&
الطابع العسكري السائد في العراق مُقزز، والتباهي بعسكرة المجتمع مخجل . فنشر الثقافة المجتمعية ليس بالعمل السهل أو المؤقت، وإنتشار دمار مدن وقرى ينتشر مع إنتشار قوات الجيش والشرطة والأمن والمليشيات من عدة أطراف . وفجر الفلوجة وإعادة الحياة الى الديار يبدأ عند رفع المتاريس عن أهلنا ، و حين لا &يُعثَر على طفل حديث الولادة فى القمامة ويترك للموت ونعته بصفة اللقيط.&
ووفق الحالة السائدة ، لن يكون بمقدور أي جهة إيقاف موجة الكراهية بين المكونات والمقومات العراقية وإنتزاعها من المجتمع، ولم تستطع أي حكومة ، حزب سياسي ، هيئة دينية، إقتلاع أفكار ترسخت في عقول من وصلَ الى السلطة ونادى بطائفته وقوميته وعشيرته أولاً.
واذا اردنا التكهن مبدئيا بكيفية تطور الثقافة المجتمعية فعلينا الرجوع الى ستينات القرن الماضي حيث اتجه قادة العراق الى عسكرة المجتمع العراقي ورسخوا أفكار قتال القوميات والمذاهب وإنتزاع الأراضي ورافقها سوء تقدير الأضطراب المجتمعي الذي أجج المظاهرات والإحتجاجات والإعتصامات والتصادم السكاني فيه . ولحد الأن لم يضطلع أي مسؤول بمسؤوليته ولم &يقرأ أي مسؤول في رئاسة سلطة مجلس النواب((مجلس يجتمع ويؤجل ويرفع جلسة ويدعو)) حالة اللا أمان &التي تتطلب تشريعاً ملزماً لهم لأيقاف موجة الكراهية التي إنتشرت كالسموم و تتطلب سنوات من العمل المنهجي التعليمي اللا عسكري لإزالة شعاراته ومؤججيه. & &
ولن تجدي نصائح المستشارين العسكريين الأجانب حول ضرورة دمج القوات العسكرية من عربية وكردية وتوحيد عملها قبل نشرها وإنتشارها العشوائي. &
من السذاجة التصور بأن نشر قوات المشاركة في معارك الفلوجة والموصل ستُنهي مأساة العراق التي نصرخ ونقول بأنها ((لن تنتهي دون نشر وتغيير الثقافة المجتمعية أولاً)) بترابط المذاهب واحترام المعتقدات . هذه الثقافة ليس منتشرة ومُقيمة في المدن والأحياء العراقية بين الضابط والجندي ، الطبيب والممرض، المعلم والطالب ،المرأة والرجل ، الأبن والأب والأم ، كما أن الطبقة السياسية العربية والكردية دفعت بالثقافة المجتمعية الى الحضيض بتخصيص وتدوير المحاصصة وتعميق العمل العسكري المنفرد لقوات البيشمركة ومليشيات التحالف وعدم تنسيق فعالياتها تحت راية القوات المسلحة العراقية. الخلاف والتشكيك بقوى المجتمع ينكشف وفق أحاديثهم الأعتراضية ، وتجده في سيل تبني المقترحات الكلامية التي يتقدمون بها في مجلس النواب الهزيل لارضاء أعضاء كتل متكالبة على مقاعد، مما يتطلب سرعة حل رئاسته الفاشلة أصلا.&
وتعميق ثقافة الناس وتخصيص برامج خاصة لتعليم المواطنين لايتم بضياع أوقات ثمينة بإعتصام ونوم نواب داخل قاعة البرلمان المخصصة لإتخاذ تشريعات ، ولا تتم بإغلاق شوارع العاصمة التي أغُلقت رسمياً يوم الجمعة 27 أيار 2016 ، ونشر(( "القوات الامنية التي باشرت بقطع جسور الجمهورية والسنك والشهداء والطابقين وملعب الشعب والربيعي، كما أغلقت ساحات كهرمانة والخلاني والطيران والاندلس والوثبة باتجاه شارع الخيام و قطع شارع النضال باتجاه ساحة الطيران و(نزلة) محمد القاسم باتجاه الباب الشرقي وجسر القناة باتجاه وزارة النقل وشارع وزارة الداخلية باتجاه الباب الشرقي)). & &العراق الحالي يحذو بخطوة صحيحة الى الأمام وخطوات مرعبة خاطئة الى الوراء لعدم الإسراع بنشر ثقافة المحبة والأخاءالإنسانية .ولم يلحظ قادته الجدد إنتشار روح الكراهية والتفرقة منذ ستينات القرن الماضي.&
في محافظاتنا ، كانت ومازالت ، ثقافة رجال الدين منصبة على التعريف بالمكون الطائفي والتنديد بالمكون الآخر قبل التعليم والتعريف بالنهج الديني التربوي الحضاري. وساهم السياسيون في ركب موجة تحقير القومية والمذهب لعدم إدراكهم أن نشر ثقافة الجاهلية الأولى هي سبب الجهل والامية والفرقة بين بني الجنس البشري . ولولا نشر ثقافة الكراهية &لما إنتشر الأرهاب ، ولولا سوء الجهات التعليمية المدرسية والمهنية والبيتية &لكان العراق في وضع مُشرف وفي صفوف الأمم المتقدمة الآمنة. فحالياً ، وطبقاً لتصنيفنا المجتمعي نحن إما روافض أو نواصب ، ويحق لنا قتل إنسان مسلم وحرق جثته، علماً بأن النواصب والروافض صيغ مدانة إسلامياً وقرأنياً وإسناده للصحابة ونقله عنهم يدخل في صميم العمل الشيطاني المتعمد وغباء الأمة . وقد تلاعب خبثاء الأحاديث بعبارة صراخ" الله أكبر " لتبرير إطلاق قنبلة وتفجير مسجد ، وسفك دم ، ونشر ثقافة الموت وإيمانهم بها ، وتلاعبوا في &منهاج السنة النبوية وأحاديث الرسول العظيم (ص) كما تلاعب علماء الدين المسيحيين بقدرة ومعجزة العذراء مريم في ولادة سيدنا المسيح .
وفي ذروة نشر القوات العراقية لتحرير مدن وقعت في يد الأرهاب ، لا تنتشر في هذه المدن &ثقافة التعليم الديني الأنساني وإحترام القوميات وتأخي المذاهب . والأنتشار المجتمعي المعروف والسائد هو التناحر والمذابح والتكفير الطائفي والتصعيد المذهبي ودعوات الحرب والجهاد المترجمة للمسلم المجند على أنها دعوة الله وعلى المسلمين الأستجابة لها بالتلاحم والانسجام مع أمراء وأولياء دولة الخلافة الإسلامية ومن لايستجيب لهم فهو كافر رغم إعتراضات المؤمنين المخلصين.
بلا شك ، تعلو وتسمو الأهداف لتحرير الفلوجة من قبضة الرايات السوداء ، وهو اجماع وطني وان الفلوجة وأهلها ليست للأرهابيين أصحاب الفتن والفتاوى الشيطانية والإرهاب الأسود . الفلوجة عروس عراقية لن نسمح لهم ان يغطوها بسوداويتهم، ولن نسمح للذين يصطادون بالماء العكر ويتلاعبون بالألفاظ أن يوهموا الاخرين ان الفلوجة ومحافظة الأنبار وشبابها لدخلاء الرايات السوداء وهي مختطفة منهم أو في التشويش على انتصار أهلها وفرحتنا بنصرهم. لقد دأبت بعض الوجوه السياسية البائسة المحتقنة المتجهمة على الإيحاء ان مدينة الفلوجة متلونة الولاء وهي في حضن العراق، ونحن نرى بتفاءل ان الفلوجة هي عروس العراق بعد تحرير أهلها من المختطفين. واليوم سيستعيدها العراق" .
ومن أُسرتي مَن &"ينحني امام الجباه التي تمرغت بالتراب دفاعا عن الوطن ونقبل الجباه السمراء الشابة التي اثبتت للعالم اننا شعب لا يموت &ولن نُهزم ما دمنا نُقاتل بعقيدة وتحت راية الولاء للعراق أولاً ".
وتاريخ حضارتنا مُجسد في زهوَ التُّرَاثِ &والإبْدَاع وجهد العمل الإنساني في التوجيه والإرشاد لنشر الثقافة المجتمعية .
ضياء الحكيم باحث وكاتب سياسي&