ثلاثة وعشرون سنة عن رحيلها، لا يمر يوم إلا وتكتب الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية عن أميرة ويلز الراحلة، حياتها كانت محل أنظار الصحافة البريطانية والعالمية، وموتها شكل جدلا كبيرا ولغزا محيرا للعالم، وأسرارها مازلت تشكل مادة دسمة للإعلام، الأميرة ديانا التي وصفت بالمرأة الخجولة والإنسانية والنجمة الاجتماعية بامتياز، تعرضت للكثير من المصاعب في حياتها منذ طفولتها إلى زواجها من الأمير تشارلز ثم انفصالها عنه، حيث سبب طلاق والديها وهي في سن الثامنة ألما شديدا لها وانعكس بشكل سلبي على نفسيتها ونشأتها، فكانت تخاف من الزواج بسبب فشل علاقة والديها وبعدها عن والدتها التي تركتها هي وإخوتها مع والدها، الأمر الذي جعلها حساسة للغاية، فقد كانت تفتقد للحنان والحب، لذلك كانت تخال أن زواجها من الأمير تشارلز سيجلب لها السعادة والحب الذي رسمته في خيالها الطفولي.

لا شيء كان يسير على ما كانت تحلم به الأميرة وهي صغيرة، بل بدأت تتحطم أحلامها عاما بعد عام، أدركت أيقونة الجمال أن قلبها ينكسر مرة أخرى، وبدا ذلك جليا وأثار انتباه الصحافة التي تتابع عن كثب تصرفات الأميرة وامتعاضها، وكان كل شيء ينتشر بشكل سريع في الإعلام الذي كشف الخلافات بين الأميرة والأمير، وتوثيق كل خطواتها ما بدأ يشكل مصدر ازعاج لها.


*زواجها من الأمير تشارلز جعلها محط أنظار الصحافة*

عندما تعرفت الأميرة ديانا بالأمير تشارلز كانت تتخيل أنها تعيش قصة حب شبيهة بقصص زواج الأمير بالمرأة التي يحبها ويكون زواجهما سعيدا، لكنها لم تكن تدرك طبيعة الحياة التي ستعيشها بعد زواجها، الكثير من العادات الملكية التي عليها أن تتعلمها، وكل الإيتيكات المتعلقة بمختلف التعاملات اليومية للأميرة، والتأقلم مع شخصية الأمير تشارلز المختلف عنها بشكل كبير، والأمر الآخر المهم هو كيفية التعامل مع الصحافة، في وقت أصبحت فيه تتصدر الصفحة الأولى للصحف والمجلات، والكثير من اللقاءات التلفزيونية حول كل ما يتعلق بها.
لاشك أن أميرة ويلز شكلت مادة دسمة للصحافة نتيجة مكانتها كزوجة لوريث العرش البريطاني(الأمير تشارلز) وكأم لوريثي العرش (ويليام وهاري)، كما أن نشاطاتها الإنسانية لفتت انتباه العالم وخلدت في سجل حياتها الجانب الإنساني لشخصيتها المحبوبة.
كانت الصحف البريطانية تكتب بشكل يومي عن الأميرة ديانا حول جمالها ونشاطاتها ورحلاتها ولقاءاتها ومشاريعها وأعمالها الخيرية الجريئة، كانت إنسانيتها تحركها وتدفعها لتكون قريبة من الناس.

شكلت زيارتها لمستشفى الجذام بإندونيسيا في العام 1989 حدثا مهما للصحف البريطانية والعالمية، حيث لمست الأميرة الجروح المضمدة للمرضى بيديها لتبين للعالم كله أن هؤلاء المرضى هم بشر يحتاجون للدعم الروحي والمساندة الإنسانية وان التعامل معهم كأنهم ملعونين لا يمت بأي صلة للبشر، لتتولى بعدها رعاية منظمة مكافحة الجذام، حيث زارت المشافي والمشروعات الخاصة بتلك المنظمة في الهند ونيبال وزيمبابوي، وهكذا فعلت تتماما مع ضحايا الإيدز، حيث افتتحت مركز لاند مارك لإيدز في جنوب لندن وتواصلت شخصيا معهم بل وقامت بجولة عالمية لدعم ضحايا الإيدز.

من النشاطات التي شكلت جدلا كبيرا جعل الصحف تسكب كثيرا من الحبر عليها، رعايتها الرسمية لمؤسسة "هالو ترست"، أهم مؤسسة في مجال إزالة الألغام الأرضية، اعتبره البعض تدخلا خطيرا في السياسة،حيث جابت الأميرة في يناير 1997 العالم للمشاركة في حملة إزالة الألغام، والتقطت لها الكثير من الصور أثناء تواجدها بحقل ألغام أنجولي.

*الباباراتزي الكابوس في حياة أميرة ويلز*

لم تكن التغطية الإعلامية للأميرة ديانا شيئا محببا لها، بل بدأت تشعر بالاستياء بسبب ملاحقة الباباراتزي لها، أحست أنها فقدت خصوصية حياتها، فبمجرد خروجها أو ذهابها إلى أي مكان وإن كانت متخفية ينهال عليها المصورون، هذا هو الوجه الآخر من الصحافة، للحصول على السبق الصحفي، حتى بدت غاضبة في بعض المواقف من هؤلاء الذين يتبعونها حتى أثناء وجودها رفقة ابنيها في لحظات عائلية خاصة، لكن ذلك لم يجد نفعا مع هؤلاء، فملاحقة الأميرة كان أهم شيء يقومون به لبيع المعلومات للصحافة والحصول على مبالغ طائلة، لكن ما أثار مخاوف الأميرة أكثر أنها أيقنت أن هذه الملاحقة لم تكن أمرا عاديا بل إنها شعرت أن حياتها مهددة بالخطر وهذا ما قالته تماما وكشف عنه سكرتير الأميرة السابق باتريك جيفسون.

*قبل موتها لم تسلم الأميرة من إزعاج الباباراتزي*

"الصحافة هي التي تسببت في موت ديانا" هكذا صرح تشارلز سبنسر عقب وفاة شقيقته الأميرة، بسبب الملاحقة التي تعرضت لها قبل لحظات من الحادث المروع الذي أودى بحياتها.
في 31 أغسطس من عام 1997 كانت الليدي ديانا تقضي وقتا في باريس، تحاول تجاوز مرحلة طلاقها من الأمير تشارلز الذي سبب لها انتكاسة حقيقية، خصوصا أنها لم ترغب في إنهاء العلاقة بزوجها ولم ترد أن يعش ولديها الأميرين(ويليام وهاري) في أسرة متفككة،لأنها عاشت ذلك الإحساس القاتل وهي طفلة، لكنها لم تتمكن من منع هذا الطلاق الذي تم فعليا عام 1996.

وفي ليلة 31 أغسطس 1997 تعرضت الأميرة لحادث مروع في جسر الما بباريس انتهى بوفاتها، وفاة غامضة يقال أن الباباراتزي الذين كانوا يلاحقنوها هم الذين تسببوا في حادث السيارة التي تعرضت له، واللغز الآخر أن كيفية تعامل الباباراتزي مع الحادث كان استفزازيا، لأنهم اهتموا بتصوير الحادث بدلا من طلب الإسعاف للأميرة وهذا ما كانت تخاف منه الاميرة في السنوات الأخيرة من حياتها، تموت عبر مطارتها من قبل "الباباراتزي".

لاشك أن سلوك الباباراتزي وبعض الصحافيين كان نقطة سوداء في تاريخ الصحافة، لكنه لا يمثل هذه المهنة التي قدم لأجلها الكثيرون أرواحهم لأجل خدمة قضايا مجتمعاتهم، وهنا تؤكد بينيديكت بافيوت مراسلة سابقة لدى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن وسائل الإعلام أصبحت أكثر حذرا خلال السنوات العشرين التي انقضت منذ وفاة ديانا.

وفاة أميرة القلوب حد بشكل كبير من تحرك الباباراتزي الذين باتوا في مرمى الغضب الشعبي نتيجة الألم الشديد الذي تسببوا به في رحيل وردة انجلترا.

*كاتبة وإعلامية جزائرية