ربما أنّ أسوأ ما أوجع قلوب الجزائريين وبعض أشقائهم العرب هو أنّ إحدى الفضائيات الجزائرية الخاصة قد نقلت عن عضو سابق في البرلمان الجزائري إتهامه لشيخ المجاهدين وكبيرهم الأميرعبدالقادر الجزائري بأنه "خائن"، والعياذ بالله، وأنّ هذا نفسه وإياه قد وجه أيضاًهذه التهمة نفسها إلى الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين وإلى مصالي الحاج الذي هو أحد رموز هذه الثورة العظيمة وحقيقة أنّ هذه التهم "الخسيسة" لم تسعد إلاّ أحفاد المستعمرين الفرنسيين وأحفاد عملائهم الذين كانوا قد قاوموا تلك الثورة العظيمة التي تصدت لإستعمار إستمر لـ 132 عاماً وقدم خلالها الأبطال والبواسل أكثر من مليون من الشهداء الأبرار.
وحقيقةً أنه عندما يتجرأ جزائريٌ، وهو إبن شهيدٍ كبير، على أن يتهم وبعد كل هذه السنوات الطويلة شيخ مجاهدي الثورة الجزائرية العظيمة الأمير عبدالقادر الجزائري وأيضاً قائد ثورة الجزائر هواري بومدين وأحد كبار رموزها الذي هو مصالي الحاج فإنّ هذا يعني أنه إنحطاطٌ أخلاقيٌ قبل أنْ يكون إنحطاطاً سياسياًّ وأنه ما كان يجب الإكتفاء بعقوبةٍ من المؤكد أنّ مليوناً من الشهداء ستعترض أرواحهم الطاهرة عليها.
ثم وإن ما تجدر الإشارة إليه هو أنّ هذا قد ذكّرني بأنَ مارقاً من إحدى الدول العربية التي كان الفلسطينيون قد ساهموا في بنائها عندما كانت مجرد قريةٍ صغيرةٍ ولا توجد فيها حتى ولا مدرسة إبتدائية، قد وجّه لهذا الشعب أيّ الشعب الفلسطيني كلاماً نابياً وإنه إدّعى أنه لم تكن هناك مقاومةً فلسطينية ولا شهداء فلسطينيون وأنّ من أعتبروا قادة فلسطينيين كانوا مجرد تجارٍ ومهربين قد عاثوا فساداً في بيروت وفي العديد من العواصم العربية!!.
وبالطبع فإنّ هذا الذي إمتطى صهوةَ إحدى الفضائيات ليوجه إلى الشعب الفلسطيني وإلى القيادة الفلسطينية كلاماً لم يوجهه إلى هذا الشعب وإلى هذه القيادة حتى الأكثر تطرفاً من الإسرائيليين الذين ذاقوا الأمرّين ولا زالوا يذوقونه على أيدي مجاهدي هذا الشعب العظيم المجاهدٌ والذي بقي يتمسّك بكل ذرةٍ من تراب وطنه فلسطين وعلى مدى كل هذه السنوات الطويلة منذ عام 1948 وقبل ذلك وحتى الآن.
والواضح أنّ هذا "الآنف الذكر" الذي تجاوز حتى كبار الصهاينة في شتم الشعب الفلسطيني والإساءة إليه لا يعرف أنّ عدد شهداء هذا الشعب قد تعدى مئات الألوف وأنّ هذا ينطبق أيضاً على نزلاء السجون الإسرائيلية ولسنواتٍ طويلة وأنّ كبار القادة الفلسطينيين الذين إستشهدوا من أجل فلسطين على رأسهم ياسر عرفات (أبو عمار) وخليل الوزير (أبو جهاد) وصلاح خلف (أبو إياد) وكمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار وأبو علي (مصطفى) ووديع حداد وغسان كنفاني وغيرهم كثيرون.. وحقيقةً أنّ هذه السلسلة طويلة جداًّ وكان في بداياتها الشهيد الكبير عبد القادر الحسيني.. رحمهم الله جميعاً.