لابد هنا من تقديم التهنئة لكل شعوب المنطقة وخصوصا الشعب العراقي على الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية والذي وصف بأنه تاريخي يشبه إتفاق الحرب الباردة في أهميته. لقد كان مارثونا طويلاً من التفاوض المستمر ولمدة عشر سنوات كنا نحن العراقيين وغيرنا ندفع من دمائنا الكثير فيما كانت إيران من جهة والولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة من جهة أخرى يتجنبون صراعاً كاد أن يكون كارثيا فيما لو اشتعل فتيله مرة واحدة فقط. نعم، بدمائنا نحن العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين تم التوصل لهذا الاتفاق التاريخي. فلولانا ماكان ولن يكون أي اتفاق بين الطرفين.

إذن، لقد كنا أوراق ضغط يستخدمها الأمريكان والإيرانيون في مفاوضاتهم السلمية فيما كنا نتقاتل فيما بيننا في حروب مقدسة من أجل القتال فقط وليس من أجل السلم. ففي العراق هناك معسكران طاغيان أولهما مخترق من الجانب الإيراني والتي لها نفوذ قوي فيه فيما يخترق الجانب الثاني نفوذ الولايات المتحدة بصورة مباشرة أو من خلال حلفائها في المنطقة كالسعودية وتركيا وقطر. لم يكن هذا خافيا على أحد فنحن ضحايا توتر دام عشر سنوات بين هذين المعسكرين. ومع ظهور داعش على الساحة تمدد النفوذ الإيراني الذي كان له الفضل بعدم تمدد داعش والحيلولة دون سقوط بغداد بدعمها المباشر لأطراف من الحشد الشعبي مما جعل أمريكا تدرك بأن إيران لاعب رئيسي في العراق يمكن التفاهم معه والقبول بنفوذه مع التحفظ على حدود هذا النفوذ.&

دعونا من الأصوات النشاز التي تحاول الانتقاص من الحشد الشعبي في العراق وتتهمه مع الكثير من التهويل والمبالغة بخروقات بانتهاكات لحقوق الإنسان وأنهم موجهون طائفياً للإنتقام من أهل السنة بقتلهم وحرق منازلهم وسرقة ثلاجاتهم للحيلولة دون مشاركتهم في تحرير الأنبار مع أن لابديل هناك يلوح في الأفق ليحل محل الحشد الشعبي في التصدي للداعش, والذي كان له الفضل بعدم سقوط بغداد وحمى الكثير من المناطق السنية أيضا ً من خطر داعش فكل البدائل بحاجة لسنوات لدرء خطر داعش فيما كان داعش يتمدد على الأرض. لقد كانت هذه الأصوات النشاز ورقة أمريكا في التفاهم النووي فيما كان دعم وتسليح بعض الفصائل من الحشد الشعبي في العراق من قبل إيران، وإن كان برعاية الحكومة العراقية، فهو ورقة إيران للتفاوض في التفاهم النووي الأخير. فما أن لاحت بوادر التفاهم بين الطرفين في فينا قبل أيام حتى شهدنا سكوت هذه الأصوات النشاز ورأينا تفاهماً بين أبناء الحشد وبعض العشائر السنية مع غطاء سياسي وعسكري للتحالف الدولي في عملية كبرى لتحرير الأنبار والتي حضيت بدعم القوى السنية بقوة وعلى رأسها أسامة النجيفي وإتحاد القوى فيما كانت تلك الأصوات ترفض دخول الحشد الشعبي قبل أسابيع قليلة فقط، فما الذي أستجد!

لابد أن نفهم بأننا جزء لايتجزء من منظومة معقدة من العلاقات والمصالح الدولية والتي تدار بحرفية عالية بين أطراف لها خبرة مؤسساتية في إدارة تلك العلاقات وإن لم نفهم تلك اللعبة نظل أوراق مطروحة للتفاوض ونبقى ننزف في ميادين الحرب من أجل أن ينعم الآخرون بالسلام من خلالنا. أن الاتفاق الننوي الأخير سيخفف من الإحتقان السياسي والعسكري في المنطقة ومن المؤمل أن تتوصل الأطراف المختلفة لتفاهمات في العراق وسوريا واليمن ولكن، يبقى السؤال، أين سيكون موقعنا في المرحلة القادمة وهل سنبقى أوراق للتفاوض مرة أخرى, فحينما ينعم الآخرون بنتائج هذا الاتفاق فبماذا سننعم نحن؟ مبارك مرة أخرى هذا الاتفاق الذي سيجنب المنطقة الكثير من الدماء وسيجنبنا ولو بجزء بسيط جنونا وحبنا للحرب والقتال من أجل ولأجل الآخرين في حروب وشعارات مقدسة لارابح فيها إلا غيرنا!&

&

[email protected]