ما زال العراق منذ إعلان نتائج الانتخابات يعيش حالة الطوارئ بانتظار الولادة العسيرة؛ أغلبية وطنية أو اغلبيه توافقية، ومازال الشعب يعيش فوق المزابل والمستنقعات بفقر مدقع، وحالة يأس من القادم المجهول. لا مبالاة لما يجري من صراعات مصابة بجرثومة السلطة وتوزيع المغانم، حيث صداع مزمن في رأس الشعب لا يتوقف بأدوية الأحزاب، وقناني التخدير، وخرقّها الخضراء أو البيضاء للشيوخ والأولياء.

شعب يائس من حياته العبثية، ومن الذين صنعوا له ديمقراطية الموت والجوع والفوضى السياسية. فلا تهمه اليوم مصطلحات الأغلبية أو التوافقية أو الأفضلية أو الشرقية والغربية، وما سيستجد من مصطلحات توفيقية بعد المناورات، والألعاب السياسية الظاهرية والباطنية. ما يهمه اليوم أن تنتهي "عزيمة الهريسة" و"عشب الدارسين" الإيراني والتركي والأمريكي ليستريح من ضوضاء الأصوات القبيحة، ورائحة الدارسين العفنة.

ما يجري اليوم من صراع ليس جديدا على الشعب المقهور، ولا هو علامة صحية، بل هو مرض مزمن متجذر بالجينات والخلايا الجذعية. وبمنطق الطب هي غدة درقية تفرز هرمون الحكم والجاهلية، وتدوير الوجوه المتشابهة بعيد عن شعار "المجرّب لا يجرب“. فالمجرب السياسي “لصقة جونسون" غير قابل "للشلع والقلع“؛ مطاط مقاوم للحريق والاشتعال، لا تستطيع مسكه ولا تقدر لمسه، كريه الرائحة، لا لون يستدّل في شكله، ولا فيه نور الله ورسوله وأئمته الصالحين.

لا يسعك وصف ما يجري اليوم سوى بالكارثة؛ مرادفات سياسية بالكلمات المتقاطعة، بلا برامج ورؤى في هندسة الحياة السياسية، فلا حزب قدم لنا برنامجه السياسي لحل مشكلات الوطن والشعب، ولا أحد رسم لنا خريطة الحياة والمستقبل، وأنقذ البلد من براثن الفساد المزمن ومفسدة السياسي الذي سيعود لنا بقناع جديد. هناك حميّة السلطة والجاه تتغلب على مطالب الشعب. وجياع تنام على زبد الوعود، وعسل الكلام، وظلم الأقربون والأبعدون.

بالمختصر، ما نراه في السماء إلا سحابة سوداء لا تمطر لنا سوى الفقر والدم، ورصاص الموت، وكاتيوشا تعبث بالسماء والأرض، وصواريخ عبثية للفوضى والدمار. وما يجري في السر والخفاء، صراع سلطة وتقاسم وزارات، واستحداث وظائف جديدة لنواب الرئيس القادم ولرئيس الوزراء المنتظر، ونكد سياسي معطر بالتوافقات المصلحية، وتثبيت مواقع سياسية للاختباء وراءها بهدف الحصانة خوفا من فتح ملفات سرقة المليارات الذاهبة للجيوب والدول.

هناك من يقول بأن قارب الأغلبية ممتلئ للبحث عن مفتاح خزائن ملوك الفساد. فلا مكان لهذا القارب لأصحاب التوافق غير السفر إلى إيران حيث هناك "ملك لا يظلم عنده أحد"! وهناك من يقول بلغة الحدس وتراكم التجارب، بأن السياسة مصائد، وأخلاق ساقطة، وما يجري هو توريط للآخر، وكشف لأوراقه ونياته المبطنة. فلا أحد يصدق إن إيران غير قادرة على تحريك الدمى، وقطع أصابع العابثين بالمصالح والمغانم!

ما يجري مزعج بالوقائع والبيانات والتغريدات والتدخلات الشيطانية والرسائل الأجنبية، لأن 80% من الشعب الذي قاطع الانتخابات لا يرضيه ما يجري من صفقات، وعودة للوجوه القديمة تحت يافطة الأغلبية أو التوافقية. فما يحدث بهلوانيات سياسية أنفاقها مظلمة، وأبوابها مغلقة، وأسرارها الغاز تشبه لعبة الكلمات المتقاطعة.

#هاشتاك / لا لتدوير الوجوه ...أنا يائس!