&

هذا الحديث سوف يجر علي الكثير من الانتقاد واللوم بل اكثر وانني على يقين بانني اسير في حقل مليء بالالغام ومع ذلك سوف اكتب ما اعتقد بانه الافضل للكرد والترك ليس في تركيا وحسب بل في الشرق الاوسط عموما ولتكون اهم خطوة تاريخية على طريق حل القضية الكردية.

حزب العدالة والتنمية هو اقوى الاحزاب التركية الذي حاز على اكبر عدد من الاصوات في تاريخ تركيا القريب اذا استثنينا عهود حكم الحزب الواحد لعصمت اينونو ومن بعده عدنان مندرس.

الرئيس التركي السيد طيب اردوغان والذي لايزال الزعيم الفعلي لهذا الحزب حاز على 50% من اصوات الناخبين في تركيا.

كذلك حزب الشعوب الديمقراطي الكردي هو اقوى الحركات الكردية في تاريخ الدولة التركية و كان اول حزب يدخل البرلمان التركي بهويته الكردية وهو يمثل في الحقيقة الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني وهو الحزب الثالث من حيث عدد النواب في البرلمان.

حرب دامت اكثر من ثلاثين عاما بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية وفي النهاية سيجلس الطرفان على طاولة المفاوضات مهما طال الزمن ولكن كلما جاء الحل مبكرا كلما قلت اعداد الضحايا والخسائر من الطرفين.

مع من سيجلس الكرد؟ هل يتوقع الكرد ان الحل سيأتي من حزب الشعب الجمهوري الفاشل على مدى نصف قرن واكثر؟ هذا نوع من الخيال فهذا الحزب هو المسؤول لكل ماتعرض له الكرد من حروب الابادة والتذويب العرقي لاسيما في العقود الاولى من تشكل الدولة التركية في عشرينات القرن الماضي وهو حزب عىنصري قومي يتدثر بشعارات يسارية لا يؤمن بأي شيء آخر سوى عقيدة الكماليزم والتي يستند الى انكار وجود الكرد.

هل سيجلس الكرد مع حزب الحركة القومية؟ مستحيل طبعا لان هذا الحزب ينكر وجود الكرد على وجه الكرة الارضية بل والكواكب الاخرى ولكن الكرد في نظرهم قد يكونوا موجودين على متن الصحون الطائرة قادمين من مجرات بعيدة.

الباقي من الحركات السياسية في تركيا هي فتافيت من الحركات اليسارية والتي تحمل عناوين واسماء جذابة ولكنها حركات فاشلة متشرذمة لم تحصل في كل الانتخابات الا على واحد او على الاكثر ثلاثة في المئة من اصوات الناخبين. اكثر من تسعين بالمئة من تلك الاحزاب لاتزال في خانة الاعشار اي دون الواحد بالمئة.

حزب الشعوب الديمقراطي هو حزب ذو ميول يسارية بينما حزب العدالة والتنمية ميوله اسلامية ولكنه يتمتع بنوع من الليبرالية والبراغماتية التي لا يمكن انكارها لاسيما في مجال الاقتصاد والانفتاح الكردي والاوروبي الذي بدأه في بداية عهده عام 2002 وحتى 2010.

يعني ان الحزبين على طرفي نقيض سياسيا. ولكن في قناعتي ان الحل يكمن حصرا في الاتفاق بينهم والسبب هو ان لكل منهم قاعدته الشعبية العريضة. ثم اليست الاتفاقات والعهود هي بين الخصوم اصلا؟

الخلاف الكبير بين الحزبين في الوقت الراهن يمكن تلخيصه في نقطتين :

ــ النظام الرئاسي الذي يطالب به الحزب الحاكم والرئيس التركي السيد طيب اردوغان.

ــ الادارة الذاتية الديمقراطية الذي يطالب به الحزب الكردي.

اذا تمعنا في هذين البندين فاننا نجد انهما يكملان بعضهما بعضا والنظام الرئاسي هو النظام الوحيد الذي يمكن ان يحقق الادارة الذاتية في نفس الوقت.

لست ادري لماذا يتمسك الحزب الكردي بالنظام البرلماني الحالي والذي يحكم تركيا منذ اكثر من تسعين عاما و كان السبب في كل المآسي التي عصفت بالكرد منذ تأسيس الجمهورية وحتى اليوم. ألا يكفي تسعون عاما من التجربة مع هذا النظام البرلماني العنصري الفاشل الذي اساسه هو انكار الوجود الكردي وابادته؟

هذا النظام البرلماني الحالي لم يستطع حتى تبديل الدستور الذي وضعه الانقلابيون في ثمانينات القرن الماضي اي بعد مرور ثلاثين عاما بالرغم من اجماع جميع الاحزاب دون استثناء من انه دستور سيء ولا بد من تبديله. انه نظام لا يناسب الدولة التركية. هل سيمنح هذا النظام البرلماني حقوق الادارة الذاتية للكرد؟. انها مجرد اضغاث احلام حسب قناعتي.....

في الواقع النظام البرلماني فشل فشلا ذريعا في تركيا ولا بد من تجربة النظام الرئاسي.

المثير هنا هو ان الحزبين القوميين اي الحزب الجمهوري وحزب الحركة القومية يقفون مع النظام البرلماني ويحاربون بكل شراسة ضد النظام الرئاسي.

النظام الرئاسي الذي يطالب به السيد اردوغان كان مشروع المرحوم الرئيس تورغوت اوزال الذي اغتالته الدولة السرية في التسعينات لانه كان عازما على حل القضية الكردية.

مشروع المرحوم تورغوت اوزال كان يقضي بتقسيم تركيا الى سبع مقاطعات وتسمى ايالات بالتركية منها اثنتان كردية وهي مقاطعات دياربكر وارزروم بحيث تتمتع كل مقاطعة بالادارة الذاتية بل واكثر حيث انه لمح الى تبديل اسم الجمهورية التركية الى ولايات الاناضول المتحدة ولكن الدولة السرية البرلمانية قتلته بالسم في مقره في رئاسة الجمهورية في جانقايا.

لقد اخطأ حزب العمال الكردستاني عندما لجأ الى السلاح بعجالة بعد الانتخابات الاخيرة قبل ثلاثة اشهر ولكن خطأ الحكومة كان افدح عندما هاجمت القوات المسلحة المدن الكردية بوحشية وهمجية لا تقل عن مجازر ديرسم في عام 1937 و لاحقا جريمة تفريغ ستة آلاف قرية كردية بعد تدميرها وحرقها وتهجير خمسة ملايين كردي الى الغرب التركي على يد الدولة السرية في تسعينات القرن الماضي. حزب الشعب الجمهوري كان مشاركا في تلك الحكومات في تسعينات ابادة الكرد تحت اسم الحزب الشعبي الاشتراكي برئاسة اردال اينونو ومن بعده مراد قارايالجين.

المعارك لاتزال مستمرة وهي تدمي قلوب الكرد دون استثناء وهي حرب ابادة وتفريغ للمدن و هي تعتصر قلوب جميع الترك الشرفاء ايضا.

الاتفاق الاستراتيجي يجب ان لا ينحصر في الادارة الذاتية والنظام الرئاسي فقط بل يجب ان يشمل العلاقات الكردية التركية على مستوى الشرق الاوسط بالكامل وهذ يحتاج الى مقالات اخرى قد اعود اليها اذا سنحت الفرصة.

&

كاتب كردي

[email protected]

&