فيروس كورونا علمنا كيف أن البشرية برمتها ضعيفة أمام كائن صغير وخفي سواء كان طبيعياً أو مُصنعاً بيولوجياً، وصدق الله جل وعلا في الآية ٨٥ من سورة الإسراء بقوله تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)، فمع كل هذا التطور العلمي والطبي إلا أن الجميع عاجز عن إيجاد لقاح وعلاج لهذا الوباء.

وهنا يأتي دور الحكومات في التعامل مع هذه الأزمة الخطيرة، حيث ظهر النجاح الصيني في مقاومة الجائحة في مقابل سقوط الدول الغربية في أمريكا وأوروبا بشكل غريب، ولا نقول بأنها نمور من ورق ولكنها نمور مترهلة ومتغطرسة فسقطت من برجها العاجي.

وفي المقابل يمكننا ذكر الأداء السعودي بفخر، حيث لم تحافظ على مواطنيها والمقيمين على أراضيها فحسب، وإنما حافظت على العرب والمسلمين حينما حظرت مبكراً العمرة والزيارة، حتى بلغ الحد بوكالة الأنباء التركية الرسمية أن تسخر وتشمت من قوة الاحترازات، وما هي إلا أيام ليظهر كيف كانت السعودية حكيمة في قراراتها وشفافة في معلومتها في مقابل أن تركيا سقطت سقوطاً ذريعاً من حيث مكابرة الواقع وإخفائه وإنكاره وترك الوباء ينتشر لديها حتى أن القادمين للسعودية من تركيا كانوا مصابين بالفيروس، وتفشى المرض لديهم بقوة وسقطت الوفيات الكثيرة، ولم نقابل الإساءة بمثلها بل نتمنى للشعوب في العالم السلامة والعافية مهما كانت أنظمتهم معادية لنا وللعرب والمسلمين.

وها هي الحالات في السعودية تتناقص يوماً بعد يوم، والوفيات لم تتجاوز الثلاثة حتى اليوم الجمعة، وذلك بحكمة إدارة الأزمة والخطوات الاستباقية الاحترازية المشددة التي آتت ثمارها سريعاً بفضل الله ثم بفضل التزام الناس بالبقاء في منازلهم واتخاذ الحيطة والإجراءات اللازمة.

ولكن هناك تفاوت بين الحكومات في خدمة شعوبهم، ففي الإمارات مثلاً أسقطت البنوك أكثر من ثلاثة آلاف مليون درهم عن المقترضين، وفي الكويت أجلت البنوك جميع أقساط الناس لمدة ستة أشهر، كما منحت شركة الاتصالات النت مجاناً، وهكذا في دول أخرى خليجية وعربية، في حين أن لدينا في السعودية تقصير من القطاع الخاص في مثل هذه المبادرات، ويجب على الجهات الحكومية المختصة بالقطاع الخاص بأنواعه القيام بواجبها بالمبادرة تجاههم وعدم تركهم على سلبيتهم، والاستجابة لمطالبات الناس وعدم تجاهلها، فالبنوك وشركات الاتصالات هما أكبر قطاعين مستفيد من الدولة وبلا ضرائب ضخمة كما هو الحاصل في أمريكا وأوروبا مثلاً، ومع ذلك تبخل على الناس حتى في مثل هذه الأوقات العصيبة، واللوم على مؤسسة النقد كبنك مركزي وعلى هيئة الاتصالات كمرجع رسمي بعدم مراعاتهم لهذه الظروف، وكل أزمة تظهر لنا حقيقة أداء كل جهاز ومسؤول في الدولة.

وختاماً أسأل الله أن يزيل عن البشرية عاجلاً هذه الجائحة وبأقل الخسائر، ونتمنى أن نستفيد من هذا الدرس لصالح الإنسانية في المستقبل بعيداً عن الأنانية لدى الدول والأفراد.