من قاسيون أُطلّ يا وطني
وأرى دمشق تعانق السحبا
آذار يدرج في مرابعها
والبعث ينثر فوقها الشهبا
****
هذا كان بعام 1964 بعد "ثورة" حزب البعث الأول بالثامن من آذار (مارس) 1963 بنحو عام، والمغنية هي المطربة دلال شمالي الأردنية المولد، والشاعر هو خليل خوري، ويومها كان هذا الحزب بذروة تألقه وكانت ثورته هذه أول إنقلاب عسكري له بعد ثورة أو إنقلاب شقيقه "البعثي" بالعراق بنحو شهر أي 8 فبراير (شباط) 1963، المعروف أن هذا الإنقلاب الفاشل تجدّد بالسابع عشر من تموز (يوليو) 1968، وهكذا فإنّ عيون "البعثيّين" ذلك الوقت إتجهت نحو دول عربية أخرى إنْ بمشرق الوطن العربي وإنْ بمغربه.
****
لكن هذا "البعث" الذي غنت له شمالي ما لبث أن تشرذم مبكراًّ وأكل بعضه بعضاً ومزقته الإنقلابات العسكرية في بلد كان أول إنقلاباته إنقلاب حسني الزعيم في مارس (آذار) 1949 وحيث توالت وتلاحقت الإنقلابات بهذا البلد الذي كانت عاصمته دمشق توصف بأنها: "قلب العروبة النابض"، وحقيقة أنها كانت في تلك الفترة المبكرة وقبل ذلك تعتبر فعلاً حاضرة (عاصمة) الوطن العربي إن بالمرحلة العثمانية وإن بالمرحلة الإستعمارية اللاحقة!!

وهكذا ولإنّ الإنقلابات أصبحت ظاهرة سورية فإنّ "الإنفصاليين" إنقلبوا عام 1961 على الرئيس جمال عبدالناصر وعلى الجمهورية العربية المتحدة ثم إنقلب "البعثيّون" على "الإنفصاليين" عام 1963 وكان أول إنقلاب بعثيٍّ على "البعث" نفسه بقيادة اللواء صلاح جديد في 23 شباط (فبراير) 1966 ثم جاء دور وزير الدفاع حافظ الأسد الذي إنقلب على "رفاقه" عام 1970 تحت عنوان: "الحركة التصحيحية"، وحيث بقي بالحكم حتى عام 2000 أي نحو ثلاثين عاماً ليتسلم الحكم إبنه هذا الذي بقي رئيساً حتى الآن .. أي لعشرين عاماً ربما تتواصل لعشرين سنة وأكثر!!

والآن وبعد هذه الفترة الطويلة فإنّ سوريا، وللأسف قد أصبحت ممزقة وأصبح نظام الأسد (الإبن) لا يسيطر فعلياًّ إلا على بعض دمشق وبعض الأجزاء من حمص وحماة وبالطبع فإنّ هضبة الجولان لا تزال ترزح تحت الإحتلال الإسرائيلي منذ 1967 وحتى الآن وإن الشعب السوري الذي إعتاد على رغد العيش إن بالمرحلة العثمانية المبكرة وإن لاحقا بات ما تبقى منه بوطنهم يتضورون جوعاً ويحاولون الهجرة بكل الإتجاهات ويتزاحمون على حدود الدول القريبة والبعيدة.. وللأسف.