صدر خبر ادراج بريطانيا لحركة حماس ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، في جميع المواقع الاخبارية، الدولية منها والمحلية، مع زخم هائل من التحليلات والقراءات في مسألة التوقيت والجدوى وكانت حماس من اول المعلقين على هذا القرار واصفة قرار بريطانيا بأنه يمثل سياسة الازدواجية في المعايير في تعاملها مع المقاومة والاحتلال، كما ان هذا القرار يغض الطرف على انتهاكات الاحتلال المتكررة ازاء شعب القطاع، وذهب بعض المقربين للحركة عبر المنابر الاعلامية الى أبعد من ذلك، محاولين ربط هذا القرار بأن دولة الاحتلال قد مارست ضغطا مباشرا على وزيرة الداخلية البريطانية التي تربطها علاقات متينة مع حكومة بينيت أفضت إلى اتخاد هذه خطوة الجريئة.
اتجهت بريطانيا في خطوة مغايرة لوجهة نظر الاتحاد الأوروبي الذي يراهن على ضرورة ان يكون هناك ترتيب للبيت الفلسطيني بإحداث مصالحة بين حماس وفتح لأنها أدركت بأن حماس لا تأبه للمصالحة الفلسطينية بقدر ما تفكر بحرص شديد على ابقاء علاقاتها مع إيران التي ترى أن نفوذها في القطاع سيبقى أقوى مع حماس، ولهذا ربط بعض المحللين الخطوة بأنها جس نبض لإيران قبل الدخول في مفاوضات جدية بخصوص الملف النووي من خلال ضرب أحد ادرعها في المنطقة والتحرك لكف نشاط حلفاءه في أوروبا.
لقد كان من المتوقع في الأساس ان تقوم العديد من الدول الأوروبية بحذو هذه الخطوة خاصة وأن حماس هي من بادرت بفتح جبهة مع الاحتلال بعد ان وقعت أحداث الشيخ جراح، وكانت هذه الخطوة غير محسوبة العواقب وبالا على القطاع وجلبت مزيدا من المعاناة وكثيرا من الشكوك حول الترسانة التي تمتلكها الفصائل في غزة، لقد استدعى موقف مصر بالدخول في وساطة لتتبيث الهدنة تريث الاتحاد الأوروبي في قراره بتصنيف حماس كحركة ارهابية، لعل حماس تستجيب لطاولة المفاوضات وتتيقن الى ضرورة تغيير الموقف الاستراتيجي بما يذهب الى تتبيث الهدنة، استئناف مشاريع الاعمار،حل مشكلة البطالة، والسعي الى مصالحة فلسطينية حقيقية طويلة الأمد.
وبغض النظر ما اذا كانت اسرائيل وراء هذا القرار البريطاني والذي أستبعد أن يكون لها دخل فيه نظرا لأن الشارع البريطاني لا يتسامح مع الإملاءات الخارجية، ولأن وزيرة الداخلية البريطانية ليست بمستوى السذاجة لترضي اسرائيل وتجلب الغضب الشعبي وتحرك المنظمات السياسية والحقوقية ضدها غي بلد تعرف فيه وسائل الاعلام حرية كاملة، الا أن هذا القرار لا يعتبر أمرا مفاجئا مادام سلوك حماس باق كما هو عليه وبأن الأولوية للتسليح وتقوية الجناح العسكري على حساب التنمية والإعمار ومساعي السلام، بل ربما سيحرك الأمم المتحدة لتصنيفها كحركة إرهابية ما دامت ترفض الانتخابات وتدير ظهرها للمصالحة مع السلطة الفلسطينية وتركز على الشق العسكري أكثر بكثير من الشق السياسي وتختار لغة التصعيد كلغة لكسب تنازلات من الاحتلال وهذا ما وظفه الاحتلال في صالحه في كل مرة تخرج حماس للتعليق بأنها سترد وستدمر وستزعزع إسرائيل، لم يفلح الجناح السياسي أبدا في حركة حماس لكسب حلفاء كبار مثلما تفعل السلطة الفلسطينية، بل ظلت الخطابات السياسية للحركة تراوح مكانها وتكتفي حماس دائما بلوم خصومها واعتبارهم يعتدون على المقاومة في حين انها تعلم بديهيا أن المجتمع الدولي لا يصفق للمقاومة ولا يأبه لما تقوله حماس ما دامها تستمر في الوقوع في أخطاء بدائية وما دامها تعول على سلاح ايران لقلب المعادلة.
ربما كان للحادثة الأخيرة التي وقعت في بريطانيا والتي صنفت كعمل ارهابي، وقع كبير على الشارع البريطاني، وهذا استدعى التضحية بحماس لعودة الثقة في مؤسسات بريطانيا الأمنية على انها تسيطر على الوضع تماما ولا تسمح لأي جهة تتبنى فكر مسلح بأن تتواجد على أراضيها لتكسب بهذا الإجراء بعضا من الثقة في شعبها بأنه لا مكان للمنظمات المشبوهة والتي هي على قرابة مع أنظمة ترعى الارهاب بأن تتواجد على أرض بريطانيا خاصة وأن التنسيق الأمني بين بريطانيا وفرنسا قد اضطرب قليلا مما يشكل امكانية مرور بعض الخلايا الارهابية على طول الحدود مع هذه الاخيرة.
قد تفتح بريطانيا الشهية لدول أخرى في تصنيف حماس كحركة إرهابية، التي تراهن على الملف الأمني لغايات تعزز ثقة شعبوها وشعورهم بالأمان ولتحقيق غايات انتخابية، وبالتالي قد يزداد الخناق على مهاجري غزة المقيمين في الخارج والذين تربطهم علاقة مع حماس من قريب أو بعيد وبهذا سيصبح مواطنو القطاع والمتواجدون خارجه أيضا في عزلة وعرضة لمتابعات أمنية أو حتى للتنصت، لمجرد كتابة اسم الحركة في الهاتف أو ما شابه.