلق بتسهيلات إئتمانية ترتبط بمشاريع سيخسر لبنان بموجبها ملايين أخري كثيرة!! بل ستتعادها إلي ما هو أخطر من ذلك بمراحل متقدمة، ونعني بذلك " شطب الدولة اللبنانية من لائحة الدول التى لها حق الحصول عي مساعدات دولية ".

هل يتخيل ساسة لبنان وزعماء أحزابه وقادة الرأي فيه معني ذلك علي ارض الواقع؟

هل يَعي هؤلاء جميعاً سلبيات إلغاء قرض فرنسي لبناء مدارس لأبناء الشعب اللبناني؟؟ وأخر لتحسين خدمات الطاقة الكهربائية المتدنية منذ أكثر من ثلاثة عقود.. وثالث كان مخصصاً لمعالجة مياه الصرف الصحي..&

هل يُقدر كل هؤلاء معني أن يحول البنك الدولي مئات الملايين من الدولارات التي كانت مخصصة للبنان إلي دول أخري؟؟ يري انها احق من حكومته بتقديم يد العون لها.. وأن يستبعد بلدهم عن قوائم البنك لسنوات قادمة لا يعرف إلا الله عددها؟؟.. ومتي يعود إليها؟؟ وكيف؟؟ وما هي الكلفة المادية والمعنوية التى عليها أن يسدد فاتورتها قبل ان تتحقق هذه العودة؟

ومعني ان تتوقف مشاريع برمتها كسد بسري في الجنوب، الذي صمم لكي يوفر مياه الشرب والري لأكثر من مليون ونصف مليون لبناني!

نقول:

لهذه القوي السياسية اللبنانية المتصارعة ليس من اجل مصلحة لبنان الدولة والشعب، أن&اصرار كل فريق منكم علي إنفاذ رؤيته هو فقط باعتبارها الأصلح وأنها تمثل وحدها الحقيقة، والتمسك في نفس الوقت بأن مرشحه هو المرشح الأكثر توافقياً من غيره.. سيرسخ من أبعاد الفراغ السياسي المتواصل منذ 18 شهر!! وسيعمق من مستويات الشلل المؤسساتي علي مستوي الدولة، وربما يمتد أثره إلي الهيئات الأمنية!!..&

ونحذر، أن&هذا الأصرار الذي يتسم بالأنانية والشخصنة:

لن تتوقف كوارثه عند التردي الإقتصادي، بل ستمتد مضاعفة إلي كافة أصعدة الدولة خاصة قطاع " النفايات السياسية " التي أشار إليها رئيس الوزراء تمام سلام.

وسيفتح أبواب التخريب السياسي علي مصراعيها.

وأخشي ما أخشاه انا وغيري من المهمومين بالشأن اللبناني، أن يفتح أيضا طاقة الحرب الأهلية - والعياذ بالله – إن لم يستجب النواب لدعوة نبيه بري رئيس البرلمان التى أطلقها في نهاية جلسة المجلس الأخيرة " لبنان يتوسل إليكم أن تساعدوه وتساعدونا قبل ان يُنفذ البنك الدولي تهديده ويزيل بلدنا من لائحة المساعدات الدولية ".&

[email protected]