في أيامي العصيبة منذ شهور، وبانتظار إشارة أطباء العيون للعملية المرتقبة، اردد أحيانا مع نفسي أبيات أبي العلاء المعري:
(علّلاني فإنّ بِيضَ الأماني &فَنِيَتْ والظّلامُ ليسَ بِفاني)
وأية أمال وأمان بقيت لرجل عجوز وهو يرى ما يحدث للوطن الجريح ولشعوب المنطقة...وأية آمان تبقى على الصعيد الشخصي ولم يبق من البصر غير الوميض وتركت الانترنيت والقراءة، وهذا اكبر عقاب على ما لم اقترفه، مع شكري مجددا للصديقين اللذين يطبعان وينشران ما أخطه بالقلم ومالا قدرة لي انا على قراءته....
مع ذلك فالذكريات باقية، وصداقة الأوفياء مستمرة، وهنا انشد مع المعري:
(ان تَنَاسَيْتُما وِدادَ أُناسٍ فاجعَلاني مِن بعضِ مَن تَذكُرانِ)
&والوفاء أصبح عملة نادرة ولكنه قائم رغم ندرته. وما أصعب على النفس عندما تنسى وأنت في محنة من كنت تتوهم أنهم أوفى الأوفياء. ولاسيما من المقربين وأصدقاء أمس...
اما هذا الحيوان الناعم البريء (دودو) قطي الحبيب، فان كل نظراته وإشاراته تومئ الى عرفان بالجميل بعد ان أنقذته من الشقاء والمعاناة.
نعم اردد من جديد ان جنس الحيوان ارفع قدرا من جنس الإنسان. وحين أتذكر المعري لا أعجب، لان المحافظين والإسلاميين العرب من المثقفين لا يكادون يذكرونه، ولا بن رشد ولا عمر بن ابي ربيعة وابن زيدون من شعراء الغزل.. ولكنهم لا يزالون ملتصقين بالمعلقات وبأمثال (الحطيئة) ذلك الشتام السباب... وكيف اذن يعيرون أهمية لشعراء التجديد والشعراء الأجانب من كبار المبدعين....
أخيرا بعض النمنمات المدرسية من أيام زمان...
طلب أستاذنا في الثانوية من طالب غير ذكي ، شرح بيت المعري :
(غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي &نوح باكٍ ولا ترنم شاد)
فأجاب بعد النحنحة: يقصد انه لا يفيد، بكاء نوح، ولا غناء قرد.....
والشادي في العراقية يعني القرد...
وفي كتاب المطالعة للغة الانجليزية من الثانوية في أوائل الأربعينيات، ثمة قطعة شعرية تقول: هل يوجد على الأرض شخص ماتت روحة بحث لا يردد مع نفسه: هذه ارضي هذا وطني ، ان وجد شخص كهذا فأسرع وشخصه واشر إليه... فلأمثاله لا نعي ولا تشييع...
واسأل كم بين المشتغلين في الحياة السياسية العراقية ممن يدين بالولاء المطلق للوطن ويعتبر بأنه منه واليه....&
&