قد لا يوافقني البعض، وهذا من حقهم، بأن الرفيق السابق فلاديمير بوتين وليس فلاديمير لينين، عندما ينتقد وفقط المواقف الأميركية، مواقف واشنطن، حيال مسألة أوكرانيا وتايوان، وأن المشكلة، أيّ مشكلة، أنه لا يستطيع أن يفعل أكثر من هذا وحقيقةً أن الانتقاد مجرد الانتقاد قد يكون كافياً بالنسبة لعالم أوروبي على وجه التحديد: "اختلط فيه الحابل بالنابل" وحقيقة أنه يوجد حابلاً.. ولا يوجد نابلاً!!

وبالطبع فإنه كان على رجل قد ورث مسيرة الاتحاد السوفياتي العظيمة جداًّ وهذا بالنسبة للعالم اليساري والاشتراكي وليس بالنسبة للعالم المربوط في "زنّار" الولايات المتحدة الأميركية، أن لا يستغرب أن تكون واشنطن وراء كل هذه الصراعات الكونية وهذه النزاعات التي يصفها البعض بأنها عبثية وهذا غير صحيح.. وهذه مسألة تعتبر عنواناً لما يسمى الحرب الباردة.. وهذا مع أنها في الحقيقة حربا ساخنة.. وكنار جهنم!!.

وهنا يجب عدم الاستغراب أن يتهم الروس شركاءهم في هذا النزاع، الذي كان قد أشعل وهو في الحقيقة لا يزال يشعل، حروبا كثيرة وحيث أنّ العالم ورغم غروب شمس الاتحاد السوفياتي لا يزال في حقيقته منقسماً بين ما كان يسمّى شرقاً وما يسمى غرباً وأنّ الواضح وليس الملموس فقط أنه إذا كان الروس بدون الماركسية اللينينية وحكاية فلاديمير لينين و"الرفيق" كارل ماركس يقفون للعالم الغربي في منتصف الطريق فإن هذا يعني أن صراع العالم هذا ليس له علاقة بالماركسية ولا باللينينية وإنما بالمصالح التي أدت إلى كل هذه الصراعات والحروب التي من الواضح أنها إذا بقيت تسير في هذا الاتجاه فإننا سنكون بإنتظار حرب ثالثة ورابعة.

وعليه فإن حدود معسكرات عالم اليوم قد باتت واضحة وأنه عندما تبرز الصين وعلى هذا النحو وكل هذه القوة فإنه يعني أنه على الغرب الذي لا يزال يوصف بـ "الرأسمالي"، وذلك مع أن موسكو وبكين قد تجاوزتاه في هذا المجال، وهذا يعني أن هذا العالم الذي باتت تختلط فيه الأمور ويعاني من كل هذه الإنهيارات سيكون بحاجة إلى دولة كبرى تضبط أوضاعه وحقيقة أنّ الدولة المؤهلة لهذا هي الصين الشعبية.

إنّ صراع الكتل السياسية كان صراع نظريات وصراع أحزاب يسارية ويمينية لكن الواضح أنه سينتقل وقريباً إلى الخنادق فالدول في العادة لا تتقاتل بالبيانات بل بالصواريخ.. وربما بالقنابل النووية.. وكل شيء جائز في هذا العصر والعياذ بالله!!.