في اتصالي مع عدد من الأصدقاء المقيمين في الدول الأوربية، على وجه التحقيق، أفادونا على أن استمرار الحياة مع مواقع التواصل الاجتماعي الإنترنت صارت من الماضي، ومن بينها "فيسبوك" حيث يشوبه الكثير من المقت والضيق إلى درجة "القرف"!، وصاروا، إضافة إلى أصدقائهم وأصدقاء أصدقائهم يقلعون عنه، بعد أن مللوا منه ويحاولون طي صفحته ـ كما يؤكدون ـ ولم يعد يثير اهتمامهم لأنه صار مضيعة للوقت، على الرغم من الدور الايجابي الذي لعبه في الحياة، وفي تقريب وجهات النظر بين الأفراد.
إنّ منافذ التواصل الاجتماعي في "فيسبوك" الذي اعتدنا عليه لم يعد بالمقابل قادراً أن يُحقق جزءاً من رغبات الكثير من الشباب. دوره يقتصر على طرح أفكار مكرّرة لم يعد تنفع معها الأفكار الجديدة التي سيطرت على كثيرين منهم، وغير قادرين على تبنيها، وهدفهم هو تبني أفكار غيرهم وبدون أدنى رؤية لما يجري اليوم على الساحة من أحداث ما يرسمه الأصدقاء في "فيسبوك" الذي صار مثار سخرية للأغلبية منهم، وهو أصبح بمثابة ضياع وقت ليس إلّا.
وهناك من أخذ يتجاهل كثير من الأفكار المطروحة، والترفّع عن ردّ محتوى ما تتضمّنه المنشورات التي صارت تثير قلق الكثير من الشباب. الحياة بالمجمل صارت بحاجة إلى تفاعل أكثر مع ما هو معاش، وإن النظرة إلى هذا الواقع يلزمه صفاء ذهن، والتعايش مع كل ما هو جديد ونافع وتحقيق الرغبة التي يحاول الشباب أن تكون محطّ أنظارهم لا السعي وراء أوهام واشارات وطروحات فارغة لا هدف ولا منفعة من ورائها سوى ضياع الوقت!.
الحال في الواقع صار يشير إلى كثير من النظرات السيئة إلى ما يعوّق مستقبل الشباب اليوم ودورهم. ولم يعد الاهتمام بهذا الجانب يثيرهم كما كان قبل سنوات. الملل، تحسين ظروف الشباب العربي العاطل عن العمل بهدف الكسب المالي، كل هذا صار يأخذ مساحة كبيرة من تفكيرهم وحماسهم ورغباتهم ودافعم بعيداً عن "فيسبوك" والتعلّق به لساعات وساعات.
"فيسبوك"، صار بنظر أغلبهم على أنه من الماضي، وإن كان له فوائده وإيجابياته من خلال التواصل وكسر حاجز الصمت مع الأهل والأصدقاء، فضلاً عن معرفة أخبارهم ومشكلاتهم. وما هو مطلوب من الشباب اليوم كثير وكثير جداً. والتغيير الاجتماعي ما يحاولون تفعيله والركض باتجاهه من خلال الارتباط بزواج موفّق، والبحث عن سكن مستقل، عمل دائم، وكذلك الحصول على الجنسية، وهو ما يحاول أغلب الشباب الاجتهاد لجهة الحصول عليه دفعة واحدة، في مسعى لكسب الوقت، بدلاً من ضياعه سدى.
إنّ واقع الشباب اليوم في تراجع مخيف، والبحث عن العمل والسعي إليه هو أهم ما يحاولون السعي له وتجسيده على أرض الواقع. أما نظرتهم إلى فيسبوك والتعلق به صار من الماضي. الاهتمام بهذا التقليد خفّ كثيراً. كان يقضي الشباب جلّ وقتهم في متابعة ما ينشره الأصدقاء، ويقومون إلى جانب معارفهم بالرد على ما ينشرون، ويتسابقون في نشره وبصورة دائمة، وتركت تلك المشاركات كثير من المشكلات، وما زالت آثارها الاجتماعية لم تختفّ.. واختلف كثير منهم في هذا الإطار.
البعد عن "فيسبوك" صار هو ما يدعون له بدلاً من التعلّق به، وصار يتلمسه كثير من الأصدقاء، بالالتفات إلى مصالحهم الخاصة، والركض باتجاه ما ينفعهم ويرغبهم ويدفع بهم نحو تحسين دخلهم الشهري لجهة الزواج والاستقرار. الباحثين عنه أغلب الشباب في تلك الدول الأوربية بصورة خاصة، لأنه صار مكلفاً ويحتاج إلى مبالغ كبيرة للدخول في القفص الذهبي الذي يطمح به الشباب، وهذا ما صار يفكرون به وبجدية، مع مرور الوقت وقضاء سنوات في تلك البلاد بعيداً عن الاستقرار الأسري. العمل هو الدافع لأجل الكسب وتحقيق صرخة في عالم الأسرة. الزواج هو الحل.. هذا ما يحاولون تحقيقه، وهذا ما يُحيجهم إلى الركض هنا وهناك لتجسيد هذا الحلم بالنسبة لأغلبهم بدلاً من قضاء وقتهم الطويل خلف الموبايل، ومتابعة ما ينشر على صفحات التواصل، سواء "فيسبوك" أو "تويتر"، وغيرها من مواقع الإنترنت.
دعوى أطلقها العديد من الشباب على صفحات "فيسبوك" للبحث عما يفيدهم، ويدفعهم إلى ترك ما لا ينفعهم، والاسراع في التسابق مع الزمن لتحقيق رغبة مفيدة باتوا يطمحون إليها، وهي فرصتهم الذهبية ومطلب ملحّ في حياتهم بدلاً من الوقت الذي يهدر في اتجاهات غير نافعة، فالضرورة تقتضي المضي بالاتجاه الصحيح للوصول إلى الهدف. البحث عن المادة أولاً لكسر عديد من الحواجز التي تدفع بهم إلى الامتثال لواقع يدفعهم إلى تغيير وضعهم الاجتماعي والاقلاع من حالة العزوبية إلى الاستقرار والارتباط بزوجة، عسى وعل أن تجعل الكثير منهم يحسون بطعم الحياة التي فقدوها مع مرور الوقت بعد أن ترك أغلبهم الأهل والأصدقاء والمعارف.
التعليقات