&أعلنت بعض الدول إقامة التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، وهذا قد يكون خبر جيدا من نواحي متعددة، واولها انها أي الدول المتحالفة، تنفي عن نفسها ما راج من انها تدعم التطرف والإرهاب، وثانيها انها تطبق المثل ماحك جلدك الا ظفرك، فالارهاب الذي يصيب المنطقة و تتهم دول فيه بدعمه، يجب ان يقتلع بواسة هذه الدول أولا واخرا، لانها من المفترض ادرى بمسبباته.

ولكن بعض الدول التي قيل انها في التحالف او الحلف، ظهر من ردود فعلها انها أساسا لم تكن تعلم بهذه الدعوة، وهذا الامر ذكرني بحادثة وقعت معي ابان مرحلة الكفاح المسلح ضد نظام صدام حسين، حينما التحقت بالتجمع الديمقراطي الاشوري، ولانني كسمؤل للاعلام والتثقيف نويت أن أقوم بجولة على القرى الاشورية في المناطق المحررة من العراق والتي كانت تقع في إقليم كوردستان الحالي، فقد اوصاني مسؤول التجمع ان التقي ببعض الأشخاص وقال انهم من ركائزنا، وحينما وصلت الى هذه القرى وطلبت من الأشخاص الحضور وجلست معهم ظهر انهم ليسوا من ركائز ولا من المتعاطقين أيضا، كل ما في الامر انهم جلسوا مع مسؤول التجمع وحاوروه ليس الا. والحقيقة اصابني الامر باحباط كبير. هذه الحادثة تذكرتها حينما أعلنت بعض الدول انها لم تتلقى أي دعوة رسمية للانظام الى التحالف الإسلامي رغم ان اسماءها وردت في التحالف.

ولكن لمحاربة التطرف والإرهاب، ليس المرء بحاجة الى السلاح فقط، فالارهاب واضح ان منشأه ثقافي وليس نتيجة لمظالم سياسية او دينية. اليوم مطلوب من الدول التي تدعي مقارعة الإرهاب ان تزيل كل ما يكون سببا في خلق هذه الظاهرة، ولعل إعادة النظر في الكتب المدرسية وتنقيحها والحذر كل الحذر مما يعطى للأطفال كمناهج، يجب ان يكون في اوليات محاربة الإرهاب. والامر الاخر ان مراقبة أجهزة الاعلام من الصحافة والتلفزة والإذاعة، امر ضروري، وهذه المراقبة لا تعني الضغط وعدم السماح بحرية الراي، لا بالعكس فما يمارس في محطات تلفزة معينة يكاد ان يكون دعوة صريحة لقتل الاخر واحلال سفك دمه على أساس مذهبي او ديني، واستنادا الى احاديث في متون كتب السلف. ان بعض ممن يسمون علماء يعلنون اراء غريبة وعجيبة ولكنهم يحرمون على الاخر اعلان رايه بحجج واهية وغير مقبولة، ولكن ان كانت مسألة حرية الراي متوفرة لكان تم إيقاف الكثير من هؤلاء المدعين علماء ونقض حججهم. انهم يستندون الى ما يمنحونه لما وروثوه من القدسية وسلب الاخر من كل الاحقية في الوجود. وفي مثل هذه الحالة فان هؤلاء المسنودين بقوانين تعاقب كل من يعارض المقدس، سيعمون وسيعم خطابهم لا بل يمكن ان يتطور الى خطاب اكثر تشددا كما نلاحظه في ممارسات داعش واخواتها.

لا تزال صورة ذالك الخطيب الذي كان يام جماعة ويلقي خطبة فيهم، وقد ابتداء بالطلب من الله ان يمحي اليهود والنصارى ولكنه تشدد اكثر مع الشيعة، فلعدة مرات كررطلبه من الله ان يمحي الشيعة او يزيلهم اوييتم ابناهم او يرمل نسائهم، فلو كان تم اسكات مثل هذا من اول يوم لانه يدعي الى القتل والى الكره والحقد، لما تجرأ اخرون للذبح الفعلي.

اذا لكي يكون عمل التحالف الإسلامي المعادي للارهاب نافعا ومؤثرا، فعليه ان يقوم بثورة حقيقية في داخل كل دولة إسلامية وخصوصا بعض الدول المعروفة بالتشدد، ثورة تدعوة لانسنة التعاليم والمفاهيم. والى رفع شعارات تدعوا للاخوة الإنسانية، فالله الذي خلق المسلم والسني خلق أيضا المسيحي والشيعي والهندوسي والخ. اما من يريد ان يغير ما خلقه الله او انه يعتقد ان الله أخطاء في ما فعله، ولذا فهو يريد اصلاح الخطاء بإزالة كل من لا يؤمن بالصورة التي يراها صحيحة، فهو بالتأكيد اما يريد اخذ مكانة الله او انه يهين الاله.

ان دعوة التحالف الإسلامي المضاد للارهاب، ان لم تأتي أولا من الداخل، فانها ستشعل الداخل شاء الداعين ام ابوا. لان اغلب هذه الدول تضم تنوع واسع من المذاهب الإسلامية المختلفة أساسا، قبل ان نقول انها تضم اديانا أخرى. فالتحالف والحال هذه اما انه حقا تحالف لمحاربة الإرهاب، وتجفيف منابعه، او انه ادعاء لمحاربة دول بعينها وعلى أساس مذهبي ليس الا. ان على بعض الدول التي تحاول ان تمييز نفسها عن كل دول العالم بحجة الدين، ان تدرك ان الإنسانية ترتقى فوق الدين، فكفى الألعاب البهلوانية التي حاول العرب لعبها مرارا بحجة التماييز، تماييز ما يقترفوه لانه لاسباب عادلة، حسب ادعاءهم لتبرير الإرهاب بكل اشكاله لحد وصل الامر بهم الى محاولة العمل من اجل الاتفاق على قانون خاص بهم لتعريف الإرهاب، وان لم ينجحوا نتيجة التحولات الدراماتيكية التي حدثت في المنطقة من أواخر تسعينيات القرن الماضي ولحد الان.

المعادلة البسيطة لمحاربة الإرهاب تعني الانفتاح الفكري والإعلامي والاجتماعي والا الانفجار الداخلي.