لو قدر للرئيس المصري الراحل أنور السادات إنه لم يغير من مسار مصر من حيث العلاقات السياسية والعسکرية مع الاتحاد السوفياتي(روسيا بوتين الحالية)، فهل کان بإمکانه إسترجاع شبه جزيرة سيناء من إسرائيل؟ واسمحوا لي بسٶال أکثر وضوحا وجرأة؛ مالذي تحقق للبلدان العربية التي کانت دائرة في فلك الاتحاد السوفياتي من مکاسب ومنجزات؟ حدثوني عن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وعن الجمهورية الليبية الاشتراكية العظمى وعن الجمهورية العربية السورية وعن العراق ، مالذي حصلوا عليه من تلك الدولة التي ذابت مع الدول الخاضعة لنفوذها مما کان يسمى بالکتلة الشرقية سابقا کجبهة ومنطقة تضاد خلال فترة قصيرة جدا؟

أزمة کورونا التي صارالحديث يحلو في ظلها عن مستقبل النظام العالمي وإحتمال تسيد العملاق الاصفر للعديد من الاوساط الاعلامية في العالم العربي وخصوصا أولئك الکتاب الذين يتبعون أسلوب"عنزة حتى لو طارت" ضد الولايات المتحدة الامريکية خصوصا والبلدان الغربية عموما من حيث تهويلهم للدورين الصيني والروسي في العالم، تماما کما فعلت دول عربية في عهد الاتحاد السوفياتي المنهار والذي ظهرت عيوبه للعالم کنظام قائم على أساس من القمع والمرکزية المفرطة.

منذ أن بدأ فايروس کورونا يجتاح دول العالم، شرع عدد لاأقول کبير ولکن ملفت للنظر من الاقلام العربية للحديث عن إن العملاق الاصفر قادم وإن دور الولايات المتحدة الامريکية الامريکية ماض نحو الافول والاهم من ذلك إن هذه الاقلام تردد الرواية الصينية بشأن نظرية المٶامرة الامريکية وجعل الصين تبتلي بفايروس کورونا، ولکن هذه النظرية التي سرعان ما تبددت وتلاشت بعد إصطدامها بحقائق تفند وتدحض رواية أحفاد جنکيز خان، خصوصا بعد أن تزايدت وجهات النظر الدولية التي تدعم الرٶية الامريکية بشأن إحتمال تورط الصين في نشر وتفشي وباء کورونا.

الانجراف الغريب للعديد من الاقلام العربية في معاداة الدور الامريکي والسعي للنيل منه ولاسيما ذلك الکاتب الفلسطيني الکبير الذي يبدو أشبه بالمهووس في رفضه ومعاداته للدور الامريکي في المنطقة والعالم، يتجاوز أحيانا الحدود المألوفة والمنطقية وکما يقول نجيب محفوظ:" العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن بها." فإن الانحياز"المفرط" للصين وقبل لروسيا وقبل ذلك للإتحاد السوفياتي وذلك وفق القاعدة المعروفة"عدو عدوي صديقي"، لم يبنى على أساس عقلي ومنطقي بقدر ماهو قائم على أساس عاطفي وإنفعالي وهذه الاقلام تبني مواقفها على أساس إن الصين والروس هم أقرب للموقف العربي والاکثر تفهما وتعاطفا معه، ولکن لاتريد بل ولاتحبذ هذه الاقلام أن تلتفت الى إن الاحتضان والتفهم والاحترام الغربي للإسلام من خلال الجاليات الاسلامية المقيمة في الغرب من القوة بحيث إنها أفضل من مثيلاتها حتى في بلدانهم، ولکننا لو نظرنا الى التعامل الصيني مع أقلية الإيغور المسلمة والتعامل الروسي مع الشيشان، فإن الصورة تتوضح تماما بين هذه العقليات الثلاثة، ومن الواضح والمٶکد جدا بأننا لو إفترضنا جدلا بأن الصين أو الروس لو أصبحوا سادة العالم بدلا من أمريکا والغرب فإن التصور بأن أوضاع العرب خصوصا والمسلمين عموما سوف تصبح أفضل، فإن ذلك تصور في غير محله ومع الاخذ بنظر الاعتبار إننا نريد الاقرار بأن الغرب ليسوا بملائکة وهم يقومون بتنفيذ مخططاتهم على المکشوف، فإن الصين والروس من النوع الذي يقتلون في صمت ويسجلون الجريمة دائما ضد مجهول ناهيك عن إنهم ينفذون مخططاتهم ببرود قاتل ولاتنتبه الى نفسك إلا وأنت قد أصبحت رهينة في أيديهم.