استنادا الى البيانات والاحصائيات المعلنة يوميا عن حالات الاصابة والشفاء والوفيات بوباء فايروس كورونا، والصادرة من قبل منظمات صحية دولية مثل منظمة الصحة العالمية والمركز الاوربي للوقاية والسيطرة على الامراض، والمتابعات الصحافية والاستقصائية والتحليلية لمؤسسات فضائية واعلامية مثل بي بي سي وايلاف وغيرها، يبدو ان الارقام المدونة عن الحالات بدأت تسجل تنازلا عن نسبة الاصابات والوفيات وزيادة في معدلات الشفاء لحالات الاصابة بفايروس كورونا في عموم ارجاء العالم.

واستنادا الى دور عنصر المناعة لدى الانسان المعاصر مع عوامل اخرى مثل التحسن الغذائي والتقدم الطبي والصحي في وقاية الفرد وحماية المجتمع وتطور التربية والتعليم، طرحنا رؤية متواضعة بمقالنا المنشور في منبر "ايلاف" بتاريخ 24\3 تحت عنوان (نهاية وباء فايروس كورونا قريبة، ولكن!) بخصوص الأزمة الوبائية العالمية المنتشرة بالقول (ولهذا نجد ان نهاية فايروس كورونا باتت قريبة، وستظهر اوج ضربات الفايروس في نهاية شهر اذار وبداية نيسان، وثم تبدأ بالانخفاض في عدد الاصابات والوفيات تنازليا وتبدأ بالزيادة في عدد المشافين تصاعديا، الى ان تصل مستوى الاصابات الى ظهور حالات فردية في شهر ايار لا تلبث ان تبدأ بالاختفاء)، مزيدا (ولكن من الناحية الوبائية لا تستبعد ظهور وباء كورونا من جديد في مواسم لاحقة في فصل الشتاء وبداية الربيع، وحينها ستكون للقاحات التي من المنتظر تصنيعها وانتاجها قريبا من قبل الشركات الدوائية العالمية دورها الفعال في السيطرة والقضاء على الوباء).

ويبدو ان هذه الرؤية قد بدأت تظهر بملامحها الاولية، حيث بدأت المؤشرات البيانية الحقيقية الصحية المعنية تبرز وتكشف عن بداية تراجع انتتشار وباء فايروس كورونا وقرب نهايتها، وجاءت بصورة واضحة من خلال بيانات المنظمات الصحية والمؤسسات الاعلامية الدولية، كمنظمة الصحة العالمية ومؤسسة بي بي سي البريطانية، وكذلك الاصدارات البيانية للمركز الاوربي للوقاية والسيطرة على الامراض (ای سی دی سی)، والمتابعات الاحصائية لجريدة (ايلاف) وغيرها.

ومن خلال الرسم البياني للبيانات المأخوذة من المصدرين اعلاه، تبين ان الفايروس بدأ بالتراجع فعلا بنسبة الاصابات ابتداءا من يوم 12\4، بعد ان وصل الى ذروتين بالانتشار في حالات الاصابة على مستوى العالم، الاولى في 4-5\4 والثانية في 9-10\4، حيث سجلت ارقام الحالات المصابة في الاولى 84844 وفي الثانية 84205 حالة في يوم واحد، كما هو مبين في الرسمين المرفقين عن الانتشار اليومي لحالات الاصابة بالفايروس في العالم.

وكذلك فان الفايروس بدأ بالتراجع في نسبة الوفيات من الحالات المصابة ابتداءا من يوم 11\4، بعد ان وصل الى ذروتين بالانتشار في حالات الوفيات على مستوى العالم الاولى في 2-4\4 والثانية في 8-10\4، حيث وصلت بالاولى الى 5641 حالة وفاة في اليوم، وبالثانية وصلت الى 6592 حالة وفاة ليوم واحد، كما هو مبين في الرسمين المرفقين عن الانتشار اليومي بالعالم لحالات الوفيات نتيجة الاصابة بفايروس كورونا.

ونعتقد ان اسباب هذا البدء لفايروس كورونا بالتراجع على مستوى العالم، تعود الى ما يلي: تملك الانسان المعاصر الراهن لقدرات مناعية ذاتية جيدة لحماية الجسم من الامراض والاوبئة الفتاكة على مستوى الافراد والجماعات، والتحسن والتنوع الغذائي لدى الانسان وعلى مستوى امم العالم، وعدم اتصاف فايروس كورونا المستجد بالضراوة العالية لوجود نسبة عالية من الشفاء 80-90% لدى المصابين بالفايروس، وقلة نسبة الوفياة 2-4% مقارنة بعدد الاصابات، والتطور الصحي والطبي العام على مستوى الدول والمجتمعات، وتوجه المناخ العام في النصف الشمالي من الكرة الارضية نحو ارتفاع درجة الحرارة وقدوم موسم الصبف، والتوفر الواسع لوسائل ومواد ومستلزمات التطهير والتعقيم في الحاجات والاستحدامات والضروريات اليومية العادية في الاكل والملبس والعمل والرعاية والسكن والصحة، وتوعية الفرد والجماعات على الالتزام بمباديء واولييات الاجراءات الصحية التي تقدمها وتنشرها الاجهزة الحكومية والمنظمات الصحية والبيئية المحلية والوطنية والدولية، وفعالية اجراءات وقف التنقل والحركة للافراد والمجموعات البشرية في كثير من بلدان العالم.

ولكن من المثير ان فايروس كورونا سجل نسبة حالات عالية بالاصابة والوفيات في الولايات المتحدة واسبانيا وايطاليا وفرنسا والصين منبع الوباء، ولحد الان لم تكشف اي دراسة عن اسباب هذا الواقع، وكذلك في الشرق الاوسط انتشر الفايروس بنسبة واسعة في ايران وتركيا، وبنسبة قليلة في مصر والسعودية والعراق والاردن وفي دول الخليج، وبحالات قليلة جدا في اليمن وسوريا وليبيا رغم وجود حروب اهلية في تلك الدول.

وعمووما يبدو من قراءة الاحداث ان عالم ما بعد كورونا يختلف تماما عن عالم ما قبله، وكما رأينا من خلال المفاجآت والتطورات والتقلبات التي احدثها الفايروس بحجمه المتناهي الصغر جدا، فقد صدق من قال ان لله في خلقه شؤون.