لا شك في أن فرنسا كانت الأكثر تشددًا حيال إيران طوال المفاوضات التي أنتجت إتفاق فيينا، ولعب فيها لوران فابيوس دورًا يكشف هنا بعض تفاصيله.


مروان شلالا من بيروت: رحب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، مؤكدًا انه يدل على أن "العالم يتقدم".

وقال هولاند في كلمة ألقاها بمناسبة العيد الوطني في فرنسا: "الآن ستكون لإيران قدرات مالية اكبر، بعد رفع العقوبات، علينا أن نكون يقظين جدًا بشأن ما ستكون عليه إيران".

وأكد هولاند ان اتفاق فيينا المبرم اليوم بالغ الأهمية، "وفرنسا كانت حازمة جدًا في هذه المفاوضات، ووزير الخارجية لوران فابيوس قادها بصرامة وحزم كبيرين، ولن تحصل إيران على السلاح النووي، وسنكون قادرين على التحقق من أي تقصير، فيمكننا حينها إعادة فرض العقوبات".

ثلاث مسائل

أما فابيوس، فقال لصحيفة "لوموند" الفرنسية إن المسألة النووية الإيرانية لا تشكل تهدديًا لإسرائيل أو لدول الخليج فقط، "فالتأكد من عجز إيران عن بناء أي سلاح نووي مسألة تهم المجتمع الدولي كله، لأنها تشكل تهديدًا مباشرًا لأمن العالم واستقراره".

أضاف وزير الخارجية الفرنسي: "لا نعارض برنامجًا نوويًا إيرانيًا للأغراض السلمية، ومن هذا المنطلق، راعينا في المفاوضات الشاقة التي أدت إلى هذا الاتفاق ثلاث مسائل أساسية، هي: الحد بشكل كبير من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم؛ القدرة الفعلية على مراقبة النشاط البحثي النووي الإيراني للتأكد من سلميته؛ وصياغة آلية سريعة ومباشرة لإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران إن هي أخلت ببنود الاتفاق".

ولا يجد فابيوس أن أثر هذا الاتفاق كبير في إطفاء الحرائق المشتعلة في المنطقة، في العراق وسوريا واليمن، "لكن إذ أرادت إيران التعاون معنا لإحلال السلام، فهذا موضع ترحيب من فرنسا ومن العالم أجمع، أما إذا استخدمت إيران المال العائد إليها بعد رفع العقوبات الاقتصادية في تمويل منظمات إرهابية، تقوم بحروبها بالوكالة عنها، فسنكون حازمين في الرد على ذلك".

آلية إعادة العقوبات

وأكد فابيوس لصحيفة "لوموند" أن المفاوضات كانت شاقة فعلًا، "وكان التركيز أيضًا منصبًا على الطرق التي ستسلكها إيران للحصول على مواد تشكل حساسية ما بالنسبة إلى بنود الاتفاق، كما كنا حازمين في مسألة الأسلحة والصواريخ الباليستية الإيرانية، إلى جانب كل المسائل العالقة، والتي كانت مثار تجاذب كبير في خلال 12 عامًا من المفاوضات، وفي مسألة التخصيب، فقد كانت إيران قادرة على تخصيب ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية في خلال شهرين من الزمان، بينما لن تعود قادرة على ذلك إلا في خلال 12 شهرًا، وهذا المستوى المسموح من التخصيب سيستمر تحت المراقبة في خلال 10 أعوام".

أضاف فابيوس: "أما إذا أخلت إيران بأي بند من بنود اتفاق فيينا، فهي معرضة لعودة العقوبات المفروضة عليها، وقد سعت فرنسا جاهدة من أجل إقرار آلية فورية لعودة هذه العقوبات، قوامها الآتي: إذا أدركت أي دولة من دول مجموعة 5+1 أن إيران لا تلتزم تعهداتها، يمكنها التوجه إلى مجلس الأمن طالبة التصويت على مشروع يؤكد رفع العقوبات عن إيران، فتواجهه بحق النقض الفوري، ما يعيد العقوبات في خلال 65 يومًا مفصلة كالآتي: تجتمع اللجنة المشتركة من الدول الست وإيران لمناقشة المسألة في مدة أقصاها 35 يومًا، فإن فشلت إيران في إقناع الدولة المعترضة، يرفع الأمر إلى مجلس الأمن، فيعيد العمل بالعقوبات خلال 30 يومًا".

الخطوات الآتية

ماذا بعد إبرام الاتفاق؟ يقول فابيوس: "بعد مصادقة مجلس الأمن الدولي على الاتفاق، تبدأ فترة من 90 يومًا، تتخذ إيران في خلالها كل التدابير التي من شأنها وضع الاتفاق موضع التنفيذ، وبعدها تبدأ فترة تمتد بين 6 و9 أشهر تقوم خلالها إيران بتنفيذ كافة البنود المنصوص عليها في الاتفاق، ويتم بالتوازي رفع تدريجي للعقوبات الدولية المفروضة على طهران، ولا أعتقد أن الكونغرس الأميركي سيعارض الاتفاق، لأن دراسة أي اتفاق يجب أن تتم من خلال النظر إلى مسوغاته وتداعياته".

وعن إمكان تعثر التقارب الفرنسي السعودي إن عادت العلاقات التجارية الفرنسية الإيرانية بعد رفع العقوبات، فصل فابيوس بين الأمرين، "فالعمل على وقف البرنامج النووي الإيراني لا يتصل بالمصالح التجارية، بل هدفه إقامة السلام وتأمين الاستقرار في المنطقة والعالم".