أهلًا أيها المَجَاز هناك ارتباطٌ وثيق بين المَجَازِ ومعتنقيه.. المجاز -بكلّ مجالاته مقيّدًا أو مرسلًا أو عموميًا أو خصوصياً وتحت أي معنى يكون- نزهة بلاغية، ومرعىً خصب للكاتب والقارئ.
لذلك أستميحكم عذرًا في هذا الانفلات من القيد الكتابي الذي اعتدت عليه.. وربّما أكرّره أو أتوب عنه.
للأيام الصعبة رائحة البنج المخدّر.. يرتدي فيها الأحد معطف الطبيب.. يمرر بقية الأيام على جهاز الأشعة، يمر الخميس تحت الجهاز وصدره مليءٌ بالنتوءات والوجع، الاثنين يسعل بشدة يبدو أنه بات ليلة البارحة وحيدًا في الخارج.
وأما الجمعة فملقىً على السرير، وبالكاد حقنة الوريد تعيد له توازنه.. يتفقد الطبيب الثلاثاء يبدو مثل رجلٍ غريب، شاحب الملامح كسير المحيا هناك بعض بقايا الربيع على كتفه.
للأيام الصعبة ذاكرةٌ قوية، يصبح المجاز فيها هو الضوء في آخر النفق، النار التي ترفرف على العلم، المنارة التي تقهر العواصف وتلّوح للسفن..
المجاز ليس ترفًا ولا ترّهات شعراء ولا شطحات كُتَّاب، إنه مثل المخلوقات الوهمية التي حكى عنها بورخيس، تلك التي تظهر في الظلام، ثم تختفي فجأة.
شخصيًّا أتعامل مع المجاز كما يتعامل خُبراء تفكيك المفخخات بحذرٍ وخوف، أخشى أن أمر بمجازٍ عظيمٍ في لحظةِ سهوٍ فتنفجر بي ذكرى قديمةٍ موجعة، فتتشظّى روحي، ويتفتّتُ قلبي.