كان هناك توافقاً بين بعض القوى والأحزاب السياسية العربية ومعها بالطبع معظم التنظيمات الفلسطينية وبخاصة "اليسارية" على أنه من حق "الأكراد" وتحديداً في العراق أنْ تكون لهم دولتهم المستقلة ومثلهم مثل شعوب وقوميات هذه المنطقة، إنْ الآسيوية وإنْ الإفريقية، لكن هذا "الحق" ما لبث أنْ تلاشى وأختفى وحلّ محله إنْ "إكتفى" القائد الكبير مسعود البارزاني ومعه التشكيل الكردي الآخر بالإنخراط في هذا النظام العراقي وإتخاذ مراكز ومواقع قيادية فيه.. "وكفى الله المؤمنين شر القتال"!!.

لقد بقي "الملا" مصطفى البارزاني يحمل راية إقامة الدولة الكردية المستقلة لسنوات طويلة وقد ذاق الأمرين من أجل أن تكون لأبناء شعبه وبخاصة في العراق دولتهم القومية وتجدر الإشارة هنا إلى أنه قد إضطر تحت الضغط الذي قد مورس عليه من قبل الأنظمة العراقية المتلاحقة إلى اللجوء إلى الإتحاد السوفياتي ومعه بعض كبار رفاقه ولسنوات طويلة!!.

إنّ مشكلة أكراد العراق الذين كانوا يحظون بالكثير من التأييد العربي، أحزاباً ودولاً، والذين أظهرت حتى بعض الأنظمة العراقية، ومن بينها حتى النظام البعثي إستعدادها لأن تكون لهؤلاء إن ليس دولتهم القومية المستقلة فحكما ذاتياًّ فيه الكثير من مواصفات ومعطيات الدولة المستقلة وكأي دولة من دول هذه المنطقة ومن بينها لبنان.. ولاحقاً من بينها الدولة الفلسطينية التي كانت ولا تزال تحتل مكاناً فاعلاً في الجامعة العربية.

وهنا فإنّ ما بات معروفاً هو إنّ ما يحول دون أنْ تكون " للكرد" دولتهم المستقلة هو أنّ الدولتين المجاورتين الرئيسيتين، أي إيران التي كانت خمينية وأصبحت "خامنئية" وبالطبع والتي كانت "شاهنشاهية"، وتركيا "الأردوغانية" وقبل الأردوغانية بقيتا ترفضان أن تكون لأكراد العراق دولتهم خوفاً من أنْ تنتقل "العدوى" الإستقلالية إلى "أكرادهما" الذين يشكلون الأكثرية بالنسبة لهذا الشعب الذي من حقه أن يقرر مصيره "القومي" وأن تكون له دولته القومية الموحدة.

وهكذا فإن مسعود البارزاني عندما يتخلى عن هدف إقامة الدولة الكردية ويقبل بالإنخراط في النظام العراقي وفي هذه الدولة العراقية التي يشكل فيها مقتدى الصدر رقماً رئيسياًّ "مذهبياًّ" فلأنه أدرك أن هذه "الإيران" ومعها تركيا لا يمكن تقبلا بإقامة دولة لأكراد العراق لأن عدواها ستنتقل حتماً وبالتأكيد إلى "أكرادهما" الذين يشكلون الأغلبية القومية الكردية في هذه المنطقة وفي الشرق الأوسط بأسره!!.