&أدرك جيداً أن يد الله مع الجماعة؛ وعندي فكرة عن بيت الشعر الذي يشير أن العصي تأبى أن تتكسر إذا اجتمعت وأنها تتكسر إذا أصبحت فرادى، وأعرف أن الاتحاد قوة فما بالك بالتحالف. لكني لا أستسيغ هذا السيل التحالفي الجارف الذي يأخذ شكل الجماعة، وهذا طبعاً ليس التحالف الأول، فقد بدأ بالتحالف الدولي ضد القاعدة في أفغانستان مروراً بتحالف دولي ضد العراق وآخر عربي في اليمن ولا أظنه سينتهي بالتحالف الإسلامي الجديد؛ فهو يبدأ بهدف معلن نبيل ولا غبار عليه ولكنه ينتهي نهاية مرعبة، لهذا نشك أحياناً بأن الأهداف المعلنة هي نفسها تلك الأهداف الحقيقية. فالتحالف ضد القاعدة وطالبان جاءنا بأفغانستان لا يرى أنها ديمقراطية إلا أصحاب التحالف أنفسهم وبقيت القاعدة وطالبان؛ والتحالف ضد العراق بدأ لتحرير الكويت ثم بدعة أسلحة الدمار الشامل والحال الآن يغني عن السؤال؛ وهذا الحالي الذي يقذف حممه فوق رؤوس الحوثيين (بالمناسبة أليس الحوثيون يمنيين!!) من الصعب الحكم على نتيجته الآن رغم أن الصورة الحالية قاتمة جداً. وهنا يبرز السؤال حول التحالف الجديد الذي أعطي عباءة إسلامية لمكافحة الإرهاب وتشير البوصلة الظاهرة ربما لما يسمى داعش ولا نعرف مصير سوريا فيه فعلى ما يظهر أن تماسك سوريا ككيان ما زال عقبة في القضاء على إرهاب داعش!&

أمورٌ كثيرة عصية على فهم المتابع لما يجري وخاصة فيما يجري من تداخلات في كيانات هذه التحالفات التي نلاحظ تغيراً جوهرياً في طريقة تشكيلها؛ فبعد أن كانت تأخذ الصبغة الدولية أصبحت تلبس اللباس العربي في موضوع اليمن والإسلامي في التحالف القادم ولا نعرف إن كانت نشاطات هذه التحالفات ستتجاوز المنطقة العربية لتصل أعماق العالم الإسلامي خارج المنطقة العربية. لا ندري سبب توسعة مظلة الدول المشاركة بالتحالف هذا. أهي الرغبة بالغنيمة عند توزيعها، أم المشاركة بالأجر الرباني عندما يجتثوا الإرهاب.

وهناك أمر آخر ربما لم يفت القائمين عليه وهو الوجود الإيراني والروسي بسوريا؛ وهاتان القوتان لا علاقة لهما بهذا التحالف. فإذا صح الاستنتاج أن هذا التحالف سيكون هدفه داعش فهل سيتعاون التحالف مع روسيا وإيران أم سيحاربهما أم سيقاسمهما ما سيفتح الله عليهم به.&

لقد أثبتت كل هذه التحالفات فشلها بتحقيق أهدافها (الظاهرة طبعا) في كل الأماكن التي ضربتها قوتهم فلماذا لا نبحث عن أساليب أفضل من عسكرة التحالفات. هذه المناطق المنكوبة بوضعها قبل دخول التحالفات أو بعدها بحاجة للتفاهم والحوار معها أكثر من حاجتها لتحالفات. فالتفاهمات تقود إلى تنمية البلدان ورخاء شعوبها وتشيع روح التعاون بين الدول وليس الكراهية والعدوان. من قال أن الشعوب ستنسى ما حل بها من دمار نتيجة هذه الضربات المدمرة!&

بالمناسبة لا علاقة لي بالقاعدة ولا أروج لداعش ولا أحب الحوثيين ولكني لا أعتقد بهذه كمبررات كافية لكل هذه التحالفات العسكرية. لا يجب أن تنخدع الدول الداعية لهذه التحالفات بقوتها العسكرية أو المادية كما جاء بقصيدة الشاعر الانجليزي Rudyard Kipling (Dane-Geld). وهناك أمر هام أن نتائج كل هذا الهدير ستقع على رؤوسنا جميعا ضحايا ومهاجمين.&

في الختام عندي سؤال وهو لماذا لا نجرب التحالفات الأيدلوجية مثلاً؟ لماذا لا نجفف منابع كل هذه العصابات فمنابعها مالياً وفكرياً بين أيدينا نحن؟

وهناك سؤال صغير آخر وهو متى سنشهد تحالفاً عربياً إسلامياً أو تحت أي مسمى ترونه مناسبا ليواجه الإرهاب الأكبر في المنطقة وهي الدولة (الي ما تتسماش) كما يقول الإخوة المصريون. طبعا عرفتوها؟ أم أن الأولوية الآن هي للإرهاب!!

&