بعد تحرير مدينة غريه سبي من يد تنظيم داعش، من قبل قوات الحماية الشعبية، قبل&ستة أشهر وربطها بمدينة كوباني، خرج علينا القادة الأتراك بدءً من اردوغان وإنتهاءً بأخر موظف في الخارجية التركية، يتوعدون الكرد بالثبور وعظائم الأمور، إن هم تخطوا خطوة واحدة غرب نهر الفرات باتجاه مدينة عفرين، وفكك الحصار عنها وربط المقاطعة بباقي المناطق الكردية.&

وكرر الأتراك تهديدهم ههذا مرارآ وتكرارآ، وأعلنوا بأنهم سوف يتدخلون عسكريآ في حال عبرت القوات الكردية نهر الفرات. عندها كتبت وقلت:" على الكرد أن لا يعطوا بالآ لهذه التصريحات الجوفاء"، فالأتراك على مدى خمسة سنوات من الأزمة السورية، أطلقوا تهديدات عنترية كثيرة، ولكن في الواقع لم يستطيعوا تنفيذ أية منها، وذلك لضعف الموقف التركي ورفض أمريكا وأوروبا لسياسة تركيا في سوريا، وثانيآ لخشية تركيا من رد فعل إيران سلبي وروسيا معها. والدليل على ذلك فشل تركيا في إنشاء منطقة عازلة ممتدة من جرابلس إلى مدينة إعزاز المحاذية لمنطقة عفرين.

الأيام أثبتت إن الجعجعة التركية بلا طحين، وبدليلا إن القوات الكردية حررت سد تشرين من يد داعش وعبرت نهر الفرات، وهي مستمرة في حربها ضد هذا التنظيم الظلامي داخل هذه المنطقة، وتتقدم بتجاه الحدود السورية التركية رويدآ رويدآ، لفرض الطوق على هذا التنظيم الظلامي الإرهابي المدعوم تركيآ، بهدف طرده منها بشكل نهائي، وبسط سيطرتها عليها وربط عفرين بكوباني، وغلق هذه النافذة الأخيرة، التي تربط داعش بتركيا. وحسنآ فعل الكرد عندما شكلوا قوة تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية" مع إخوانهم العرب من أبناء المنطقة التواقين للحرية وسوريا تعددية مثل الكرد. والجميع يعلم إن العمود الفقري لهذه القوات هي قوات الحماية الشعبية الكردية.

إن عبور هذه القوات نهر الفرات البارحة وقتال تنظيم داعش فيها وإستعادة سد تشرين المائي منه، بمساندة طيران التحالف الغربي، يشكل إختبارآ حقيقيآ لتركيا وجديتها، في تحويل تهديداتها إلى أفعال ملموسة على الأرض. وبرأي تركيا لن تتجرأ على ارسال طيراتها لقصف تلك القوات، لأنها تعلم بأن الروس سيقصفونها كما سرحوا بذلك علنآ، بعد إسقاط تركيا لقاذفة روسية فوق السماء السوري بشكل متعمد. وثانيآ لا أظن بإن الأمريكين سيسمحون لتركيا بفعل ذلك، وطيرانهم هو الذي يحمي ظهر هذه القوات وتؤمن لهم الغطاء الجوي منذ أشهر طويلة.&

أعتقد إختيار منطقة سد تشرين كنقطة للعبور من قبل هذه القوات، كان في غاية من الذكاء، والأن يمكن لهذه القوات أن تتقدم نحو الشمال باتجاه جرابلس والشمال الغربي أي مدينة إعزاز وعفرين، وفصل هذه القوات عن قوات تنظيم داعش في الرقة، وهكذا يمكن فتح جبهتين دفعة واحدة ضده، واحدة من الشرق والإخرى من الجنوب، وإذا إقتضى الأمر يمكن فتح الجبهة الغربية من طرف عفرين، وبذلك يمكن خنق هذه القوات ودفعها للإستلام أو أن تفنى عن بكرة أبيها، أو أن تهرب إلى تركيا. بالطبع الأمر سيأخذ بعض الوقت إلى أن يتحقق ذلك، نظرآ لوجود تنظيمات إرهابية إخرى في هذه المنطقة كجبهة النصرة وأحرار الشام.

في كل الأحوال، فعلها الكرد وعبروا نهر الفرات، والرد التركي الذي جاء اليوم على لسان السيد داود اوغلو ضعيفآ، حيث علق على الأمر قائلآ: "إن القوات التي عبرت الفرات ليست قوات معادية لتركيا"، هذا التصريح يدل بشكل واضح على تراجع تركيا عن تهديداتها. سؤالي: متى كانت قوات الحماية الشعبية معادية لتركيا؟ ونفس هذه القوات عبرت البارحة نهر الفرات، والقوة العربية المشاركة ضمن هذه القوات قوة رمزية، والكل يعلم ذلك جيدآ.

المهم الأن هو قطع التواصل بين قوات داعش جنوب منطقة السد والرقة، والقوات الموجدة على الشريط الحدودي مع تركيا، وتحديدآ في مدينة جرابلس، التي مازالت بيد التنظيم، والأتراك لم يحركوا ساكنآ ضده طوال السنوات الماضية. ومع الوقت يمكن طرد هذا التنظيم وبقية التنظيمات الإرهابية المناهضة للكرد وكل سوري ديمقراطي، من المنطقة. وأنا ليس لدي أي شك، بأن قوات سورية الديمقراطية، تستطيع دحر داعش من كل المنطقة، إن لاقت الدعم العسكري المناسب والكافي، واؤمن لها الغطاء الجوي اللازم.