اليكم التالي: نتيجة الحروب المتعددة ابان النظام السابق واستمرار اعمال العنف والارهاب طيلة السنوات التي اعقبت التغيير، اصبح نظام التعليم في العراق، الذي كان موضع حسد دول الشرق الاوسط في حالة مزرية. فقد حول العنف وانهيار البنية الأساسية في المدارس والنزوح الكبير للتلاميذ والمدرّسين العديد من المدارس العراقية الى انقاض مزدحمة كريهة الرائحة مما يعرض للخطر مستقبل ملايين الأطفال ممن حُرموا للعديد من الاسباب من استمرار التعليم والدراسة (انتهى الخبر)

عندما نتكلم عن التعلم والتعليم تأخذنا الدهش للمحاور الرهيبة التي لها تأثير جامد على التعليم، هذه العوامل منها نظيفة تهدف إلى بناء تعليم أمة بأحدث الطرق والوسائل، ومنها الأغراض الخبيثة التي تعيق العملية التربوية لتمنع جيل أو بالاحرى أجيالا من التنوير والتعلم وهذا يعتبر جريمة كبرى لا يختلف حولها اثنان.

لقد كان نظام التعليم العراقي من أقوى النظم التعليمية في الشرق الأوسط، لقوة مناهضة ومدرسيه والنظم والقوانين التي تحرص على مصلحة الطالب فوق كل اعتبار، لكننا الآن نعيش نكسة بل كارثة تعليمية في هذا العراق الأصيل، نقص حاد في الابنية المدرسية، ونقص أكثر حدة في الكادر التعليمي المؤهل، تفتيت المناهج التربوية والتعليمية وتسليمها حسب المحاصصة لمن لا يفقهون معنى التربية والتعليم. اصبح معظم أطفالنا وبناتنا شغيلة في عمر مبكر لغياب الإشراف من قبل وزارة التربية، وأنا هنا لن أتكلم عن وزارة التعليم العالي لان الكارثة افجع، عندما قررت أن اكتب عن وزارة التربية ومنجزاتها التي لا تغني ولا تسمن من جوع لم اترك بحثا أو قصاصة ورق أو أي تطورات هزيلة كي استند عليها في مقالتي. كتبت عن الأمية المتفشية بين الشعب العراقي وهذه كارثة في إخراج العراقي من القارئ إلى الذي يبصم بأصابعه.. يقول الدكتور حسين الحمداني في مقالته

التعليم في العراق - المشاكل المنشورة منذ "أتيحت لي فرصة استقراء أفكار المعلمين الذين كلفنا بتدريبهم ووجدت من الضروري جدا أن أوظف ما عندي في البحث عن أهم المعوقات التي تحول دون استخدام طرق التدريس الحديثة في مدارسنا ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها، وبما أن العملية التربوية لا تقف عند المعلم وحده بل هنالك جهاز متكامل هو الجهاز التربوي الذي يلعب دوراً خطيراً في تربية أجيالنا، وتوجيههم الوجهة الصحيحة، وإشباعهم بالمفاهيم الديمقراطية، بكل جوانبها تتطلب منا اليوم العمل وبأقصى سرعة، وبكل ما نستطيع من جهد لمعالجة هذا الخلل الخطير في جهازنا التربوي إذا شئنا أن نخلق أجيالاً جديدة قادرة على التواصل مع العالم وسد الفجوة العملية".

فهنا يكمن الخطر الذي بدا يعاني منه العراق وهو الفراغ التعليمي من جميع مناحيه وذلك لتمزيقها إكراما لعيون المحاصصة والطائفية والركوب على ظهور الطلبة والأجيال القادمة في عدم القدرة على توفير ابسط مستلزمات التعليم. لقد دخلنا القرن الواحد والعشرين والعالم يرفل بأحدث المباني المدرسية وأرقى النظم التعليمية والصفوف المكيفة والطاولات المجهزة بكل وسائل الراحة التي تساعد الطالب على التركيز، وأجهزة الكمبيوتر وكل أنواع التكنولوجيا وما زال العراق الغني جداً يعاني من نقص حاد في الابنية المدرسية حتى تحولت المدارس إلى أكواخ كمدرسة بني الرحمة الابتدائية النموذجية، وهناك الكثير على هذه الشاكلة من المدارس الخالية من الذوق واللياقة والشروط الصحية.

يقول سجاد السيلاوي في بحثه مشاكل التعليم في الوطن العربي وأخذ العراق كنموذج لبحثه حيث يقول:

"ان ما يواجه المجتمع العراقي الانحدار السريع نحو الامية وتدني مستوى التعليم فيه مما يجعل ارتفاع مستوى التخلف مقابل انخفاض مستوى التعليم الراقي، حيث لا يمكن اجراء أي مقارنة بين التعليم في الوطن العربي وجيرانها كايران وتركيا واوربا او الدول المتقدمة جداً كأمريكا وكندا. أن مشكلة التعليم في العراق بات مرضا لا يمكن علاجه الى بوجود استراتيجية بعيدة المدى نحو تنمية موارد بشرية عموديا وافقيا، نبدء بها من التعليم الابتدائي ومرورا بالمتوسط والاعدادي وصولا الى التعليم الجامعي".

ويقول وليد جبار زاجي من تربية الناصرية بان "عملية التعليم في العراق عبر وزارة التعليم العراقية، وحسب تقرير اليونسكو، أن العراق في فترة ماقبل حرب الخليج الأولى عام 1991 ميلادية كان يمتلك نظام تعليمي يعتبر من أفضل نظم التعليم في المنطقة، تقدر نسبة المسجلين في التعليم الإبتدائي بما تقارب الـ 100%، كذلك نسبة عالية للقادرين على القراءة والكتابة".

فما الذي حصل يا ترى؟ ينص الدستور العراقي المؤقت لعام 1970م أن الدولة تضمن حق التعليم المجاني في جميع المستويات ـ الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي ـ لجميع المواطنين.

والتعليم الابتدائي إلزامي ومحو الأمية الشامل هدف أساسي، وتعتبر الحكومة مسؤولة عن وضع السياسات التعليمية والإشراف عليها وكذلك تمويل التعليم وتطوير وتنفيذ البرامج التعليمية. فما الذي حصل والذي أدى إلى التدهور الخطر في نظام التربية والتعليم العراقي؟ أن سلبيات المرحلة التي تمثلت بكثرة العوائق كالاضطرابات الأمنية، وعدم جاهزية المدرسين والإداريين، وقلة خطيرة في عدد المدارس، حيث وصل عدد الطلاب في الشعبة الواحدة إلى أكثر من خمسين طالب وهذا مما أثر سلبا على تركيز الطلبة وكثرة المشاكل بينهم، فقد حول العنف وانهيار البنية الأساسية في المدارس والنزوح الكبير للتلاميذ والمدرّسين العديد احال المدارس الى انقاض مزدحمة كريهة الرائحة مما يعرض للخطر مستقبل ملايين الأطفال ممن حرموا من نعمة التعليم للعديد من الاسباب التي أدت إلى استمرار التعليم في الاستمرار بالتراجع الخطير..

ان مشكلة التعليم تكمن في انعدام تواجد الاستراتيجية، وفي التفاصيل الدقيقة اللازمة في نهضة العملية التعليمية المتعلقة بكفاءة المعلمين والمناهج والخدمات. كما أن التعليم لن يأخذ الكثير من الاهتمام في الخطاب الرسمي والمشاريع والأموال خلال العامين الماضيين، فقد حدث تطور ملحوظ في هذا المجال حيث اتبعت الحكومة العراقية منهجية جديدة في خدمة هذا القطاع تتمثل في بناء وترميم المئات من المدارس والجامعات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل سيؤدي ذلك الى تحول نوعي في قطاع التعليم؟

لقد اوصلت العملية السياسية التي خلقها الاحتلال 2003 العراق إلى طريق مسدود ومازق متأزم، مما أدى هذا المأزق إلى أحداث شلل كامل في إعادة بناء النظم الأساسية في كل مفاصل المجتمع لأسباب عديدة كما ذكرت في المقدمة والتي تعود إلى المحاصصة والطائفية وتوزيع المناصب والوزارات الخدمية والأمنية إلى الشلل التي حولت العراق إلى ملكية خاصة لها تنفق على احتياجاتها وبعثرة أموال الشعب ونهبها وتكديسها بحساباتهم الخاصة وسحب معظم وبالأحرى كل العملية السياسة إلى خندق عفن لا يمكن ردمه إلا إذا ابتلع من فيه والتوجه إلى إعادة بناء المنظومة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من جديد حتى لو أخذت زمنا لكنها ستبنى .ان من اهم مقومات أي وطن هو التوجه إلى العملية التعليمية ورفع مستواها لانها الممثل الحقيقي لرفع مستوى أي شعب في العالم، ان الإهمال المتعمد التي تعاني منها جميع مفاصل المجتمع العراقي مع الحكم الحالي لهو عملية واضحة لإنهاء كيان شعب له تراث علمي وثقافي لا يمكن القضاء عليه. ان التفكير في إصلاح العملية التعليمية في العراق قد اصبح خرافة، لقد ضاعت مليارات الدولارات منذ الغزو المدمر ولن نرى تحقيق جزء من هذه الخرافة. أننا بحاجة للتخلص من إلتوزيع الطائفي للوزارات وخاصة ذات العلاقة بمصير العراق كالتربية والصحة وتسليمها لذوي الكفاءات القادرة على تقديم افضل الخدمات لرفع مستواها و منع الجهلة من التدخل في مجريات الأمور المتعلقة برفع قدرات العاملين في الجهاز التربوي، والمتشدقون بالمقولة البالية " نحن مسكنا الأمور ولن نجعلها تضيع من أيدينا" حتى لو قبلنا بهذا فما على الحكومة المتهرئة هو النظر إلى مصلحة الشعب ومستقبل الأجيال التي سحقها الاحتلال وممثليه وترك النظرة والتصرف الفردي الأناني وعدم سلب ونهب ممتلكات الشعب وتوجيه كل الطاقات لبنائه لو اردنا ان نخرج من خانة الأمية والبطالة والفساد والطائفية المقيتة.