بالطبع فإنّ "لوْ" عندما تأتي متأخرة فإنه لا قيمة لها إلاّ أنْ تكون "عبرة" لمن يريد أن يعتبر وحقيقة ونحن نقلب أوراق ليبيا: "الجماهيرية العربية الشعبية الإشتراكية العظمى" بعد رحيل معمر القذافي وإعدامه بتلك الطريقة البدائية المرعبة في عام 2011 مع أول بدايات :"الربيع العربي" الذي كان من الأصح أن يسمى: "الزمهرير العربي" نجد أنه كان منْ الأفضل بألف مرة لو أن تلك الحركة الإنقلابية في عام 1969، التي كانت كالقطة قد أكلت: أبناءها وفي طليعتهم الضابط عمر المحيشي الذي تم إعدامه بتهمة التآمر بإلقائه مكتوفاً من طائرة في البحر الأبيض المتوسط، قد فشلت وجرى إعدام قائدها وكل الذين شاركوه في تلك الكارثة التاريخية ولو أن الملك محمد إدريس السنوسي، الذي هو أول حاكم لهذا البلد العربي بعد إستقلاله عن إيطاليا، قد إستمر إلى أن سلّم "الأمانة" لمن جاء بعده من عائلته السنوسية التي تعود بأصولها البعيدة إلى الهاشميين الأوائل في الديار الحجازية.

لقد كان ذلك اليوم، الأول من سبتمبر عام 1969، حالك السواد بالفعل وحيث أنّ البديل عن القذافي وثورته و"جماهيريته" ورايته الخضراء، أو الغبراء، سيكون الملك السنوسي هذا الذي كان ملكاً لولايات ليبيا الثلاث: "برقة وطرابلس وفزان" والذي كان عليه إجماع من كل مكونات الشعب الليبي على إعتبار أنه قائد الإستقلال الحقيقي والفعلي وأنه يتكىء على تراث عائلي يعود إلى هاشميي البلاد المقدسة أي مكة المكرمة والمدينة المنورة.

في كل الحالات أن هذا البلد العربي الأصيل بعدما تخلص من تلك المرحلة، التي كان عنوانها: "اللجان في كل مكان" وكان إسم ليبيا خلالها ذلك الإسم اللامتناهي الطويل: "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الإشتراكية العظمى" الذي، أي هذا الإسم، كان الرئيس السادات، رحمه الله، من قبيل التندر و"التريقة" يبدأ بالمفردة الأولى منه ثم يتوقف ويقول لمن كانوا يستمعون إليه: "خذ نفس..وبقى كمل"..بات الآن أي هذا البلد يلملم أشلاءه ويستكمل إلتقاط أنفاسه بعيداً عن: "اللجان في كل مكان" وعلى أساس أن تكون هناك دولة ديموقراطية لكل أبنائها ولكل مكوناتها العرفية ومع الإحتفاظ بـ "برقة وطرابلس وفزان" ومسح ما تبقى من تلك "الجماهيرية" التي كانت أكثرفردية من كوريا الشمالية ليقرر هذا الشعب العظيم مصيره بنفسه وينعم بـ "ديموقراطية"حقيقية وفعلية وعلى أنّ "الوطن للجميع" .

إنه لا خير في أن تكون ليبيا مكونة من إثنين وعشرين ولاية تنضوي كلها في ثلاثة ولايات رئيسية هي: "طرابلس وفزان وبرقة" وإنه لا خير في أن تكون هناك مكونات شعبية متعددة فالأهم من هذا كله هو أن يكون هذا البلد لكل أبنائه وأن تكون ثرواته للجميع وأنْ يتمتع شعبه بالمساواة والديموقراطية وبالحريات العامة وأن لا يسمح لا لقريب ولا لبعيد التدخل في شؤونه الداخلية وهذه المسألة الضرورية يجب أن تكون منذ البدايات وذلك لأنه لا يمكن أنْ يصح إلاّ الصحيح والصحيح هو أن يكون القرار في هذا البلد العظيم لأهله وأبنائه وليس لأي متطفل وغريب!!.

وعليه في النهاية فإن هذا كله يجب أن يبدأ منذ الآن منذ الخطوة الأولى ويجب ألاّ يسمح الشعب الليبي لأي متسلل أن يخترق صفوفه ولا لأي متزعِّم أن يستعيد لا وضعية "الجماهيرية" ولا وضعية: "اللجان في كل مكان" وأيضاً ولا "لو"ْ خطوة واحدة من المسيرة "القذافية".. وهنا فإن المؤكد أن تلك التجربة المرة و"العلقمية" المذاق منذ الفاتح من عام 1969 وحتى أول شرارة في هذه الثورة المباركة الأخيرة كافية لأن تجعل الليبيين بكل منابتهم وأصولهم يتمسكون بوحدتهم ووحدة بلدهم وعلى أساس أنّ: "الدين لله وأن الوطن للجميع"..واللهم إشهد!