&لا يخفى على أحد أن الدول التي اقتنت قنبلة نووية لم تعلن ذلك مسبقا وتسترت بالأغراض السلمية لمفاعلاتها النووية، وليس هناك من سبيل لكشف الحقيقة حتى من قبل أكثر المفتشين خبرة وأكثر أجهزة الكشف فعالية في الكشف عن النشاط النووي. وأبرز مثال على اقتناء السلاح النووي من خلال العمل سرا هو باكستان التي خسرت الحرب أمام الهند وخسرت بنغلاديش وصار إصرارها على تطوير سلاح نووي لا تراجع عنه، وبالفعل تمكنت من ذلك بعد أن حشدت كافة الإمكانات لتطوير القنبلة النووية وأعلنت أن الغرض من توليد الطاقة النووية هو سلمي. وقام خبير الذرة عبد القدير خان بسرقة تصميم القنبلة من هولندة وحوكم بهذا الجرم في أمستردام وصدر عليه الحكم غيابيا، لكنه لم ينفذ بالنظر إلى أن باكستان اعتبرته بطلا قوميا لا يمكن تسليمه، فقام مشرف بوضعه تحت الإقامة الجبرية لإسكات الأصوات المطالبة بتسليمه.&
هذا مثال حي على دولة طورت سلاحها النووي سرا ومن خلال التركيز على أن الغرض من توليد الطاقة النووية سلمي. وفي الواقع أن السيطرة على إيران ومنعها من تطوير السلاح النووي مع الأخذ بعين الاعتبار علاقاتها القوية مع روسيا والصين هو افتراض ساذج. وربما أن الولايات المتحدة والدول الكبرى التي تتفاوض مع إيران تدرك أنه لا سبيل لكشف كافة نشاطات إيران وقد صرح معارضون إيرانيون بوجود الكثير من مواقع توليد الطاقة النووية متباعدة في إيران. ولا يمكن أن يشك أحد في ذكاء الدول الكبرى، وأغلب الظن أن هناك اتفاقا على رفع العقوبات الاقتصادية وتحرير التجارة والسماح لكبرى الشركات العالمية بدخول إيران وذلك لكي يصبح المجال مفتوحا للاطلاع عن كثب على كافة نشاطات ويصبح هناك مجال للسيطرة عليها.
وبالطبع فإن كل هذه الترتيبات قائمة على اساس أن إيران لم تصنع قنبلة نووية بعد، وهو أمر مستغرب خاصة وأن الخبرة الروسية والصينية بين يدي إيران وقتما تشاء. إن الهدف المعلن من المفاوضات هو تخلي إيران عن طموحها النووي مقابل رفع العقوبات عنها. وهذا من مصلحة إيران كي يتعافى اقتصادها ومن مصلحة الدول الغربية لكي تستثمر في إيران وتراقب ما يجري فيها عن قرب.&
فما هو مصدر القلق العربي؟ إن المخاوف تتزايد خشية أن يكون هناك اتفاق سري مع إيران، بأن يتم إرضاء إيران بمنحها نفوذا أكبر في المنطقة، وهو ما يجري حاليا على أرض الواقع أي أن شيئا لن يتغير شريطة ابتعادها عن المنافذ الحيوية للدول الغربية. ومنذ أن سيطرت إيران على العراق باتت تمد أذرعها وذيولها وكان أكبر مكسب لها ما حدث في سوريا. فهل تدخلت الدول الغربية كما فعل حلف الناتو في ليبيا؟ لقد افلت الأمر من يد الدول الغربية منذ أن تصدت روسيا للهجوم الذي كانت الدول الغربية تنوي أن تقوم به على سوريا.&
باختصار، وجدت الدول الغربية نفسها تخسر الساحة لإيران فقامت بتكثيف التفاوض وإرضاء إيران وأسرعت لكسب ود إيران قبل أن تسيطر على المنطقة وتجلب روسيا والصين لإيجاد مواقع لهما وربما إنشاء قواعد عسكرية تتوازن مع القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة. فكان لا بد للولايات المتحدة كسب ما يمكن كسبه وعدم استعداء إيران مع عدم وجود ضمان بألا تطور سلاحا نوويا.&
التعليقات