أسباب العجز والفشل العربي؟&
في مقالة الأستاذ الكبير غسان شربل التي نشرتها إيلاف نقلا عن جريدة الحياة قبل يومين تحت عنوان "لقد فشلنا". حدد فيها أشكال الفشل العربي. ولكن المقالة جاءت مبتورة لأنه لم يتطرق إلى أسباب هذا الفشل الصارخ الذي جعل منا خطرا على أنفسنا وخطرا على العالم من حولنا.
مقالتي هذه لتحليل الأسباب الحقيقية وراء الفشل.. وأعلم مسبقا بانني أضع رأسي تحت المقصلة، لقول كلمة حق يحاول الجميع تجميلها والتحايل عليها.&
كلنا تعلّم مقولة الصحابي عمر بن الخطاب. ""متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا"".. الحرية هي الفطرة الطبيعية التي نولد فيها. ولكنها تتحول لتصبح الضحية الأولى في تربيتنا نظرآ للبيئة التي نعيش فيها، و’تشكل شخصيتنا منذ الصغر، وتهدمها في الكبر. الحرية هي الضحية الأولى لتربيتنا. ونبقى كمجتمع أيضا الضحية الحية الميته جراء فقدان الحرية. منذ نعومة أظفارنا وتحت مظلة الخوف من الله الذي يتربصنا ’تفرض علينا كلمات العيب والحرام. ويدخل الخوف من العقاب ومن النار ليملأ قلوبنا. الخوف من جهنم ومن النار يمنع وصول الحق إلى ضمائرنا.
حين نكبر قليلا ندخل في مبدأ الستر الذي يتناقض مع النميمة. مبدأ الستر يخدر ضمائرنا بحيث نتقبل الجريمة للتغطية على كل العيوب المجتمعية كما في قتل الشرف تحت مبدأ الستر. ثم وحين نسمع النميمة وهي تحطم روح الفرد المعرّض لها، الفرد الذي من العيب عليه أن يخرج عن القطيع. الفرد الذي نمحو منه أي إحساس بالإستقلالية صغيرا وكبيرا !! &تتلاشى ضمائرنا !!!&
ندخل المدرسة لنبدأ في تعلم التربية الدينية والتي لا تكون سوى بالحفظ الغيبي للنص بحيث ’يزرع في عقولنا وفي قلوبنا أن نقبله كما هو، بدون أي إعمال للفكر. فالخوف من الله عز وجل مرتبط بكل تصرفاتنا وأحاسيسنا. &واالعقاب الإلهي تطوّر ليترافق مع العقاب المجتمعي المتربص بنا.. كلاهما يسلط سيفه على ألسنتنا وعلى رقابنا وتتلاشى الحرية الفكرية بعد تلاشي الحرية والضمير والإستقلالية !!
وبعد أن نكبر قليلا نتعلم في مدارسنا إختلاف الفقهاء في تفسيرات النص. ولكننا نتعلم أيضا إجماعهم على أسوأ تفسيرات. تمحو من مجتمع بكامله معنى الرحمة والتعاطف والمساواة والعدل والحرية. التفسيرات التي تبقينا أحياء أمواتا في قبور أجدادنا. في ذات الوقت الذي نتعلم فيه بأننا خير أمة تلعو ولا ’يعلى عليها. تفسيراتهم البشرية الفقهيه التي جاءت في&
فقه المرأة، &يحرم نصف المجتمع من الإنسانية ويرسّخ لإنعدام العدالة والمساواة.&
فقه الذمي، ’يحرّم على المختلف حقه في حرية العقيدة. إمتياز المسلم على غير المسلم يحرمه من حقه في المواطنة الكاملة.&
فقه الولاء والبراء، &يقف سدا منيعا امام تقبل المختلف وهو الذي ’يعثّر الإندماج ليس فقط مع المختلف في العقيدة في مجتمعنا. بل وحتى المختلف الذي فتح لنا أبواب الرزق في بلده وشاركنا لقمة عيشه !!
سؤالك سيدي غسّان "" ومن أعطانا الحق في أن نملي على آخرين شكل أنظمتهم وقيمهم وأسلوب حياتهم """؟ &الإجابة.. فقه الجهاد بهدفه الأصلي تقسيم العالم إلى دار الكفر ودار الإيمان. مهد إلى حرب أبدية تأكل روح الإنسان، و’تغيّب الضمير الأخلاقي. تستنفذ كل الطاقات خاصة و هي ’تروّج على أنها الطريق الأقصر للجنة وتفادي عذاب جهنم بعد أن كرّهنا فقهاء الدين للحياة ؟؟
وبهذا أصبحت التوليفة المناسبة لكل العصور جاهزة للإنفجار في أي مكان في هذا العالم.&
هذا الخوف هو سبب فشلنا في بناء مواطن طبيعي يعيش الحياة وينتمي للواقع وللحظة الحاضرة. التطلع إلى الطريق الأقصر للجنة بنى شخصية كارهه لكل المختلفين عنها ومستعدة للإنفجار في أية لحظة ! ومع التقدم التكنولوجي أصبحت عابرة للقارات وكما قلت سيدي " أصبحنا مجموعة من الإنتحاريين الجوالين في هذه القرية الكونية لإعادة العالم إلى كهوف الظلام. & & & & &
الإثم الأكبر الذي يقترفه بعض الكتاب في تبريرهم لهذه الجرائم " بالظلم الذي لحق بنا" وبالبطالة التي يعاني منها البعض في الدول الجديدة. تبرير يقف حجرة عثرة أمام محاولة بحث وتحليل الأسباب الحقيقية الأخرى لعجزنا وفشلنا، إضافة إلى أنها ترفض التعاطف مع الآخر وتخدر مشاعره الإنسانية وتبرؤه من المسئولية. &التمجيد المبطن لإنتصارات وقوة الدولة الداعشية بدلآ من إعطائها الإسم الحقيقي "الإرهاب المتعمد"، &يبني وهما في عقل الإنسان العربي خاصة البسيط على انه إنتقام من الله ممن ظلمونا !!&
ويساهم على تاجيل صحوة الأنظمة بأن بناء دولة المؤسسات قد يكون بداية الطريق الصحيح لضمان بقائهم المهدد والتخلص من الأفكار الظلامية لتحقيق التقدم والتنمية بالعدل وليس بالتنمية بالإيمان !!!&
تعدد الفضائيات وتخبطها مابين المسؤولية الإعلاميه والحدود الأخلاقيه لحرية الرأي وحرية التعبير. إلى شارع عربي غير مهيأ نفسيا للحوار أو مهيأ حضاريا لإعمال العقل. إضافة إلى فقهاء ظلام ملؤا جيوبهم ومحو ضمائرهم ومسؤوليتهم أوصلنا إلى إسلام مرعب يرى أنه الأوحد الصالح لقيادة العالم.&
لم يعد هناك مناص ولا ومتسع من الوقت لدى الشعوب العربية ولا الأنظمة للتشبث بالخصوصية الثقافية لمنع التغيير. إحياء الوازع الأخلاقي المرتبط بالضمير هو الخطوة الأولى التي يجب أن تترافق مع والإقرار بأن الشريعه عمل إنساني يجب أن يتغير بتغير الظروف ويتأثر بالتطور، مراجعه جريئه للتراث للوصول إلى ثورة دينية فكريه!!
تاكيد وتثبيت قيم الحرية والمساواة والعدالة عن طريق القوانين ومناهج التعليم هي اول خطوة سواء بإرادة سياسية أم بثورة إجتماعية جديدة وقد تأخذنا جيل او إثنين.. ولكنها سترحم أبناؤنا من القتل العشوائي أو الإنتحار المتعمد!!!&
&