إنتهت الإنتخابات الإيرانية الثالثة عشر منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 بفوز مرشح المرشد خامنئى إبراهيم رئيسى. ليكون ترتيبة الرئيس الثامن. بمشاركة شعبية ضعيفة بلغت نسبة ال49 في المائة مؤشر على أن الناخب الإيراني لم يعد يعنيه من يكون الرئيس، ومظهر من مظاهر اللامبالإة السياسيه، وان الهدف من الإنتخابات مجرد إصباغ قدر من الشرعية السياسية على منصب الرئيس الذى لا يعدو أن يكون موظفا عاليا عند المرشد. وهذا الفوز لم يكن مفاجئا بل متوقعا بعد قيام مجلس صيانة الدستور بإستبعاد الكثير من المرشحين الذين كانت حظوظهم أكبر. ولا يمكن فهم منصب الرئيس ومكانته إلا في سياق وضعه في النظام السياسى الإيراني الذى يتلخص ويتمحور حول منصب المرشد. الإصل في النظام السياسى ومع تعدد مؤسساته الذى بيده كل السلطات والصلاحيات بيد المرشد، فهو نظام ثيوقراطى يحكمه الملالى، ومن ثم التقسيم بين محافظ ومعتدل وأصلاحى قد يكون شكليا. الرئيس هو وجه إيران للخارج، وهو من يحضر المؤتمرات الدولية ويلتقى بالرؤساء ويقوم بإستقبالهم، لأن المرشد لا يمكنه أن يقوم بهذا الدور. وعليه الرئيس هو رسالة إيران التي تريد أن ترسلها للعالم، رسالة التشدد او المرونة السياسية، يبدو أن المرشد الذى أقترب به العمر يريد من يخلفه من نفس المدرسة، وان يرسل أيضا رسالة للعالم أن موقف إيران ثابت غير قابل للتغيير، وهذه الإنتخابات تأتى مع الإنتخابات الأميركية ووفوز إدارة بايدن الديموقراطى وأيضا مع الإنتخابات الإسرائيلية التي أسقطت حكم نتانياهو ، أيضا رسالة للمحيط العربى والخليجى عن ابعاد السياسة الإيرانية المستقبلية التي لا تقبل المساومة أو التنازل. وما يميز هذه الإنتخابات الإيرانية وقد تكزن سببا وراء إختيار رئيسي أنها تأتـى في ظل تحديات سياسية إقليمية ودولية وداخلية قد تفوق قدرات النظام السياسى على الإستجابة والتكيف وتعرض النظام السياسى للخطر، والحفاظ على النظام الملالى يعتبر الإولوية العليا بل أن إمتلاك القدرات النووية قد يقف وراء الحفاظ على النظام من السقوط. أبرز هذه التحديات العودة للإتفاق النووي وإصرار إيران على عدم المساس بالإتفاق الإصلى ورفع العقوبات أولا والتي تشكل المنقذ للنظام. والتحدى الثانى الحرب المعلنة وغير المعلنة بين إيران وإسرائيل والتخوفات من الذهاب لخيار الحرب الشاملة التي تحاول إيران تجنبها حفاظا على نظامها وقوتها. وإلى جانب ذلك الخلافات الإيرانية العربية وخصوصا العلاقات مع السعودية بسبب التدخلات الإيرانية افى المنطقة وأبرزها اليمن والعراق وسوريا. وبسبب هذه التحديات قد تكون رغبة المرشد خامنئى في تولى مرشحه رئيسى لهذا المنصب ليشكل معا كتلة سياسية واحدة بإكتمال المتشديين للسيطرة على باقى المؤسسات والسلطات القضائية والتشريعية والحرس الثورى والجيش. هذا ومنصب الرئيس كما في سياق النظام السياسى الإيراني دوره خارجى أكثر منه داخلى كما أشرنا. فهو المتحدث الرسمي لخامنئى والناطق بإسمه عالميا. وإدارة العلاقات الخارجية لإيران بمساعدة وزير خارجيته. ورئيسى هو الرئيس الثامن لإيران، فأول رئيس لها بعد الثورة في عهد أبو الحسن بنى صدر 1980-1981 وحمل بعض التصورات الليبرالية المعتدلة بحكم وجوده في فرنسا. وأجبر على الهرب وترك المنصب. والرئيس الثانى محمد على رجواى 1981 ولم يكمل عامه بسبب إغتياله. فى سابقة سياسيه. والثالث خامنئى نفسة والذى حكم فترة ممتدة من 1981 على 1989 ومعها بدأت مرحلة الإنتظام في المنصب. والذى اصبح مرشدا اليوم ويريد أن يكرر نفس السيناريو مع رئيسى. والرئيس الرابع هاشمى رفسنجانى 1989_1997 والخامس محمدخاتمى 1997-2005 والذى عرف بالإعتدال وسعيه للحوار والإنفتاح على الإلخرين. ثم مرحلة التشدد مع احمد نجاد الرئيس السادس 2006-2013 وفى عهده شرعت إيران في بناء قوتها النوويه. ثم مرحلة الإعتدال المرن مع الرئيس السابع حسن روحانى 2013-2021واليوم العودة للتشدد من جديد بفوز رئيسئ لتبدأ مرحلة جديدة من العلاقات السياسية لإيران مع العالم الخارجي. ويبقى السؤال هل من تداعيات سياسية لنهج التشدد والتصلب الإستراتيجى الذى تتبناه إيران؟وكيف سيتعامل العالم مع يران ورئيسها المتشددوالذى سجل له أنه وافق عام 2019 في رئاسته للقضاء بالموافقة على إعدام تسعة أطفال ؟والخلاصة وصول رئيسئ رسالة للعالم أن إيران لم تتغير في سلوكها والذى تحكمه الرغبة الإمبراطورية والإستعلاء القومى والحفاظ على نفوذها الإقليمى، قد يكون تشددا ظاهريا أكثر منه واقعيا في عالم تحكمه موازين قوى، وتحولات إقليمية لا تستطيع إيران مواجهتها بسياسة وإستراتيجية النعامة التي لا ترى الإ نفسها.