بالرغم من عدم تخصصي بالقانون، ولكن من باب التواضع لي بعض المام به، وتأكيدا على هذا الالمام في عام الفين وخمسة اعدت ونشرت مسودة مقترحة لدستور العراق الدائم في "ايلاف" وفي جريدة "الاتحاد" البغدادية، وكذلك في نفس العام اعدت ونشرت مسودة مقترحة لدستور اقليم كردستان، وهذا يعني ان ما اقترحه في هذه الرسالة الموجه الى سيادة رئيس الاقليم المنتهي ولايته منطلق من دواقع واسباب قانونية ومنطقية لكي لا يحصل فيها لبس ولا التتباس، وفيما يلي نص الرسالة:
السيد خادم الحرمات الشريفة الكردية مسعود البرزاني المحترم
يطيب لي من موقع المواطنة الكردستانية العراقية، ومن موقعي الاعلامي والفكري كحامل متواضع لرسالة انسانية اعلامية سياسية صحافية صادقة، ان اتقدم بهذه الرؤية والمقترح المدون ادناه للخروج من أزمة رئاسة الاقليم التي يعاني منها الشعب منذ اكثر من شهرين والتي لم يخرج منها الاحزاب الخمسة الرئيسية – الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني وحركة التغيير والاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية- الا بمزيد من التعقيد ومزيد من التشاؤوم بسبب عدم توفر الارضية المناسبة للحل والوصول الى اتفاق يخدم الجميع، والى سيادتكم نص الرؤية والمقترح:
الرؤية
لابد من الاعتراف بقول حقيقة ناصعة وبروحية البيشمركة التي تتباهى بها وتباهيت بها رئيسا ومواطنا، وهي ان ولايتكم قد انتهت حسب المنظور القانوني لنص القانون رقم 19 لسنة 2013 ونص القانون رقم 1 لسنة 2005، وحسب قول سيادتكم في اجتماع مع مجموهة الاحزاب الكردستانية "انني كنت على وشك الاعلان رسميا بانتهاء مهمتي الرئاسية في 20\آب وتسليم الامانة" كما صرح به احد المشاركين بالاجتماع في لقاء تلفازي .
ولابد من البيان بان مطالبتكم ومطالبة حزبكمم الديمقراطي الكردستاني بانتخاب رئيس الاقليم من الشعب منافي تماما لقاعدة ديمقراطية اساسية ودستورية عامة، وهي لا يمكن الجمع بالانتخاب من الشعب بين رئاستي السلطة التنفيذية الممثلة بالرئيس ورئيس الحكومة، وذلك لان لا يمكن بالنظام الديمقراطي الحقيقي الجمع بين مصدرين رئاسيين بصلاحيات واسعة ومطلقة في سلطة تنفيذية واحددة، ومنظومة الدول الديمقراطية تحوي امثلة دستورية عديدة لدعم ما ذهبنا اليه، مثلا النظام السياسي الامريكي ينتخب فيه رئيس الجمهورية ممثلا برئاسة واحدة للسلطة التنفيذية مقابل السلطة التشريعية الممثلة بالكونغرس ومجلس النواب، وكذلك النظام السياسي الفرنسي ينتخب فيه الرئيس ممثلا للسلطة التنفيذية ويعين من قبله رئيس الوزراء لمعاونته في ادارة البلاد، وايضا في اسرائل وايطاليا واسبانيا وبريطانيا يتم انتخاب رئيس الحكومة من الشعب ممثلا لرئاسة السلطة التنفيذية بينما رئيس كل من اسرائيل وايطاليا بروتوكولى ولاسبانيا ملك تشريفي ولبريطانيا ملكة تشريفية، وكذلك في العراق فان السلطة التنفيذية ممثلة برئيس مجلس الوزراء وينتخب من قبل الشعب بينما رئيس الجمهورية بروتوكولي كما نص عليه الدستور الدائم للدولة العراقية الاتحادية.
ولهذا كما بينا لا يمكن الجمع بين رئاستين انتخابيتين من الشعب لسلطة واحدة وهي السلطة التنفيذية، واستنادا الى هذه القاعدة الديمقراطية المتسمة بالعدل والمنطق والتوازن العادل بين السلطتين التشلايعية والتنفيذية لابد من تحديد رئيس واحد منتخب ممثلا للسلطة التنفيذية وهو اما رئيس البلاد او رئيس الحكومة، وبما ان رئيس حكومة اقليم كردستان منتخب من قبل الشعب بفعل فوز كتلته النيابية بالاغلبية وتكليفه من قبل البرلمان، فان منصب رئيس الاقليم يحتم قانونيا ودستوريا ومنطقيا ان يكون بروتوكوليا ومنتخبا من قبل البرلمان، وكما هو حاصل في العراق وحسب الدستور الدائم الذي اشترك عام الفين وخمسة في اعداده وصياغته كل المكونات القومية والسياسية الشيعية والسنية والكردية والذي حاز على موافقة العراقيين بنسبة الثلثين وصوت عليه الكرد بنسبة اكثر من تسعين بالمئة.
وللعلم والبيان وحسب منظور منطقي وديمقراطي فان انتخابكم من قبل الشعب في الولاية الثانية 2009-2013، كانت عملية غير قانونية لان رئيس الحكومة في نفس الفترة كان منتخبا من الشعب وان كان مشتركا بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني، وفي هذه الفترة جمع الاقليم بين رئيسين منتخبين من الشعب ممثلين لسلطة واحدة وهي السلطة التنفيذية، وهذا ما لا يسمح به اي نظام سياسي ضمن منظومة دول الانظمة الديمقراطية في العالم، وكان الاجدر انتخاب منصب رئيس الاقليم من البرلمان وليس من الشعب لاحداث واقامة التوازن داخل السلطة التنفيذية، وما حدث في تلك الفترة كان حطأءا جسيما لانه سمح بمنح قوتين كبيرتين ومصدرين عاليين للصلاحيات المطلقة الى رئيس الاقليم ورئيس الحكومة الممثلين للسلطة التنفيذية، وبالتالي هذا ما سمح ان ان تتمتع هذه السلطة بقوة اجرائية هائلة مقابل دورضعيف جدا للبرلمان وامام رئاستين قويتين بالصلاحيات والامكانيات وهما رئاسة الاقليم ورئاسة الحكومة.
المقترح
يا سيادة خادم الحرمات الشريفة الكردية، وبالرغم من اتسام فترة حكمكم للعقد المنصرم بفساد رهيب وبفروقات طبقية شاسعة وواقع مجرد من العدالة وممفرداتها تماما ونشوء طبقة ثرية طفيلية عملاقة ناهبة لقوت وثروات وممتلكات الشعب وتأسيس دولة الحزب والعائلة الحاكمة بدلا من اقامة دولة المواطنة بالعدل والاحسان والمساواة وتكافوء الفرص، بالرغم من كل هذا الا اننا وللرؤية التي ذكرناها، واستنادا الى احقاق الحق واعادة مسار النظام الديمقراطي السائر في الاقليم الى مساره ومجراه الطبيعي توازيا مع مسار النهج الديمقراطي في العراق الاتحادي، واسترشادا بالنوايا الصادقة لاصلاح التعرج الذي حصل في الولاية الرئاسية الثانية وما تعرض له النظام الديمقراطي في الاقليم من خطأ كبير غير مقصود سياسيا بفعل انتخاب رئيسين للسلطة التنفيذية ممثلا برئيس الاقليم ورئيس الحكومة، فان الضرورات والاستحقاقات الوطنية والمسؤولية الملقاة على عاتقكم كقائد وعلى عاتق قادة الاحزاب الكردستانية البرلمانية، واستجابة لاشتياق الكرد وحرصهم الوطني الاصيل لاجتياز المرحلة الراهنة بالسلام والمحبة والتضامن والتآلف والتكاتف من قبل الجميع، فان كل هذه الموجبات الاصيلة تدعوكم الى اتخاذ خطوة تاريخية لارساء النظام الديمقراطي بقوة وثبات في الاقليم وبمسار صحيح وصائب لكي يشكل نموذجا مقتدرا يحتذى به اقليميا ودوليا، والخطوة هي الاقرار بنظام رئاسي واحد للسلطة التنفيذية ممثلا برئيس دولة الوزراء وانتخاب منصب الرئيس من قبل البرلمان كما هو حاصل في العراق وفي كثير من دول العالم الديمقراطي، وفي هذا انجاز كبير لكم وللكرد جميعا لتقديم صورة حية وناضجة عن الديمقراطية الحقيقية.
وفي الختام نأمل بتواضعنا وتواضع قلمنا هذا قد اسهمنا في توضيح صورة شائكة عن الازمة السياسية التي يمر بها اقليمنا الحبيب، وفي فتح نافذة صغيرة للخروج منها بشعاع ولو نزير للاسهام في ايجاد زاوية من زوايا حل ازمة رئاسة الاقليم لكي ينطلق الخير من جديد ويعم كل ربوع كردستان والعراق ولكي يشع الامل والامل وثم الامل جميع الاجيال حاضرا ومستقبلا، ومن الله كل التوفيق.
ولكم فائق الاحترام...
اقليم كردستان العراق

&