شهدت الأيام المنصرمة احتفالات كبيرة في صفوف المعارضة الكويتية لتقدمها الواضح في مجلس الأمة، بعدما تم حله في الثاني من أغسطس العام الجاري بمرسوم أميري وبتوقيع من نائب سمو الامير سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وذلك بعد ساعات منأداء الحكومة الجديدة القسم الدستوري.

هذه الاحتفالات أزالت كافة النواب السابقين الموالين للحكومة، وعددهم 20 نائباً من المشهد الانتخابي، وأظهرت وبقوة صعود المعارضة بشكل يطغى على المشهد، كيف لا واذا كانت جزء من هذه المعارضة تلبس الثوب الإسلامي، حيث حصل النواب الشيعة على 9 مقاعد، فيما حصل السلفيون على 5 مقاعد، والاخوان المسلمون المتمثلون بالحركة الدستورية حصلوا على 3 مقاعد، أي أن ثلث النواب والبالغ عددهم 50 نائباً هم من الوسط الديني.

لكن المتتبع العام للتركيبة النيابية الكويتية، يرى أن مجلس الأمة القادم شأنه ومصيره شأن المجالس السابقة على مدار السنين الماضية، الحل وبلا رجعة، والسبب أن المجلس الجديد المكون من التيارات الدينية، سيكوم مجلساً معارِضاً في قلب المعارضة نفسها، وهولا يبشر بخير وسيتم حله بطريقة غير دستورية، ليس لأننا نحب الفُرقة، بل لأن الواقع يقول ذلك.

كما ونتوقع حل المجلس استناداً إلى الخطاب الذي ألقاه ولي العهد نيابة عن الأمير في نهاية شهر يونيو الماضي، والذي ألمح فيه بشدة إلى أنه ستكون عدة اجراءات ضد المجلس إذا عاد الكرَّة مرةً أخرى للتصادم والتأزم، ومن المحتمل أنه لن يُكمل 3 أشهر، لأن التكوينة السائدة عليه تشي بنوعٍ من المواجهة والتصادم، من خلال تشريع النواب قوانيين تتصادم والحكومة.

نتائج الانتخابات كشفت عن استعادة المرأة الكويتية حضورها ودورها البارز في المجلس الجديد بعد فقدانه بشكل صفري في المجلس السابق، وتربعت على العرش بمقعدين اثنينن التهما كل من المرشحتين جنان بوشهري وعالية الخالد، وبذلك قضَين على الفكرة الذكورية المحافظة السائدة في المجتمع، بعد تداول فتوى تحرم إعطاء الصوت الانتخابي لامرأة.

المعارضة الحالية تواجه شبح مكافحة الفساد والإصلاح الاقتصادي، مثل قضية تسعيرالخدمات المقدمة من الحكومة وقضية ضريبة القيمة المضافة المُصادق عليه من مجلس التعاون الخليجي والغير مطبق في الكويت، بالاضافة إلى أن الشعب الكويتي سيُملي على النواب إلغاء قانون (حرمان المسيء) القاضي بحرمان أي شخص من ترشحه لمجلس الأمة إذا تمت إدانته بجريمة تتعلق بالمساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الأميرية.

أما بخصوص الحكومة الحالية فستكون بلا غطاء، لأن المجلس السابق كان يرأسه مرزوق الغانم المحسوب بتأييده للحكومة، أما المجلس الحالي فهو بيد المعارضة التي ستتمكن من رئاسة ولجان المجلس، خصوصا وأن الحكومة لن تتدخل بانتخابات رئاسة المجلس.

لكن قوة المجلس مرهونة بقدرة نوابه ورئيسه على الالتزام بتوجيهات وتحذيرات ولي العهد في الخطاب الذي ألقاه نيابة عن الأمير في يونيو الماضي.

في الآونة الأخيرة، طفى على السطح مطالبات بضرورة وجود أحزاب سياسية تُنصَّب لها قوانين لتنظيم عملها، على طريقة العديد من التجارب الديمقراطية العالمية المعتمدة على التعددية الحزبية، ذلك أن هذا من شأنه تركيز مجلس الأمة على قضايا ذات أولوية تصبفي مصلحة المجتمع بشكل كلي، وهذا يعني انعدام أو تقليل الفساد والمحسوبية، بدلاً من تركيز كل نائب على مصالح شخصية يقاتل لأجلها.

ورغم المنازعات الغير منتهية بين الحكومة والنواب، تظل الكويت في تجربتها البرلمانية فريدة من نوعها عن باقي محيطها الجغرافي، لأنها الدولة الأوحد في منظومة مجلسا لتعاون الخليجي التي يستطيع مجلسها البرلماني الاعتراض على القوانين واستجواب الوزراء وسحب الثقة عن الحكومة، ونأمل أن يتم التوافق بين كافة الأطراف في ظل المجلس الجديد القائم على المعارضة، للوصول بالكويت إلى مصافِّ الدول المتقدمة إنسانياً وإقتصادياً وحضارياً.

#فضاءـالرأي