سؤال طرحته ايلاف في استفتاءها لهذا الأسبوع، وقد يعتقد او يؤمن القارئ انه اتهام للغرب بانه يستغل حقوق الانسان لتحقيق غايات سياسية، هي ابعد ما تكون عن حقيقة ما يدعيه. وقد يكون المطلوب حقا هو هذا، ولكن لنناقش الامر حقا، لنرى من الاستغلالي حقا.

صحيح ان الإعلان العالمي لحقوق الانسان، حديث العهد بالتشريع، قياسا لقوانين أخرى، الا ان نقد العبودبة والقهر والظلم، كان حسا إنسانيا تطور مع تطور الثقافة والعلوم وانتشار التعليم واتساع رقعة الاختلاط والتواصل الإنساني. فمنذ عصر الانوار في اوربا كان هناك نقد للدكتاتورية والمظالم وتواصلا معها كانت الحركات المعادية للعبودية وللحروب ومساعدة الجرحى والمرضى والفقراء ونشر التعليم وغيرها من الحركات التي اتخذت طابعا شعبيا، فرضت على المؤسسات العالمية اتخاذ الخطوات المناسبة لتشريع هذا الميثاق في 10 كانون الأول من عام 1948والكثير من البلدان العربية تفتخر ان احد المشاركين في وضع هذا الميثاق هو الدبلوماسي اللبناني شارل مالك. ولكن حسب علمنا ان بعض الدول العربية لم تزل بعد غير موقعه على الإعلان العالمي لحقوق الانسان، بحجة تعارضه مع الدين.
لنفترض، فرضا ان الغرب يحاول استغلال حقوق الانسان سياسيا ضد العرب، اذا لماذا نمنحة هذه الحجة، وهذه الورقة الرابحة لكي يستغلها؟ لماذا لا يكون تطبيق حقوق الانسان كاولية لدى الدول العربية، واليست غاية الدولة هي اسعاد شعبها، ام ان لها غايات أخرى غير معروفة؟
والامر الاخر، لماذا تعتقد الدول او الشعوب العربية انه يتم استغلال حقوق الانسان سياسيا ضد العرب؟ علمان ان التنبيها من انتهاك حقوق الانسان تطال غالبية دول العالم ولكن بالطبع بمستويات مختلفة، وحسب الدول وتجاوزاتها للمعايير المتفق عليها في تطبيق حقوق الانسان، فمثلا السويد قد لا تطالها اي انتقادات ولكن الولايات المتحدة الامريكية يمكن ولكن بالتأكيد ليس &بمستوى كوريا الشمالية وهكذا. ولكن فقط الدول العربية لديها حساسية خاصة تجاه اي نقد يوجه لها، وتحاول الدول العربية ومع الأسف ايضا الشعوب العربية، تأويل هذا النقد لاسباب غير صحيحة، كان يكون لاسباب دينية بدعوة تمسكها بدينها او بسبب الصهيونية ومخالبها المنتشرة في كل انحاء العالم او لسبب خوف العالم من الاسلام، او رغبة من الدول الغربية في السيطرة على ثروات البلدان او لتقسيمها.
ان تغييب حقوق الانسان من الحياة اليومية للشعوب في الدول العربية، يتم التغاضي عنه في اكثر الحالات، من خلا امثال هذه الادعاءات الكاذبة، ولستر عورة الدول العربية يتم اللجؤ في الغالب الى التراث والاتيان بقصص لا يعرف حقيقتها من كذبها للاستدلال على ان حقوق الانسان صناعة اسلامية عربية. وان لا احد له الحق في نقد من اسس لمعيار حقوق الانسان، في طرح يجمل الذات ولو بصور مشكوك في مصداقيتها من الماضي السحيق.
في كل يوم وفي كل طرح تكاد الدول العربية تقول انها ضد العالم وضد قييم العالمية. وينطبق عليها القول يكاد المريب يقول خذوني، فهي حاولت ان تسن لنفسها تعريف خاص للارهاب خارج الاتفاق العالمي، لانقاذ بعض منظماتها حينها ، ولكنها حتى في هذا لم تنجح، لانها انقلبت او اغلبها على من كانت تحاول اسثناءهم من تهمة الارهاب. وهي حاولت الاعتراض على فقرات خاصة من حقوق الانسان وحقوق المراءة وغيرها بحجة عدم اتفاقها مع تعاليم الإسلام ولذا حاولت وضع معيارها الخاص بخقوق الانسان المسلم وفي هذا أيضا لم تنجح في جعله معيارا متفقا عليه. ولعل احد اهم الفقرات التي اعترضت عليها هي حق اعتناق الدين وتغييره وممارسة شعائره. وهذا لا يمس حقوق من هو غير مسلم، بل المسلم الحالي والذي يريد تغيير دينه، لانه يجعله اسير حالة لا يرغب فيها، يجعله يشعر بان سجين في سجن مفروض عليه، ونتائج ذلك تكون وخيمة العاقبة على الفرد والمجتمع. تصوروا شخصا مضطرا للصلاة وبالقوة او للصوم فكيف سيكون تمثيله لما يفرض عليه. وهكذا دواليك الى حالات اخرى يجبر الفرد على السير عليها ليس قناعة، بل اضطرارا بفعل الضغوط الاجتماعية او السياسية او حتى القانونية المشرعة من قبل الدول.
لا ولا كبيرة ان الدول الغربية تستغل حقوق الانسان لاسباب سياسية، بل الدول العربية تمنح كل يوم الكثير من &الاسباب للعالم لكي يستغل نقاط ضعفها وتعنتها وعنجهيتها. وهذه هي السياسية. اما تتوافق مع العالم وتشارك في بناءه وتسييره وفق معايير انسانية او ان الانسانية تدينك. وبما ان العرب اقصوا انفسهم من المشاركة في التطلعات الانسانية وصناعة المستقبل الانساني، فلا احد يعيب على العالم، حينما يؤشر عليهم وعلنا انكم تجاوزتم كل الخطوط الحمر في تعاملك مع ابناء شعوبكم.
&
&