أشكً بأن كثير من رجال الدين متأكدون من أن القرآن الكريم لم يأت على ذكر الحجاب &صراحة – غطاء الرأس - و أن من بينهم من يخلط بين معنيي "الستار" و "الخمار". في لقاء تلفزيوني للكاتب "شريف الشوباشي" صاحب دعوة خلع الحجاب في مصر – في أبريل 2015 - و مداخلة عضو هيئة كبار العلماء "د. محمود مهنا" (موثقة في اليوتيوب) ذكر فيها آيتي الحجاب في القرآن اللًتين يرد بهما بمعنى الستار للبرهنة على أن ارتداء الخمار فرض في الاسلام، كما أنه – د. مهنا – أراد أن يبرهن على ضرورة ارتداء الخمار للمسلمات فذكر بأن "حمورابي ملك بابل و آشور كان قد فرض الخمار على النساء و حتى الفتيات و هن دون العاشرة، ............. و كذلك استشهد بالدولة الفارسية والرومانية واليهودية و بالديانة اليهودية و &بالنساء في الكنائس، &أعجب من شواهد الدكتور مهنا الملقب بـ "عضو هيئة كبار العلماء" !!!! فهل كان يمزح؟
&
&ثم أنه انتقل بعدها لما جاء في صحيح البخاري و مسلم على أنه متًفق عليه بينما يوجًه كثير من الدعاة: الى أن لا شئ متفق عليه في الاسلام غير "الأركان الخمسة". لقد أنتجت الاختلافات في أمور الدين المذاهب المتعددة، الدين واحد الهي سماوي، و المذاهب متعددة أرضية و من صنيع البشر فماذا نتبع؟ الدين يجمع و المذاهب تفرًق، فماذا نتبع؟ كانت حجًة الكاتب الشوباشي في دعوته خلع الحجاب هي مواجهة ايديولوجية و فكر الاسلام المتطرف حيث رافق تصاعد فكر الاسلام السياسي المتطرف في منتصف الخمسينات "فكر الاخوان" &تصاعد الحجاب، و علينا محاربته فكريا فالفكر يجابه بالفكر، كما أن رجال الدين في منتصف القرن الماضي لم يكونوا ليفرضوا الحجاب على أزواجهم أو بناتهم، &وتسائل هل نحن نفهم الاسلام اليوم أكثر منهم؟
&
الحجاب مختلف عليه مثله مثل الكثير من الظواهر كتعدد الزوجات، &فقد انتشر الحجاب – الخمار - في مصربعودة الجالية المصرية العاملة في بعض دول الخليج – منتصف القرن الماضي - و قد كانت جالية كبيرة تقدر بالملايين فنقلت الى مصر ثقافة ارتداء الخمار و التشدًد لاعتقادهم بأن هذا هو صحيح الدين – حسب الدكتورة "آمنة نصير" أستاذة الفلسفة – والتي تؤيد ارتداء الخمار - أي أن ارتداء الخمار كان دخيلا على المجتمع المصري آنذاك ثم انتقل من مصر الى غيرها من الدول العربية، و مما ساعد في انتشار تلك الظواهر الدخيلة على الدين الاسلامي &انتشار الافلام المصرية. فاعتادت أسماعنا على عبارات كـ "الشرع حلل أربعة" و "أربعة حسب شرع ربًنا" و كأن الزواج من واحدة ليس من شرع الله. وها هو ديننا اليوم يُختصر بـ "ذقن و خمار".
فهل يعلم الجميع مثلا بأن هناك آية واحد فقط في كتاب الله تسمح "بتعدًد الزوجات" مثنى و ثلاث ورباع مشروطة بـ "القسط في اليتامى"، "وان خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" (اية 3 سورة النساء). &وفي نفس الآيه ذُكر العدل بين النساء كأساس للتعدد، فتكمله الآية صريحة تبيًن عجز النفس البشرية عن اقامة العدل مع حرصها (آية 129 نفس السورة) "وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا".
&
ولم يحاول أحد اليوم تصحيح المعوج مما طرأ على شرع الله و لم يستحضروا حتى &دراسات قديمة لرجال دين متميزين أثروا مسيرة الاسلام، مثل "الامام المراغي" (1881 – 1945) أحد أئمة الأزهر و الذي أنتج له مسلسل بنفس الاسم.
&
لقد فسًر البعض آيات القرآن الكريم كما أشتهت أنفسهم و قبلوا عددا من الأحاديث و التفسيرات رغم مخالفتها للعقل و المنطق بدعوى "أن الدين منقول و ليس معقولا" ألم يتفكروا بعدد مرًات تكرار كلمتي "تعقلون" و "يعقلون" - وقد تكررتا 46 مرة- و تكررت كلمتي "تتفكرون" و "يتفكرون" 14 مرة. أليس في هذا حثً على اعمال العقل في أمور الدين و منها نص القرآن الكريم.
&
أما الحجاب - بمعناه اليوم - فلا ذكر له في القرآن الكريم وأن الآية التي تتحدث عن الخمار انما تأمر النساء بستر جيوبهن – والجيب: هو فتحة الصدر- &و هذه هي الآيه الوحيدة &في القرآن التي تختص بتغطية جزء من الجسم &بشكل خاص، وقد جاءت صريحة، فقد كانت الخمر مستعملة أصلا قبل الاسلام بألفي عام – كما قال الباحث الاسلامي "جمال البنا" في لقاء له (موثق في اليو تيوب) – كغطاء للرأس يقي من الظروف الجوية ولا علاقة له بالدين. و انما أنزل القرآن "للناس كافة" كلامه واضح لا ألغاز فيه.
&
علما أن كلمة "حجاب" في القرآن لها معنى مغاير لما تستعمل فيه اليوم، فالحجاب في اللغة هو: ما يمنع من اللقاء، فحجاب المرأة هو أن تجعل بينها و بين غيرها جدارا أو حاجزا يفصلها عنه. و يسمى كل ما يغطي الرأس "خمارا"، أما ما يغطي الرأس و الوجه معا فيسمى "غشاءً" كما قال أ.د. احمد الكبيسي في برنامج "الكلمة و أخواتها" و برنامج "لسانا عربيا" في شرح (الآيه 53 الأحزاب). "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ".
&
للحديث تتمة