&

ان العلاقة بين الفلسفة و الايدولوجيا هي علاقة متشابكة و متداخلة و هامة في نفس الوقت ولا نستطيع أن نغض الطرف عنها أو نتجاهلها. و هذه العلاقة محورية لكون الفلسفة و الايدولوجيا تركزان علي المعرفة و توثران في الإنسان و مستقبله. والسوال المطروح بقوة ما طبيعة العلاقة بين الفلسفة و الايدولوجيا ؟ هل هي علاقة تنافر و صدام ام علاقة انسجام و توافق؟ الإجابة هي علاقة تداخل و تشابك لا غني عنها بعض الفلاسفة يروا أن الايدولوجيا عندما تدخل في الفلسفة تفسدها، و البعض الآخر يري عكس ذلك. و هناك عبارة مشهورة لدينيس ديديروا توضح طبيعة هذه العلاقة و هي ( لم يسبق لفيلسوف أن قتل رجل دين (مؤدلج) لكن رجل الدين المؤدلج قتل كثيرا من الفلاسفة. فالايدولوجيا بناء علي ذلك هي فكرة قاتلة أو تودي في النهاية إلي القتل، في حين أن الفلسفة هي فكرة مسالمة محبة في النهاية. و الحقيقة أن هذه العبارة ليست دقيقة كل الدقة لان بعض الفلسفات قد تحولت الي أيديولوجيا قاتلة. &و يجب أن نشير إلي ملحوظة هامة و هي إذا كانت الفلسفة صعبة المراس و لا تسلم بالتحول إلي أيديولوجيا بيسر إلا أنها قد تتحول إلي أيديولوجيا بأسرع مما يتحول العلم، فهي معرفة و المعرفة لا ضابط من نظرية علمية أو عدة نظريات يحكمها بل المعرفة خاضعة للخطابات و لنظام توزيعها و استهلاكها في المجتمع.كما أن الفلسفة تفكير في التفكير و لذا فالنقد جزء منها لذاتها أو غيرها و من ثم فهي بطبيعتها تنقض أدلجتها كل ما بدأت تتادلج، ولكنها تتادلج كلما ابتعدت عن المفاهيم و اقتربت من تناول المفاهيم و توظيفها.و نلفت الانتباه هنا إلي حقيقة هامة و هي إذا نظرنا إلي الميتافيزيقا التي كانت عليها الفلسفة برمتها و استمرت إلي العصر الحديث حتى هايدجر و هوسرل و فوكو، فأننا سنحكم لأول وهلة علي الفلسفة بأنها ليست إلا نمطا من الايدولوجيا، و ليس ما قام به أولئك الفلاسفة إلا نقض أيديولوجيا الفلسفة بايدولوجيا بديلة. و لكن بمحاولة الفلسفة الأوروبية التخلص من الميتافيزيقا القديمة ( الايدولوجيا) علي مستوي فعل التفلسف لم تستطع أوروبا التخلص في أفق الفلسفة المتحولة الي أيديولوجيا متجسدة التي تحولت فيها الماركسية إلي أضخم أيديولوجيا نافية للأخر و منتهكة لكرامة الإنسان.و يشبه مونرو علاقة الايدولوجيا بالفلسفة بعلاقة التبسيط بالعلم، و عندما يري العلم عبر التبسيط لا يعرف غالبا و إن كان التبسيط مدينا للعلم بأصله و يكتب في مكان آخر ( الايدولوجيا تشكلت في الفلسفات). أما (ميشيل سير) فيري إمكانية كون القول الفلسفي أيديولوجيا فيما يكتب، ويجوز أن يكون القول الفلسفي أيضا أيديولوجيا. ومن أكثر المخاوف التي تطرح ضد تفريغ الفلسفة من الايدولوجيا أن فعل التفريغ يودي إلي انتشار الفلسفات العدمية و الفوضوية. من هنا نري أن العلاقة بين الفلسفة و الايدولوجيا هي علاقة متداخلة و مركبة لا نستطيع أن نفصلها أو نتجاوزها. و هذا العلاقة هي من الأهمية بمكان حتى أننا لا نستطيع أن نغفلها.
&
اكاديمي مصري
&