كان متوقع، إلّا للذين لا يعرفون حقائق الواقع الفلسطيني، أن تفشل مفاوصات القاهرة بين الحركتين الفلسطينيتين: حركة "فتح" وحركة المقاومة الإسلامية إذْ أنّ ما تريده الحركة الأولى وبقيت تسعى إليه على مدى فترة طويلة ترفضه الحركة الثانية أي "حماس" التي جاءت إلى ساحة النضال الفلسطيني متأخرة إثنين وعشرين عاماً والتي كانت قد بدأت "مسيرتها النضالية" بذلك الإنقلاب الدموي في قطاع غزة على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني وبالطبع على الرئيس محمود عباس (أبومازن).

وحقيقة، وهذه الحقيقة يجب أن تقال، أنّ "حماس" هذه لم تعتبر نفسها ولم يعتبرها الآخرون تنظيماً فلسطينياً فهي حركة "إخوانية" تابعة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين والمعروف أنّ هؤلاء بعد تجربة طويلة وبعد أنْ أصابهم ما أصابهم في مصر قد إلتحقوا بالتحالف الذي باتت تقوده إيران والذي غادره، وهذا غير مؤكد، رجب طيب أردوغان الذي دأب على طرق الأبواب المصرية ولكن بدون أي تقدم في هذا المجال حتى الآن!!.

والمعروف أن "حماس" هذه قد إفتعلت ذلك الهجوم الصاروخي في مايو (أيار) الماضي على إسرائيل لتسحب القرار الوطني الفلسطيني من يد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) وحقيقة لـ "تشطب" منظمة التحرير الفلسطينية وهذا قد إتضح عندما إعتبرت أنها المفاوض الوحيد مع الإسرائيليين وأنه لا قرار فلسطينياً إلا قرارها وأنها قد ذهبت إلى مفاوضات القاهرة الأخيرة مع حركة "فتح" وهي مصممة على أن لا يكون هناك أي إنجاز وأي تقدم في هذا المجال.

وبالطبع فإن "حماس" هذه التي لا تعتبر نفسها تنظيماً فلسطينياً وإنما تنظيماً دولياّ كحركة "إخوانية" ترفض حل الدولتين أي دولة فلسطينية على حدود عام 1967 ودولة إسرائيلية على حدود عام 1948 وحقيقة أن هذا يضع في أيدي الإسرائيليين حجة مقبولة دولياًّ ويعطيهم الحق كله في أن يفعلوا كل هذا الذي يفعلوه وعلى أساس كل هذا الذي يتمسك به بنيامين نتنياهو وأيضاً نفتالي بينيت وهنا فإنه لا بد من التذكير بأن رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار قد قال: إن ما كان مطروحاً بشأن المصالحة مع حركة "فتح" وسبق التوصل إليه في القاهرة لم يعد صالحاً بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.. وإن منظمة التحرير هي: "مجرد صالون سياسي"!!.

والآن وقد إنسحبت "حماس" عملياًّ من مفاوضات القاهرة مع حركة "فتح" فإنها قد أثبتت أنها بالأساس ليس حركة فلسطينية وإنها تنظيماً إخوانياً تابعاً للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وأن قرار هؤلاء جميعاً هو قرار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وأنّ قطاع غزة مثله مثل الدول العربية التي إخترقتها إيران تنظيمياًّ وسياسياً وهي كما هو معروف ومؤكد العراق وسوريا ولبنان.. وأيضاً واليمن الذي يسيطر "الحوثيون" التابعون بدورهم للولي الفقيه على جزء أساسي منه.