يظن معظم الناس داخل كوردستان وخارجها ان البارزانيين من اهل السنة والجماعة كما هو الحال لدى معظم الكورد. لكن الحقيقة ليست هكذا. الكورد في اغلبهم من اتباع المذهب السني لكن هذا لا يعني عدم وجود طوائف واديان اخرى توجد بينهم. في كوردستان، هناك ايزيدييون &و اهل الحق و الكاكائييون و المسيحييون الخ. لكنهم جميعا اقلية لا تتجاوز 5% من الشعب الكوردي المسلم في اغلبه. و القصد هنا من الشعب الكوردي، نقصد بذلك سكان كوردستان، وليس تحديد القومية الكوردية، لان غالبية الايزيدية لا تعتبر نفسها جزء من الشعب الكوردي، و المسيحييون فسيفساء بين الكلدانيين و الاثوريين و السريان. و هناك الاقليات الدينية التي لها هوية قومية تختلف عن الهوية الكوردية السائدة. لا شك تلعب السياسة في هذه الامور بدوافع مختلفة لا تخلو المصالح الشخصية و الطائفية منها.

قام الباحث و الكاتب و السياسي الكوردي فريد اسسرد، بتاليف و نشر كتابه "اصول العقائد البرزانية" في عام 2008. لكن هذا الكتاب لم يحصل على الاهتمام المطلوب و ربما لان الكتاب تم حظره من اسواق كوردستان، بسبب انه يتعرض لمسائل حساسة و خطيرة جدا. نجح الاستاذ اسسرد في كتابه بتوضيح صورة حقيقية عن البرزانيين و عقائدهم و منشئهم و طقوسهم. والاهمية تكمن في الغموض و السر الذي يميز البرزانيين عن الكورد السنة، لطالما سأل و تسائل الكثيرون من الكورد عن سر عدم اقامة الشعائر الدينية الاسلامية بين البرزانيين و هم يظنون انهم مثلهم مسلمون سنة. و ربما حين دخل السيد مسعود البرزاني الحرب مع الاسلاميين كان يصرح بين فينة واخرى انه مع عائلته ينتمون الى الطريقة النقشبندية حتى يعطي لنفسه الشرعية المطلوبة دينيا.الاسماعيلييون هم من الطوائف القليلة التي عطلت الاحكام الشرعية و لا يقوم افرادها باداء الشعائر الدينية. لهذا السبب تجد الشائع بينهم هو ما يقولون "واعبد ربك حتى ياتيك اليقين". و هذا الاستشهاد بهذه الاية ياتي لتبرير التاويل الذي يعملون وفقا له ان الشعائر الدينية تطبق الى ان يصل الانسان مرحلة اليقين، حينها يتوقف لزيادتها عن اللزوم. يعتبر ابرز الداعين الى هذا التاويل بين البرزانيين المعاصرين هو الشيخ محمد خالد (أب زوجة السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كوردستان الذي مات قبل اعوام). الشيخ محمد كان رئيس لحزب الله الكوردي الموالي لايران. وكان احد ابرز وجهاء الطائفة البرزانية. و يذكر ملا كريكار المسجون حاليا في النروج في خطبة جمعة له بين جماعته انصار الاسلام، انه زار الشيخ محمد خالد من اجل التقارب بين الحركة الاسلامية عام 1991 وبين حزب الله الكوردي، لكن الشيخ محمد رد عليه بغضب (حتى الله لا يستطيع أن يحكم في منطقتنا)!!!. وفق ما كتبه الاستاذ اسسرد فان الإسماعيليين الشيعة يمرون بمرحلتين وهي المرحلة الاولى اخفاء عقائدهم الدينية بسبب الضعف و عدم التمكين في الارض، و المرحلة الثانية عدم التردد في بيان عقائدهم بعد التمتع بالقوة و السلطة. لهذا السبب نجد الطائفة الاسماعيلية الشيعية – اي البرزانية ـ في كوردستان و التي تسيطر و تحكم كوردستان رغم غالبية سكانها السنة، تحاول منذ عقدين من الزمان بقيادة قائدها المخضرم السيد مسعود البرزاني بالاعتماد على ابناء الاقليات الدينية و القومية اي غير الكورد المسلمين. و يفعل الاستاذ مسعود البرزاني هذا الامر من اجل جمع القوة في مركز طائفته سياسيا و ماليا عبر الاستفادة من اسباب كثيرة و تناقضات كثيرة اتت لهم على طبق من الذهب. هناك اعتماد شبه كلي في إدارة الاقليم على ابناء الطوائف المسيحية و الشبك و الكاكائية (اهل الحق) و الزردشتية و بعض الايزيديين وبالطبع بعض الكورد المنسلخين من مذهبهم السني و الخاضعين للقيادة البرزانية الاسماعيلية الشيعية التي تقوم باظهار انها قومية و علماينة و لكنها ليست كذلك في الواقع الحقيقي. لكنه بالطبع فان الحاشية &وهي الكثرة الاغلبية وهم الذين تقوم على اكتافهم اركان الحكم الاسماعيلي (القومي العلماني عبر الاعلام فقط) تتالف من عموم الكورد السنة ولكن باشراف وبقيادة افراد الطائفة البرزانية. وتاتي هذه العملية بسبب خوف و قلق عميق وحساس عند الطائفة البرزانية نحو امنها و سلامتها من التطرف الإسلامي السني الذي قد يصل في اي وقت الى سلطة الحكم ليتعرض امن هذه الطائفة الى الخطر رغم عدم تعرض هذه الطائفة والاقليات الدينية في كوردستان الى اي اضطهاد على يد الكورد المسلمين و اماراتهم الاسلامية في زمان سيطرة الاسلام على الكورد. لكن الاعلام و السياسة التي تعمل بسرية و بقوة و ذكاء تقوم منذ عام 1991 من اجل اعادة رسم التاريخ الكوردي وفق رغبة الطبقة الحاكمة اليوم و ما يظهر ان الامارات الكوردية مثل امارة (باشاي كوره) الباشا الاعور محمد الراوندوزي و امارة بدرخان انها امارات سنية متعصبة قامت بالمجازر ضد الطوائف والاقليات الدينية مثل الايزيديين والمسيحيين. و يعني هذا تزوير تاريخ كوردستان و تقديمه للشعب الكوردي بهذا الشكل المطلوب. و في الوقت عينه هناك عداوة كبيرة على الاسلام السني داخل كوردستان. منذ حوالي عقدين من الزمن تمنع السلطة بناء المساجد والجوامع لاهل السنة. لكن قرار المنع هذا لا يشمل المسيحيين والاقليات الدينية الاخرى. المسيحييون يتمتعون بدعم كبير من قبل السلطة في اقليم كوردستان من اجل بناء و تعمير دورهم واماكنهم المقدسة في قرى و مدن كوردستان. لكن التوصيات السرية تقوم حائلا بين طموح الكورد السنة في بناء دور العبادة و المساجد لهم، نظرا للتوسع السكاني الذي يتطلب عددا كبيرا من المشاريع والخدمات لاولادهم و ذويهم. و فوق هذا تم تحطيم الجماعات الاسلامية السنية، عن طريق الارهاب و القمع و الضرب بكل الوسائل، حيث قام الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي تهيمن عليه الطائفة البرزانية، الى اتخاذ سياسة الصقور-الحمائم مع الجماعات الاسلامية و بالذات الاتحاد الاسلامي الكوردستاني الذي تم تدمير مقراته وممتلكاته وقتل وسجن افراده في المناطق الخاضعة لنفوذ البرزانيين عدة مرات. بعد هذا التخويف و الارهاب الذي يمارس من قبل سلطة البرزاني ضد الاسلاميين، تقوم قيادات معينة من البرزانيين بتهدئة الاجواء وتنفيس الغضب الذي ينتشر بين الاسلاميين. و من المضحك المبكي انهم هم المتهمون بالارهاب في كل مرة يتم الهجوم عليهم و على مقراتهم. هذه السياسة مستمرة بالرغم من متغيرات &ترافق العملية السياسية في كوردستان. الذي لم يتغير و لن يتغير هو بعض الامور المهمة، مثلا منذ عام 1991 والى الان هو سيطرة الطائفة البرزانية و تحديدا عائلة زعيمها مسعود البرزاني على الاموال الطائلة وهي المليارات الدولارات من اموال الشعب الكوردي. ثم ياتي امر مهم ايضا و هو ارتباط هذه العائلة باسرائيل و الدول الغربية ارتباطا لا مفر منه. لهذا السبب نرى ان هذه الطائفة خاضعة بشكل كامل لاوامر هذه الدول و منها هو تحويل معظم هذه المليارات الى بنوك اسرائيل و الدول الحليفة معها. علی سبیل المثال راجع كتاب:ـ الموساد في العراق و دول الجوار للكاتب "شلومو نكديمون". يتحدث هذا الصحفي الصهيوني عن العلاقة (و التعاون بين الكيان الصهيوني (و تحديدا الموساد) و بين الملا مصطفى البرزاني للفترة 1963 - 1975 و تغلغل الموساد داخل شمال العراق) و ذكر صاحب هذا الكتاب ان كامران بدرخان مؤسس العلاقات الكوردية اليهودية في اسرائيل قد تربى و درس عند عائلة يهودية في فيننا و انه اي كامران بدرخان ترجم التوراة الى اللغة الكوردية. هذه العلاقات اعتبرها السياسي الكوردي الدكتور محمود عثمان من اسباب فشل الحركة الكوردية.
ثم هناك امر في غاية الاهمية بالنسبة لهذه الطائفة و هو تشجيع الملالي من الكورد و استغلالهم لصالح السلطة. الملالي يقدمون اسلاما جافا يتهرب منه حتى ابناء المسلمين، فضلا عن ان هؤلاء الملالي جهلهم كبير على كل الاصعدة و يجعلهم فقراء في عالمنا المتطور في زمن التقدم التكنلوجي و العلمي، بل يشبهون الناس الذين عاشوا في القرون الوسطى. هؤلاء الملالي يتقاضون رواتبهم من السلطة، مع امتيازات اخرى كالارض و البيت مقابل محاربة ما يسمى بالاسلام السياسي و ضرب الجانب الحركي السني لصالح سلطة ظاهرها العلمانية و القومية و الوطنية، و لكنها في الحقيقة ليست الا طائفية و طبقية &و مافيا تنتمي الى عقيدة باطنية الا وهي العقيدة الاسماعيلية الشيعية الممزوجة ببعض التصوف كما يقول الاستاذ اسسرد. اما الازمة التي حدثت قبل سنوات مع نوري المالكي رئيس وزراء العراق من قبل مسعود البرزاني فجاءت بسبب تجاوز المالكي الخط الاحمر الخطير وهو اثارة مصير الاموال الكبيرة و هي المليارات التي نهبت من ميزانية العراق. هذه الاموال معظمها كما قلنا تذهب الى خزينة دول عالمية &و بعضها يدخل في حسابات خاصة باسماء افراد الطائفة الاسماعيلية الباطنية التي تحكم كوردستان بالحديد و النار منذ اكثر من عقدين من الزمن. المالكي لم يستطع البت في هذه المعضلة لان هناك دول قوية تدعم هذه الطائفة، لذلك نجح مسعود البرزاني في الاطاحة بالمالكي اطاحة نهائية، لان القضية تتعلق بالهدف المشترك و الخطير جدا بين الكيان الصهيوني و الدول الغربية و خططهم من اجل ان تبقى الطائفة الاسماعيلية الشيعية تحكم كوردستان وهو ما نشاهد و نرى منذ اكثر من عشرين سنة فكيف بمن ياتي ويحاول زعزعة هذا الحكم!!!. و الحديث عن القومية الكوردية و الوطنية ليس سوى غطاء للكثير من الاسرار الخطيرة التي لا يعلم بها شعب كورستان و خصوصا الجيل الجديد بين الشعب الكوردي.
ملاحظة:ـ قام استاذ فاضل في مدينة السليمانية بتصحيح المقالة و لكنه رفض ان اذكر اسمه. اقدم له الشكر و التقدير هنا.