في اختراق غير مسبوق حقق الكورد انتصارا كبيرا في تأريخ تركيا الحديثة بتجاوز حاجز نسبة ال 10% لدخول برلمان تركيا و الذي فرض أساسا لمنع أي كتلة كوردية من الوصول اليه فقد استطاع حزب الشعوب الديمقراطي بقيادة صلاح الدين ديمرتاش تحقيق نسبة حوالي 12% وسيكون له 77 الى ثمانين عضوا في البرلمان.
&
يأتي هذا الانتصار الانتخابي الكبير بكل المقاييس بعد عقود طويلة مريرة عانى الكورد فيها من كل اشكال الاضطهاد والتعسف والحرمان من الحقوق القومية والإنسانية بما فيها حرمانه من التحدث بلغته الام او لبس الملابس الكوردية التقليدية او حتى استعمال الأسماء الكوردية ناهيك عن عشرات الحملات العسكرية العنصرية لإلغاء الوجود الكوردي ذهب ضحيتها الالاف المؤلفة من أبناء كوردستان ودمرت خلالها الاف القرى والقصبات الكوردية.
&
ان وصول حزب الشعوب الديمقراطي الى برلمان تركيا ليس انتصار للكورد وقضيتهم العادلة ولكنه أيضا انتصار للديمقراطية في تركيا وبداية مرحلة جديدة في تأريخها المعاصر نحو بناء مجتمع متصالح مع نفسه تسوده العدالة والمساواة وضمان الحقوق المشروعة لكل مكوناته ورغم بعض التصريحات الصادرة عن قيادات حزب الشعوب الديمقراطي قبل ظهور النتائج النهائية التي تؤكد بانه لا تحالف مع حزب العدالة والتنمية الذي حصل على 41 43% من الأصوات الا ان الموضوعية السياسية تتطلب عكس ذلك أي ضرورة تحالف حزب الشعوب الديمقراطي مع حزب العدالة والتنمية بعيدا عن الاتهامات المتقابلة اثناء الانتخابات وما يرافقها عادة من تشنج وانفعال وذلك لان حزب العدالة والتنمية كان اول حزب في الحكم يعترف علنا بالوجود الكوردي ويلغي تحريم اللغة الكردية ويبدأ محادثات السلام مع حزب العمال الكوردستاني لإيجاد حل للمسألة الكوردية وأيضا هو الحزب الذي وفر الأجواء لمثل هكذا انتخابات التي كان من المستحيل تصورها قبل عقدين من الزمن.
&
ان تحالف الحزبين يعني فيما يعنيه مواصلة الحوار والعملية السلمية وتعزيزها والوصول الى نتيجة حاسمة تحقق مطامح الشعب الكوردي في تركيا ديمقراطية بالإضافة الى ضمان مشاركة الكورد لأول مرة في الحكم وصناعة القرار والمساهمة في إرساء المزيد من التقاليد والأعراف الديموقراطية في البلاد واتخاذ المواقف الإيجابية من احداث المنطقة والتحولات الكبيرة التي تشهدها خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع العراق وإقليم كوردستان والموقف من المقاومة الكوردية البطولية في سوريا ضد قوى الإرهاب وهمجيتها وأيضا قطع الطريق امام تحالف اليمين والكماليين مع حزب العدالة والتنمية وما يشكله هذا التحالف من مخاطر جدية لما حققه الشعب الكوردي من مكاسب رغم محدوديتها وسيلغي عملية السلام ويفرغها من محتواها الوطني في احسن الأحوال هذا اذا لم يكن مثل هذا التحالف بداية لانتكاسة كبيرة في السياسة التركية تجاه الكورد وحقوقهم المشروعة.
&
الانتصار الذي حققه حزب الشعوب الديموقراطي يجب ان يستثمر لصالح ترسيخ الديمقراطية في تركيا و لصالح تحقيق الحقوق القومية والإنسانية المشروعة للشعب الكوردي وهو ما يتوقعه الكورد من الحزب الذي حقق هذا الانتصار التاريخي الكبير.
&
&
التعليقات